ثقافة وفن

نحو الغد .. كيف؟!

| إسماعيل مروة

يراهن كثيرون على أن الحياة السورية ستكون مختلفة، وهي ستكون كذلك، ولكن الخلاف سيكون في أمرين، أولهما سبب التغير، وثانيهما شكل التغير، أما سبب التغير فإن عدداً كبيراً من المحللين السياسيين يرون أن الحرب أثرت كثيراً في الحياة السورية، وفي الإنسان السوري، وأن ما حصل في الحرب سيغير من عادات وقناعات واعتقادات وتعاملات! لكن الحقيقة مخالفة تمام المخالفة لهذا الرأي، فقد تناقشت مع عدد كبير وشرائح عديدة، فما وجدت ما يتم الحديث عنه، والسوريون لم يغيروا شيئاً، وإنما انحاز أغلبهم إلى الانغلاق أكثر، وصار التصنيف أكثر عمقاً، ويتحدث فيه المثقفون، وبعض أصحاب القرار أكثر مما يتحدث فيه العامة، فما كان معلوماً وغير مرغوب قبل الحرب صار مسموحاً ومطلوبا في أثناء الحرب، وصار طبيعة وتسلّم الغالبية بها بعد الحرب! فماذا تعلمنا من الحرب؟ عرفنا بوجود مؤامرة، وبقينا نتمسك بأهدابها، ولم نعرف أن البقاء في الداخل أكثر جدوى! وعرفنا بوجود طبقة من المستفيدين والسماسرة والفاسدين، ومهّدنا لهم الأرض الخصبة للاستمرار والاستمراء، هذا ما علمتنا إياه الحرب! ببساطة شديدة لم نتعلم لأن الذين يمكن أن يتعلموا كانوا وقوداً، ومن يوقد النار بقي حريصاً على إيقادها..
الحروب العالمية، أو الحرب مع الكنيسة في الغرب، تعلّم منها الناس، فصارت الكنيسة بدورها واحترامها خارج المؤسسة السياسية، ونهض العلم، ودمّرت ألمانيا واليابان، لكنهما نهضتا بسبب ما تعلمتاه، فماذا تعلمنا نحن؟
أما شكل التغيير وهذا هو الأهم، فإن عدداً من المتابعين يضعون عناوين تشاؤمية للمستقبل، وبعضهم يضع صورة مشرقة تتفوق على صورة ألمانيا بعد الحرب، ولو استمعت إلى أحد الرأيين وستخرج مقتنعاً تمام القناعة بصحته، وخاصة أن الأمور لا تعدو أن تكون قراءة وتنظيراً، وقد لا يكون أصحاب هذين الرأيين على تماس مع الواقع والناس، الذي، أزعم أنه هو الذي سيرسم وينفذ شكل التغيير الذي قد يكون إيجابياً أو سلبياً، لكن استعراض الواقع العام لأرضنا وما يجري، ولمن باعوا أنفسهم للخارج وما يخططون، يظهر أن التنظير حساب بيدر، وقد لا ينطبق على حساب الحقل وكم سمعنا ورأينا حقلاً أغنى من البيدر، أو حقلاً احترق قبل البيدر، فهل تكون سورية الغنى والحضارة؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن