ثقافة وفن

الروائي والأديب إحسان عبد القدوس.. علاقة شاخصة في الإعلام والثقافة

| د. رحيم هادي الشمخي

يحتفل عشاق الأدب والسينما العربية بالذكرى المئوية للروائي (إحسان عبد القدوس) الذي انجذبنا إلى كتابته في مرحلة المراهقة، لتناولها للحب، وبساطة السرد، فضلاً عن الحكايا التي يرويها والخالية من التعقيد، كما تقتبسه من كتبه من أسطر عن الحب، والصداقة، لكننا في مرحلة لاحقة، أخذ بعض الكتّاب العرب يهاجمون عبد القدوس، ولا نعرف بالضبط لماذا؟ وما السبب الذي يجعل الكثير من الكتّاب يحملون عليه، مرة بالكاتب المتهتك، وأخرى بفيلسوف (الوسادة الخالية)، لكن الحياة وتراكم الوعي جعلانا ننظر إلى إحسان عبد القدوس نظرة عقلانية، لا نأخذ إذناً من أحد، فعبد القدوس علامة شاخصة في الإعلام والثقافة في مصر والوطن العربي.
بدأنا نعرف الروائي إحسان عبد القدوس أكثر في السينما والتلفزيون من خلال الأعمال التي كانت معدة عن رواياته وتستقطب جمهوراً واسعاً من المشاهدين، فهو روائي وأديب نشأ في بيئتين متعارضتين من المشاهدين، فبيئة جده (محافظة) وبيئة والدته (أكثر تحرراً)، أثر ذلك في طبيعة كتاباته، فاستطاع أن يقدم عدداً كبيراً من الأعمال الأدبية، كالقصص والروايات والمسرحيات، وعمل صحفياً ورئيساً لتحرير مجلة (روز اليوسف) المصرية ومجلة (صباح الخير) كان والده محمد عبد القدوس صحفياً ومؤلفاً، كتب عبد القدوس أكثر من ستمئة قصة ورواية، تحولت 45 من رواياته إلى نصوص للأفلام السينمائية، و5 روايات تم تحويلها إلى نصوص عرضت على المسرح، و9 روايات كانت من نصيب الإذاعة التي قدمتها مسلسلات تلفزيونية، إضافة إلى ترجمة 65 رواية من رواياته إلى الإنكليزية والفرنسية والأوكرانية والألمانية وغيرها من لغات العالم.
هُوجم كثيراً بسبب طبيعة ونوعية المواضيع والمشكلات التي كان يتناولها في كتاباته، وخصوصاً الجنس، لكن ذلك لم يثنه عن متابعة المسيرة، ويقول عن ذلك: (لست الكاتب المصري الوحيد الذي كتب عن الجنس، فهناك المازني في قصة (ثلاثة رجال وامرأة) وتوفيق الحكيم في قصة (الرباط المقدس) وغيرهما، وكلاهما كتب عن الجنس أوضح مما كتبت، ولكن ثورة الناس عليهما جعلتهما يتراجعان، ولكن لم أضعف مثلهما عندما هُوجمت، فقد تحملت سخط الناس عليّ لإيماني بمسؤوليتي ككاتب، ونجيب محفوظ أيضاً يعالج الجنس بصراحة).
في روايته (زوجة أحمد) يقول عبد القدوس: (لقد كانت البنات قبل أن تولدي أنتِ، وأولد أنا، يعشن وراء «المشربيات»، لكن المشربيات لم تحمهن من الخطيئة، ولم تهذّب عواطفهن، لكي ينظرن من خلال ثقوب المشربية، ويلوحن لأي عابر سبيل، ولما عجز المجتمع عن حمايتهن وجد أن الحل الوحيد هو القضاء على المشربيات ومنح البنات حق النظر من خلال الشبابيك، ثم حق الوقوف في الشرفات، ثم حق الخروج إلى الشارع، وفي كل خطوة من هذه الخطوات، كانت الأخطاء تقلّ، والعاطفة تترقى وتتهذب، والسعادة تدخل البيوت).
وهو إشارة إلى أنه كان من أوائل الكتّاب الذين رفضوا القيود المجتمعية على المرأة، ونادى بحريتها، ولم تكن أعماله مناسبة لإثارة الغرائز كما قيل عنه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن