ثقافة وفن

المواهب تُغني بلدنا وتنطلق من إمكانات بسيطة … ليزا سهاكيان لـ«الوطـن»: على الفنان أن يقدّم أعمالاً خاصة تحقق اسمه وتُبرز أسلوبه وشخصيته

| سوسن صيداوي

من المواهب السورية الشابة، نقدم لكم اليوم بطاقة تعريفية عن موهبة أتقنت العزف ومن بعده الغناء، لم تُعرف بأعمال خاصة لها، بل عُرفت بما يسمى بالإنكليزية بالـ(cover) أو ما يسمى بالغلاف الغنائي أو الموسيقي، بمعنى أن هذه الموهبة تقدّم أغاني ليست لها، ولكن بأسلوب وبنَفس جديدين، عبر نشر ما تغنّيه على وسائل التواصل الاجتماعي، الأخيرة التي تخدم المواهب وتنشرها في الأوساط كلّها، من دون الحاجة أو الانتظار لإعلام أو لبرنامج تلفزيوني أو إذاعي كي يُطلق الموهبة أكثر أو يسهم جدياً في تسليط الضوء عليها. ولنقترب من الموضوع معرض الحديث، نقدم لكم على الفور حوار«الوطـن» مع العازفة والمغنية ليزا سهاكيان الموهبة السورية الشابة التي تنضم إلى مجموعة كبيرة ممن يتقدون إبداعاً ولكن ما من فرص إلا بإنتاج شخصي، وبين المحاولات والتجارب تأتي الأعمال الخاصة بعد تأنٍ شديد، لتصدر أولى أغنياتها الخاصة «برد» مع حرص كبير ومستمر لتقديم الأفضل… وللمزيد حول النشأة الموسيقية وتجارب تقديم الغلاف الغنائي أو الـ(cover) نقدم لكم حوارنا.

في البداية لنقف عند نشأتك الموسيقية، كيف بدأت ومن شجعك؟
أنا خريجة جامعة حلب اختصاص مالية ومصارف، وبالطبع من ساهم في إطلاقي موسيقيا هم الأهل، لكوني في تلك الفترة كنت صغيرة ولا أقدّر الأمور أو أحسن الاختيار، فللأهل الفضل الأكبر في توجيهي. إذاً في تلك الفترة بدأت بتعلّم الصولفيج بالمعهد العربي للموسيقا، ومن ثم تعلّمت العزف على آلة الفلوت، حينها استمررت لمدة ثماني سنوات، ومن ثم أصبحت قادرة على تدريس الصولفيج والعزف على آلة الفلوت في المعهد العربي وفي غيره من المعاهد لمدة ست سنوات. وأحب أن أشير هنا إلى أنني في العام الحالي تمكنت من الحصول على شهادة الماجستير في المعهد العالي للفنون المسرحية والموسيقية في دمشق.

ذات مرة قلت إنك تعتبرين نفسك محظوظة لدراسة الصولفيج.. الأخير بماذا خدم حظك؟
الكل يعلم أنه وفي التربية الموسيقية لابدّ من تعلّم الصولفيج، لكونه الأساس لدراسة كل ما يتعلق بالغناء والعزف والألحان والإيقاع والمقامات، وأمور أخرى تزيد المهارات الموسيقية وتُنمي الحس، والطالب الذي لم يدرس الصولفيج لن يكون قادراً على العزف على أي آلة كانت. وحظي الذي أكسبني إياه، أن الصولفيج مكنني حقيقة من تملّك آلتي الفلوت وحُسن الأداء على المسارح.
اليوم أنت تعلّمين الموسيقا… برأيك ألم يحن الوقت وأصبح من الضرورات اللجوء للفنون بأشكالها للتأثير في الشباب السوري؟
بالتأكيد.. ولكن هنا أحب أن أشير إلى نقطة جدّ مهمة وهي أن الشباب السوري متميّز دائماً سواء عربياً أم عالمياً، لكونهم شباباً موهوبين ومبدعين، وهذا الأمر جميل ومردّه للمواهب المبدعة التي تُغني بلدنا وهي متنوعة حقاً ومنها العزف أو الغناء، وخصوصاً أنهم ينطلقون دائماً من إمكانات بسيطة.

حدثينا عن العزف على آلة الفلوت والوقوف على المسرح… وهل هذا الأمر مَهّد لك طريق الغناء؟
بدأ الأمر بالنسبة للغناء عبر صدفة بحتة، وبالطبع الوقوف على المسرح وتعلّم الصولفيج والعزف مَهّد لي الطريق، مع الفرق في الخبرة والأداء طبعاً في كل من المجالين، وفي الحقيقة العزف على المسرح أهون عليّ من الغناء، الأخير الذي ما زالت خبرتي فيه حديثة ولا تتجاوز العامين، على حين في العزف أنا مستمرة منذ أربعة عشر عاماً، وبالطبع أواجه صعوبة في موضوع الغناء عنه في العزف.

أصبح اسمك ملازماً لاسم الفنان مروان خوري لأنك انطلقتي من غناء أغانيه.. ما تعقيبك؟
الفنان الشامل مروان خوري رائع جداً، وفنه يلمسني في صدق إحساسه وشفافية ما يقدم لنا لحناً وشعراً وغناءً، وكم أسعدني عندما قدّمني في البرنامج الذي يقدمه «طرب» في موسمه الأول، وعندما قمت بغناء أغانيه في حينها، ولكن اليوم أحاول أن أقدم أغاني أخرى ولفنانين آخرين، بشرط أن أحقق القرب من الجمهور الذي تمكنته عندما قمت بغناء المروانيات.

برأيك هل الـ(cover) وحده يكفي لانتشار الفنان بشكل أسرع أو التعريف بالمواهب الشابة على الجمهور بمساعدة وسائل التواصل الاجتماعي المساهمة في التأثير؟
بالطبع وسائل التواصل الاجتماعي تساعد، وأصبح المغني أو العازف غير المعروف- بمعنى الذي لا يملك أعمالاً خاصة به-ينتشر عبر الـ «cover»، ولكن هذا الأمر غير كاف، فعلى أي فنان أن يقدّم أعمالا خاصة به، كي يحقق اسماً، وتصبح له مهنة ويتوافر في أعماله شخصيته الخاصة وأسلوبه الذي يميزه، وعلى الأكيد الـ «cover» مهم ولكن بعدها الجمهور سينتظر من الفنان أعمالا خاصة به وجديدة، وهنا أحب أن أشير إلى أنه ليس في كل مرة يكون الـ«cover» ناجحاً ويحقق نسبة مشاهدة عالية، ولكن الأهم أن الفنان أصبح مباشراً مع جمهوره، ويوصل لهم فنه عبر وسائط التواصل الاجتماعي التي توصل له ردود الأفعال وتحقق الانتشار المطلوب من دون انتظار برامج إذاعية أو تلفزيونية لتطلقه أو تسلط الضوء على فنه.

هل فكرتِ بأن تغني للأطفال… لكونك تتمتعين بحنو الصوت ودفئه وبالإحساس العالي؟
أنا أعشق الأطفال وأطمح بأن أقدم أعمالا لهم، وبالطبع الفكرة واردة وأتمناها من كل قلبي، ولكنها تحتاج إلى دراسة من كل النواحي، وفي أثنائها سأستمتع كثيراً بالعمل وسأبذل قصارى جهدي كي أحقق الغاية المنشودة وتكون الأغنيات قريبة من الأطفال.

هل سمعتِ مرة بالرأي التالي: «اللغة الأجنبية تتوافق مع صوتك أكثر»؟
بصراحة هناك من الجمهور من يحبني وأنا أغني باللغة العربية ومنهم من يحب صوتي باللغة الأجنبية، ولكن هناك أشخاص اعتادوا على سماع صوتي بالعربية، لكون إحساسي في الأداء يصلهم مباشرة، وبكل الأحوال أنا أحب الغناء المتعدد اللغات، فلقد قدمت أغاني باللغة العربية، والإنكليزية والفرنسية واليونانية، وبقي أن أغني بالأرمنية، وهذا المشروع سيكون بمتناول الجمهور قريباً.

أخيراً ما الجديد بعد (برد)… وحدثينا عن الصعوبات لكونك تنتجين لنفسك؟
أغنية «برد» هي من أجمل ما حصل لي في حياتي سواء من ناحية الفرح العظيم الذي غمرني في إنجازها، أو من السعادة للتعاون الذي جمعني مع كاتب الأغنية رافي جروج وملحنها رشيد نجار. وللأمانة أصبحت اليوم أفكر ملياً بما سيأتي من بعد «برد» وخصوصاً أن الإنتاج شخصي، وهنا لابد من الإشارة إلى المعاناة المستمرة التي يواجهها المغني والموسيقي السوري، فهناك الكثير من الفنانين المبدعين ولكن لا توجد شركة إنتاج ترعاهم، فالغناء مظلوم أمام الدراما التلفزيونية، بحجة أن الأعمال الغنائية مكلفة جداً. وأخيراً من الأسباب التي تسهم في تأخري في إطلاق الأغنيات الخاصة، أن هناك أولويات في الحياة ويجب أن يكون العمل المقدّم مدروساً من كل النواحي سواء من حيث الكلام واللحن والأداء وحتى في الفيديو كليب المطروح، إضافة الى الحرص على الأعمال ما يتطلب مني الوقوف كثيراً وتوخي الحذر في الاختيار.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن