أوراق «مخربطة» بين عاصفة الحزم وبلاك ووتر!؟
شمس الدين العجلاني
بين يدي عشرات الدراسات والصحف التي تتحدث عن عاصفة الحزم وشركة بلاك ووتر، وقمت «بخربطتها» بخلطها مع بعضها البعض فقرأت التالي:
شاع في الفترة الأخيرة خصوصاً بعد الاحتلال الأميركي للعراق استخدام لفظ «المرتزقة» والمرتزقة، هم أصحاب جرايات ورواتب مقدَّرة والجنود المرتزقة هم الذين يُحَاربُون مع الجيوش على سبيل الارتزاق وأغلبيتهم من الغرباء.
كان يطلق على الجنود المرتزقة اسم «الجنود الضائعة» أو «كلاب الحرب»، حيث كان بعض الجنود القدامى الذين سُرحوا من الجيش وليس لديهم عمل يتجمعون في أماكن خاصة ويشكلون بعض الكتائب والفرق وذلك ليُشبعوا رغباتهم في الحروب والمغامرات.
من المرتزقة
عرَّفت المعاهدات الدولية المرتزق بأنه كل شخص يجنَّد محلياً أو دولياً ليشارك في صراع مسلح أو عمل عدائي مدفوع برغبة الربح المالي، وهو عمل يمنعه القانون، وقد أصبحت فكرة القتل في بداية القرن العشرين مهنة لها شركات ورواد وزبائن وأطلق على هذه الظاهرة ما اصطلح عليه بـ: خصخصة العنف، ورغم قرارات الأمم المتحدة في محاربة «المرتزقة» وخطر وجودهم في العالم، غير أن هذه القوانين بقيت حبراً على ورق ولم تعد سارية المفعول وهي مهنة وصفها الخبراء بالقذرة.
مع بداية القرن العشرين أضحت أعمال القتل والإرهاب مهنة كباقي المهن لها شركات ورواد وزبائن وأطلق على هذه الظاهرة ما اصطلح عليه بـ: خصخصة العنف، وعندما يُقتل المرتزق أو يُسحل في الشوارع أو يُحرق أو حتى عندما يقع في الأسر، فلا أحد ينعيه أو يجمع رفاته أو حتى يفاوض من أجل إطلاق سراحه، المرتزق لديه القابلية والاستعداد لارتكاب كل أنواع الجرائم بما فيها الجرائم ضد الإنسانية وانتهاك حقوق الإنسان وتعذيب الشعوب وقهرها. وتعد إسرائيل المكان الأكبر لاحتضان المرتزقة، فهي تشترط على مرتزقتها أن يدخلوا في اليهودية مقابل أي مبلغ يطلبونه، علما أن الشركات الإسرائيلية المختصة بتجنيد المرتزقة منتشرة عبر دول العالم، وهي تجند سنويا أكثر من 10 آلاف شخص في العام الواحد مقابل مكافآت مالية ومنحهم شقة مجهزة.. وتعد الدول الإفريقية «والآن اتجهت أنظار عاصفة الحزم إليها» من أكبر الدول المصدرة للعاملين في الشركات العسكرية الخاصة بعد الولايات المتحدة وبريطانيا، وبلغ عدد الشركات المرتزقة في الولايات المتحدة الأميركية 35 شركة، من أهمها شركة ( أم بي آر آي)، وشركة بلاك ووتر، وارتبطت هذه الشركات بعلاقات ومصالح وأهداف مع عدد من الحكومات الأجنبية والعربية والمؤسسات والهيئات العالمية الكبرى و قد أثبتت السنوات الماضيات والآن أن هنالك مرتزقة يعملون لمصلحة بعض الأنظمة العربية ويستخدمون في تحقيق مآربهم الشخصية كما يحصل الآن ضمن «عاصفة الحزم وعاصفة الأمل»، وتعتبر شركة بلاك ووتر الأميركية من أهم الشركات العاملة ضمن ما اصطلح على تسميته «الربيع العربي»
شركة بلاك ووتر الأميركية
«بلاك ووتر» هي شركة تقدم رجال القتل والإرهاب لأي دولة ترغب بذلك والمقصود من اسمها «جيش الماء الأسود»، هي شركة خدمات أمنية وعسكرية أي إنها شركة مرتزقة. وتعتبر واحدة من أبرز الشركات العسكرية الخاصة في العالم، تأسست وفق القوانين الأميركية التي تسمح بإقامة مصانع وشركات عسكرية خاصة، وبلغت هذه الشركة ذروة نشاطها زمن جورج بوش حتى أطلق عليها اسم «جيش بوش الخفي» نظراً للدعم الذي قدمته للجيش الأميركي في تدمير العراق وقتل الشعب العراقي.
مؤسس الشركة «إريك برنس» وهو ملياردير أميركي، ورئيس الشركة هو جاري جاكسون أحد أفراد القوات الخاصة سابقا التابعة للبحرية الأميركية، وتقول الشركة أنها تمتلك أكبر موقع خاص للرماية في الولايات المتحدة يمتد على مساحة 24 كيلو متراً مربعاً في ولاية نورث كارولاينا.
كشف رئيس الشركة، في حديث صحفي له، أن الشركة توقع عقوداً مع حكومات أجنبية منها حكومات دول مسلمة لتقديم خدمات أمنية بموافقة حكومة الولايات المتحدة، كما أوضح أن شركته لا تمانع وجود الشواذ في صفوفها.
عُرف مرتزقة شركة «بلاك ووتر» (جيش الماء الأسود) لأول مرة في عالمنا العربي في العراق عندما أعلن في 31 آذار من عام 2004 م عن قتل أربعة رجال من مرتزقتها، ثم في شهر نيسان من عام 2005 قتل خمسة من مرتزقيها عندما سقطت مروحيتهم. وفي بداية 2007 قتل خمسة منهم أيضاً بتحطم مروحيتهم.
وقد شغل أحد المستشارين القانونين للرئيس الأميركي السابق ريغن منصبا مهماً في هذه الشركة.
وفي عام 2004 م كتبت صحيفة «واشنطن بوست» أن فرقاً عسكرية (مغاوير) من النخبة «جنود مرتزقة استأجرتهم حكومة الولايات المتحدة لحماية الموظفين والجنود وضباط الاستخبارات في العراق». وتحدثت الصحيفة عن إرسال الآلاف منهم إلى العراق.
ومن أكبر الجرائم التي ارتكبها مرتزقو الشركة في العراق، جريمة ساحة النسور في شهر 17 أيلول من عام 2007 م.
الخليج والجنود المرتزقة
كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» في أحد أعدادها الصادرة في أيار عام 2011م بقلم «مارك مازيتي وإميلي هاغر» أن الإمارات العربية المتحدة تعاقدت مع شركة «بلاك وتر» لإنشاء «قوة الصحراء السرية في أبوظبي»!؟
في السنوات الأخيرة، أمطرت المشيخات الخليجية العربية وملوكها وأمراؤها شركات «المرتزقة» الدفاع الأميركية بمليارات الدولارات للمساعدة في تعزيز الأمن في البلاد. وقد فازت هذه الشركات بعدة عقود لتقديم المشورة إلى هذه الدول وتقديم رجال حرب مرتزقة من جنسيات متعددة وفي مقدمتها الدول الإفريقية وعلى رأس هذه الدول الإفريقية السنغال.
وفي التفاصيل نأخذ مثالاً الإمارات العربية المتحدة التي خصصت مبلغ 529 مليون دولار لإنشاء قوة عسكرية «كتيبة» من المرتزقة وجلهم من كولومبيا، وتم تجريف مساحات واسعة من الصحراء وبناء الثكنات لهؤلاء المرتزقة. وقامت دولة الإمارات بتوفير الأسلحة والمعدات لهم، وتوفير كل شيء من بنادق م 16 ومدافع الهاون، وسكاكين ليثرمان وسيارات اللاند روفر. كما وافقوا على شراء المظلات والدراجات النارية وحقائب ظهر.. وتشير «نيويورك تايمز» أن أحد الموظفين قال، إن مصاريف الكتيبة تصل إلى ما يقرب من 9 ملايين دولار في الشهر، تشمل نفقات رواتب الموظفين والذخيرة والأجور لعشرات من الخدم لطبخ الوجبات وغسل الملابس وتنظيف المخيم. وتابع بالقول إنه ورفاقه لم ينقصهم شيء أبداً، حتى إن قادتهم الأميركان رتبوا سفر طاه من كولومبيا لطبخ الحساء التقليدي لهم.
وتشير أيضاً الصحيفة وفقاً لأقوال موظفين سابقين في المشروع ومسؤولين أميركيين والوثائق التي حصلت عليها، أن ولي عهد أبو ظبي يريد تشكيل كتيبة من 800 عضو من القوات الأجنبية «المرتزقة» في الإمارات العربية المتحدة الهدف منها القيام بعمليات داخل وخارج البلاد، والدفاع عن خطوط أنابيب النفط وناطحات السحاب من الهجمات الإرهابية وإخماد القلاقل الداخلية. ويمكن نشر هذه القوات في حال واجهت دولة الإمارات اضطرابات في مخيمات مزدحمة بالعمال أو كان هناك اعتراض من قبل الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية مثل تلك التي تجتاح العالم العربي هذا العام. وقوام هؤلاء المرتزقة من الكولومبيين، ومن جنوب إفريقيا وغيرهم من القوات الأجنبية.
يحظى نشاط شركة «بلاك ووتر» في الخليج العربي، وفق صحيفة «نيويورك تايمز»، بموافقة أوباما، لأن «حسب قول الصحيفة» دول مجلس التعاون الخليجي والإمارات على وجه الخصوص، ليس لديها الكثير من الخبرة العسكرية. لذلك فإنه سيكون من الصواب إذا نظروا خارج حدودهم طلباً للمساعدة، «كما قال مسؤول في إدارة أوباما على اطلاع بالعملية»، «ربما يريدون أن يظهروا أنه لا يمكن العبث بهم».
وحين نشر المقال في الصحيفة رفض سفير دولة الإمارات لدى واشنطن، يوسف العتيبة، التعليق على هذا المقال. ورفض متحدث باسم مدير الشركة التعليق أيضاً، ومدير الشركة يأمل في بناء إمبراطورية في الصحراء، بعيداً عن محاكمة المحامين والمحققين في الكونغرس ومسؤولي وزارة العدل.
و بعد
الآن ذاب الثلج وظهر المرج، وكشَّر الذئب عن أنيابه، وابتدأت عاصفة الحزم بعد «الربيع العربي» الذي طال تخريب وتهديم كل من تونس ومصر وليبيا وسورية، عاصفة الحزم تطول الآن اليمن السعيد «المبارك من الرسول الكريم» فهل هذه العاصفة هدفها استنزاف الأموال العربية؟ وفتح حسابات بمليارات من الدولارات في بنوك شركات الارتزاق؟ وتنفيذ ما يخططون له وجعل وطننا الكبير لقمة سائغة في أنياب الإرهاب والقتل والجهل والتخلف؟؟ ترى وبعد عقد أو عدة عقود من الزمن هل يُكشف اللثام على أن هذه التنظيمات المسلحة الإرهابية من القاعدة وجبهة النصرة وداعش ومروراً بالجيش الحر وجيش الإسلام وفيلق الإسلام وأنصار السنة وأحرار الشام… ما هي إلا شركات لرجال حرب وارتزاق أميركية أو ما شابه ذلك تدار بأموال النفط الخليجي!؟ مع العلم أن هنالك أعداداً كبيرة تقاتل ضمن هذه التنظيمات المسلحة من دول تبعد آلاف الأميال عن المنطقة العربية مثل الشيشان وأفغانستان والسنغال وبريطانيا وفرنسا.. مضافاً إليهم بعض الدول العربية مثل الجزائر والمغرب وتونس ومصر.. ألا يذكرنا هذا بوجود مسلحين من المغرب وتونس ضمن الفصائل الإرهابية المسلحة بما كان يحصل في سورية زمن الاحتلال الفرنسي وأنه كان هنالك جزء كبير من هؤلاء المرتزقة ضمن جيش المستعمر الفرنسي؟ ألم تشتر السعودية آلاف المرتزقة من السنغال للقتال في اليمن السعيد، وفي يوم ما كان جنود السنغال في سورية يرتكبون الجرائم الشنعاء بحق شعبي!؟ ترى هل يصلح قول القائل: «رزق الهبل على المجانين». وللحديث صلة