رياضة

سلتنا الوطنية تفتقر إلى أدنى درجات التطور والاتحاد لله يا محسنين!

| مهند الحسني

حقيقة لابد منها تكمن في أن البحث في أسباب التراجع الغارقة به السلة السورية، يشبه كثيراً شبكة الصياد التي كلما زدت فيها البحث، ازداد تورطك بها أكثر بعيداً عن التفاصيل الفنية، ووقائع الفوز، والخسارة هنا وهناك، لأن التفاصيل المملّة المتعلقة بسلتنا الوطنية، باتت تشكل عبئاً على الجميع بما فيهم الإعلام الرياضي، فتراجع السلة السورية ليس وليد هذا الموسم، ولا المواسم العشرة السابقة، وإنما هو نتيجة تراكمية للاتحادات المتعاقبة، إضافة لغياب أهم أدوات التطوير وهو توافر الأموال الذي ما زال يشكل العقبة الكأداء في وجه رياضاتنا عموماً، وسلتنا على وجه الخصوص، لا نريد أن نكون مدّاحين لاتحاد السلة، وفي الوقت نفسه لا يمكن أن نكون جناة عليه، لأنه عمل واجتهد حسب ما هو متوافر لديه من إمكانات مادية متاحة، لذلك من البديهي ألا يكون المسؤول الأكبر في عملية التراجع الكبيرة الذي تشهدها سلتنا ومنتخباتها منذ سنوات.

عشوائية العمل
لا نريد أن نخوض في عمق الأسباب الموجبة التي وضعت سلتنا في هذا الوضع المزري، لأن ذلك قد يحتاج إلى مجلدات كبيرة، لكن علينا أن نشير إلى أن التراجع الذي لحق بسلتنا هو حصيلة عمل الأندية أيضاَ، فهي جزء لا يتجزأ من عملية التطوير أو الفشل، فأنديتنا دون أن نستثني منها أحداً تعمل بطريقة عشوائية بحتة، لا يمكن أن تأتي بشيء جديد، وبات سعيها منصبّاً على تحقيق ألقاب مسبقة الصنع ولو كان ذلك على حساب مستوى اللعبة، تصوروا أن بعض الأندية تعاقدت مع لاعبين بحدود الأربعين عاماً ضمن عقد الثقة هذا الموسم، فأين صوابية عمل أندية كهذه التي تصرف مئات الملايين على كرة السلة، دون أن يكون لديها البديل المناسب، وهذا أكبر دليل على عشوائية العمل، وهنا يتبادر للذهن الكثير من الأسئلة، هل يتحمل الاتحاد تحويل هذه الأندية التي كانت بمنزلة مصانع للنجوم، وأكبر رافد للمنتخبات الوطنية، إلى أندية مستهلكة تبحث عن لاعب هنا، وآخر هناك من أجل أن تبقى بين الكبار، أليس هذا نذير شؤم بات يخيم على أجواء سلتنا؟!

حقيقة
ما سأذكره ليس من محض الخيال، ولا هو مشهد من فيلم هندي، وإنما هو حقيقة ماثلة وملموسة، حيث نجح اتحاد السلة منذ مجيئه بإعادة علاقاته الخارجية إلى وضعها المستقر.
وكانت البداية مع الاتحاد الآسيوي، بعدما دعا أمينه العام آغوب خرجيان إلى العاصمة دمشق، واستقبله بحفاوة أسس خلالها لبناء علاقة جديدة مبنية على الاحترام المتبادل، وكان لهذه العلاقة نتائج ايجابية، حيث قام آغوب برفع العديد من العقوبات والغرامات المالية عن منتخباتنا وأنديتنا في الفترة السابقة، إضافة إلى أنه قدم العديد من التجهيزات للسلة السورية، وللعلم فقط أن ساعات (24ثا) الموجودة حالياً في صالاتنا قدمت كهدية للاتحاد من قبل الاتحاد الآسيوي قبل أشهر قليلة، في الوقت الذي لم تلب القيادة الرياضية أبسط مقومات الحضور السلوي في صالاتنا بحجة ضيق ذات اليد، وشح الإمكانات، وهل يعلم البعض أن جميع الكرات الحديثة التي تتمرن بها فرق أنديتنا منذ سنتين أو أكثر قدمت أيضاً كهدية من الاتحاد الآسيوي، إضافة لتجهيزات أخرى خاصة بألبسة الحكام وتجهيزاتهم؟!

ماذا يمكن؟
ماذا يمكن أن يفعل الاتحاد وهو يصطدم بوضع مادي مأزوم في ظل الظروف التي تعيشها رياضتنا بشكل عام، وماذا عليه أن يفعل، وهو غير قادر على تأمين أبسط بديهيات التطوير، وماذا عليه أن يفعل، وهو لا يستطيع شراء ماعون ورق دون الرجوع إلى الأنظمة والقوانين؟ معلومة سآتي على ذكرها ولو زعل البعض مني: هل يعلم الكثيرون أن مشروبات الاتحاد اليومية من شاي وقهوة وسواها يقوم بلمِ ثمنها من موظفيه مع طالع كل أول شهر، وهل يعلم البعض أن ما يصرف على دوري السلة بلبنان من أموال يعادل ميزانية الاتحاد الرياضي العام، وما تملكه العاصمة بيروت من صالات يوازي عدد أنديتنا، على حين ما زلنا نتغنى بصالة الفيحاء التي بدأت تشيخ دون أن نرى أي شيء جديد عليها، لذلك إذا كانت إقالة هذا الاتحاد هي الحل والسبيل لتطوير سلتنا، فإني لن أتوانى عن ضم صوتي للمطالبين بهذه الإقالة، بشرط واحد هو تقديم خطة بديلة، وتأمين ميزانية مالية كبيرة، وحرية كاملة بعيداً عن الهيمنة، وصلاحيات كبيرة وغير مشروطة، وصالات متوافرة ولائقة تتناسب مع حجم طموحاتنا وأحلامنا.

خلاصة
على الرغم من كل ما ذكرناه من سلبيات، غير أن سلتنا حظيت ببعض المحبين ممن بذلوا جهدهم بما توفر إليهم من وسائل وإمكانيات محدودة، لذلك لابد أن نقف وقفة صادقة مع واقعنا السلوي الصعب، ونحتاج إلى يد حانية تمسح آلام سلتنا، لا للسان جارح يتحين الفرصة للانقضاض عليها، وتوجيه أسهم التجريح لها جزافاً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن