وسط جهود من الجيش لإزالتها وتوعية أممية بمخاطرها … الألغام تحدٍّ جديد أفرزته الحرب على سورية يعرّض المدنيين للخطر
| وكالات
وسط جهود كبيرة تبذلها فرق الهندسة في الجيش العربي السوري وتوعية من الأمم المتحدة بمخاطرها يعيش ملايين السوريين في خطر الإصابة بانفجار ألغام أو عبوات ناسفة كانت مزروعة في الحقول وعلى الطرق وحتى داخل المنازل السكنية في المناطق التي شكلت جبهات وكانت تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية.
وقالت وكالة «أ ف ب» الفرنسية للأنباء، في تقرير لها: «انقلبت حياة أبو ثائر رأساً على عقب، بعدما انتهت جولة تفقدية لمزرعته ببتر ساقه اليسرى جراء انفجار لغم من مخلفات الحرب التي باتت تشكّل هاجساً جديداً يطارد المدنيين السوريين العائدين إلى منازلهم وحقولهم».
وأضاف التقرير: «يقصد أبو ثائر (46 عاماً)، وهو يستخدم اسماً مستعاراً، جمعية طبية في دمشق لمتابعة وضعه بعد تركيب طرف اصطناعي له مؤخراً، إثر إصابته قبل أشهر بانفجار لغم من مخلفات تنظيم داعش في قريته في جنوب سورية».
وقال أبو ثائر، وفق الوكالة الفرنسية: «دخلت المزرعة بعدما خرج الدواعش منها، وبينما كنت أقوم بتنظيفها من الأعشاب اليابسة وحراثتها انفجر بي لغم»، وأضاف بحسرة: «انقلبت حياتي كلياً».
وأبو ثائر من سكان إحدى قرى ريف درعا الغربي، حيث تمركزت ميليشيا مبايعة لتنظيم داعش طيلة سنوات، قبل أن تطردها قوات الجيش العربي السوري من المنطقة صيف العام الماضي.
وبين التقرير، أن أبا ثائر، واحد من مئات السوريين الذين أصيبوا جراء انفجار ألغام أو عبوات ناسفة كانت مزروعة في الحقول وعلى الطرق وحتى داخل المنازل السكنية في المناطق التي شكلت جبهات.
ولفت التقرير إلى أن أبا ثائر يحاول التأقلم مع حياته الجديدة، وقال لـ«أ ف ب»: «كنت أحرث الأرض وأزرعها لكنني الآن لا أقوى على ذلك وانحصرت مهامي بالأعمال البسيطة».
وأوضح التقرير، أن الألغام والأجسام المتفجرة تعد من الملفات الشائكة المرتبطة بالحرب على سورية المستمرة منذ أكثر من ثماني سنوات.
ونبّه أحد قادة التشكيلات الهندسية التابعة للجيش، رافضاً الكشف عن هويته، وفق «أ ف ب» من «عدم وجود مخططات للألغام» ما يجعل عملية إزالتها «صعبة» وأضاف «هذا تحد كبير وملف شائك (…) لأن نزع الألغام المزروعة من دون مخططات يتطلب عشرات السنين»، وأوضح قائلاً: «تمّ زرع هذه الألغام، في الأماكن السكنية والحقول والمنشآت الحيوية والمؤسسات الحكومية»، متحدثاً عن «خسائر جسيمة» خلّفتها.
ورأى المصدر العسكري في الجيش أنه «يجب حظر استخدام وتسليم هذا النوع من الأسلحة إلا إلى جيش نظامي ضمن مخططات (…) وليس في المناطق السكنية لأن خطرها جسيم وعمرها الزمني مديد».
وأشار التقرير إلى أن زرع الألغام «إستراتيجية» اتبعتها التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة خلال الحرب على سورية.
وشدد المصدر العسكري ضرورة الدعم الدولي «لتنظيف البلد من مخلفات المجموعات الإرهابية»، مشيراً إلى وجود «تعاون مع الأصدقاء الروس والإيرانيين» في هذا المجال.
ولفت التقرير إلى أن وزارة الدفاع تعلن بشكل شبه يومي عن تفجير كميات كبيرة من الذخائر والعبوات الناسفة والألغام التي اكتشفتها في المناطق التي خرج منها المسلحون.
وشرح قائد التأمين الهندسي في الجيش والمشرف على عمليات المسح في الغوطة الشرقية لدمشق وفق «أ ف ب»، أن الوحدة التي يشرف عليها «قامت بتنظيف ومسح 21 بلدة» منذ سيطرة الجيش على الغوطة الشرقية في نيسان 2018.
وأضاف: «فجّرنا 140 طناً من الذخائر والمتفجرات المختلفة الأشكال والأحجام والأوزان، المحلية الصنع والأجنبية» في الغوطة الشرقية.
ووقّعت الحكومة السورية والأمم المتحدة في تموز 2018 مذكرة تفاهم لدعم جهود دمشق في إطار نزع الألغام.
وأوضحت المتحدثة باسم الأمم المتحدة في دمشق فدوى عبدربه بارود، وفق «أ ف ب»، أنه بحسب تقديرات الأمم المتحدة، فإن «10,2 ملايين شخص يعيشون في 1980 مجتمعاً محلياً معرضون لأذية المواد المتفجرة» في سورية.
وأشار التقرير إلى أن مكتب الأمم المتحدة لمكافحة الألغام، نفّذ حملة توعية «للحدّ من مخاطر وتأثير» المواد المتفجرة، ولفت إلى أن العديد من السوريين تلقوا على هواتفهم الخلوية في الأسابيع الماضية رسائل توعية قصيرة، جاء في إحداها «المخلفات المتفجرة خطرة لا تلمس، لا تقترب، إحم نفسك، بلغ فوراً أقرب سلطة».