على وقع صخب لم ينته سببته سوق الانتقالات الصيفية وبعض الصفقات التي لم تحسم انطلقت منافسات الدوري الإسباني المعروف اختصاراً بـ«لا ليغا» من خلال الجولة الأولى وقص برشلونة حامل اللقب شريط موسم 2019/2020 بلقاء كلاسيكي على أرض أتلتيك بلباو وسط توقعات بمنافسة شرسة للظفر بلقب النسخة التاسعة والسبعين بينه وبين قطبي العاصمة (الريال والأتلتي) بعدما عززت الأندية الثلاثة صفوفها بعدد من النجوم وحافظت على أطقمها الفنية بقيادة كل من فالفيردي وزيدان وسيميوني على التوالي، وقد شهدت المواسم الستة الأخيرة تناوبها على المراكز الثلاثة الأولى فكان اللقب حليف الروخي بلانكوس 2014 ثم توج البرشا به مرتين متتاليتين قبل أن يتوج الميرينغي بنسخة 2016/2017 واستعاد الكاتالوني الزعامة في الموسمين الأخيرين.
صفقات كثيرة وكلام أكثر
شكلت الصفقات التي أبرمها ثلاثي القمة في الدوري الإسباني ضربات قوية في سوق الانتقالات الذي لم يقفل أبوابه بعد حيث استقطب برشلونة وريال مدريد عدداً من النجوم جرياً على عادتهما في كل موسم، فدفع الأول أكثر من ثلاثمئة مليون يورو والثاني بمبلغ فاق هذا الرقم بغية الاستعداد جدياً للصراع على لقب الليغا وبالطبع لقب دوري أبطال أوروبا ودخل معهما على غير عادته أتلتيكو مدريد الميركاتو بقوة وصرف مبلغاً هائلاً مستغلاً العوائد المالية التي كسبها جراء بيعه لعدد من نجومه.
ولازال هناك كلام لن يحسم إلا مع نهاية الشهر الحالي حول بعض الصفقات أو المفاجآت خاصة على مستوى القطبين حول رحيل بعض نجومهما أو مجيء آخرين إليهما ويتركز الحديث حول نيمار وبوغبا بالذات وخاميس رودريغيز وغاريث بيل، والثنائي الأخير مازال يثير التساؤلات حول بقائه، على حين ارتبط الثنائي الأول بالكاتالوني والملكي على التوالي ولم يخل يوم منذ نهاية الموسم الماضي وحتى لحظة كتابة هذه السطور من خبر أو تصريح أو تقرير يتعلق بكليهما حتى أن الكثير من المتابعين ملوا من الحديث عن النجمين البرازيلي والفرنسي وباتوا ينتظرون إعلاناً رسمياً من الأطراف المعنية مباشرة حتى يصبح الأمر واقعاً لا مجرد ثرثرة مجالس، أما كوتينيو فقد انتهت حكايته بالأمس فقط عندما أعير إلى بايرن ميونيخ.
البطل مرشح
لا يمكن وصف الحقبة الأخيرة للبرشا إلا باسم نجمها «ليونيل ميسي» رغم أنه الفضل الأكبر فيها للمدرب بيب غوارديولا الذي كان وراء لعب أسلوب الفريق الذي بات يعرف بـالتيكي تاكا، فالمدرب الإسباني صنع عودة الكاتالوني ليتسيد الكرة الإسبانية والأوروبية عبر عدد من النجوم الرائعين بقيادة تشافي وإينييستا وبيكيه وبوسكيتس وبالطبع النجم الأعلى ميسي وهو المتبقي مع بيكيه وبوسكيتس من ذلك الجيل، ورغم تناوب عدد من المدربين على تدريب البرشا إلى أن الفريق تسيد البطولات المحلية محققاً 7 ألقاب على مستوى الليغا ومثلها على صعيد الكأس و6 ألقاب بكأس السوبر، ودخل البرشا الموسم الجديد مرشحاً متميزاً للحفاظ على لقبه كبطل للدوري رغم التحفظات الكثيرة على طريقة اللعب التي ينتهجها المدرب فالفيردي والتي لم تنل كامل الإعجاب من الأنصار والمحبين إلا أنها بالنهاية أتت أكلها محلياً (على الأقل).
تشكيلة نارية
الفريق بدأ الموسم بحضور كل من: تير شتيغن وأومتيتي وبوسكيتس وبيكيه وأرثر وديمبلي وسواريز وميسي وسيميدو وسيرجي روبرتو وألبا ولينغليه وهم عماد الفريق، وقد دعّمت إدارة الفريق الصفوف بالنجم الفرنسي أنتونيو غريزمان من أتلتيكو مقابل 120 مليون يورو كمهاجم وقد يعتمده كلاعب وسط هجومي، وسبقه إلى نيوكامب اللاعب الهولندي الشاب فرانكي دي يونغ وهو صانع لعب مقابل 85 مليون يورو ويمكن اعتبار مجيء هذين اللاعبين سيعطي خيارات أكبر للمدرب في الخطوط الأمامية خاصة مع تراجع أداء لويس سواريز بعض الأحيان وعدم الاعتماد كلياً على عثمان ديمبلي.
وجلب فالفيردي الظهير البرازيلي إيمرسون مقابل قرابة 14 مليوناً ثم جاء بمواطنه فيربو (22 عاماً) من ريال بيتيس مقابل 30 مليوناً ويمتلك خبرة أكبر في إسبانيا عكس الأول الأصغر بعامين وربما ذلك يمهد لرحيل البرتغالي سيميدو، وفي الخطوط الخلفية أيضاً رفع الظهير السنغالي موسى واغي والإسباني ريكو بويغ من أكاديمية لامسيا، ولا ننسى الموهبة اليابانية هيروكي أبي الذي جيء به من كاشيما مقابل 12 مليون يورو، والحارس الاحتياطي نوربيتو نيتو من فالنسيا بصفقة تبادلية.
ولا زال مصير أرتورو فيدال وإيفان راكتيتش مجهولاً لاسيما أن إدارة البرشا ترى أنه من الأفضل رحيلهما خاصة بعد التعاقد مع غريزمان ودي يونغ، وكان الحارس سيليسن ودينيس سواريز وأندريه غوميز وسيرجيو بالنسيا ودوغلاس بيريرا وفيرمايلين وبرنس بواتينغ غادروا البرشا نهائياً.
ريال زيزو
قضى زين الدين زيدان موسمين ونصف بين 2016 و2018 مدرباً لريال مدريد حصد خلالها تسعة ألقاب على مستوى كل البطولات المتاحة ومثلما كان أمر مغادرته قلعة البرنابيه مفاجئاً كانت عودته كذلك إلى البيت الأبيض في آذار الماضي بعد موسم عانى فيه الفريق الملكي كثيراً تحت قيادة لوبيتيغي وسولاري فخسر خلاله فرصة المنافسة على لقب الليغا مبكراً ثم خسر لقب دوري الأبطال الذي توج به ثلاث مرات متتالية تحت قيادة زيزو وكذلك خرج من كأس الملك، فجاءت عودة المدرب الفرنسي لقيادة الفريق من جديد بحثاً عن إعادته إلى مكانته المعهودة، وعلى الرغم من عدم فوزه بالليغا سوى مرة واحدة إلا أن ألقابه الأخرى كانت كافية ليكون الرجل المطلوب في هذا المنصب الحساس، وجاءت عودته بشرط إعادة هيكلة الفريق حسب رغباته بما يتطلب الأمر من تعاقدات جديدة والتخلي عن لاعبين لا يراهم مناسبين لخططه القادمة.
تركيبة جديدة
منذ مطلع الألفية الثالثة وبالذات منذ استلام الرئيس فلورنتينو بيريس زمام الأمور في القلعة البيضاء دأب على جذب أسماء كبيرة في عالم المستديرة وقام خلال فترات رئاسته بعدد من الصفقات القياسية ليجمع ما عرف بالغالاكتيكوس ومازال يحاول جمع عدد من النجوم الكبار وهو ما يسعى لفعله هذا الموسم واضعاً كل الإمكانات أمام المدرب العائد، وبعيداً عن الصفقات الإشكالية التي لم تحسم بعد وخاصة مسألة رحيل غاريث بيل من عدمه وكذلك خاميس رودريغيز ومجيء بوغبا أو نيمار فإن زيدان استغنى عن كوفاسيتش نهائياً بعد موسم إعارة لتشيلسي وماركوس ليورنتي وراؤول دي توماس، وأعار أوديغارد وريجيليون ودي فروتوس وسيبايوس ودي فيليبي وفييدو ولوكا زيدان ومايورال.
وأبقى زيدان على فاران وراموس وكارباخال ومارسيللو وفينسيوس وكروس ومودريتش وبنزيمة ولوكاس وإيسكو وأسينسيو وماريانو دياز من الحرس القديم وتعاقد مع البلجيكي هازارد من تشيلسي والصربي يوفيتش من فرانكفورت والياباني كوبو من طوكيو والبرازيليين ميليتاو ورودريغو سيلفا والفرنسي فيرلان ميندي والإسباني سورو من سرقسطة ولوكاس سيلفا.
أتلتيكو المتجدد
شكل مجيء المدرب دييغو سيميوني إلى الروخي بلانكوس أواخر 2011 نقطة تحولاً كبيراً في مسيرة القطب الثاني في العاصمة فأعاده إلى صلب المنافسة على البطولات ونجح في حصد 7 ألقاب على الجبهتين المحلية والأوروبية، ورغم أن الأتلتي لم يفز سوى بلقبين على مستوى الليغا وكأس الملك إلا زاحم القطبين على كل الألقاب فكان أحد ثلاثة في القمة على صعيد الدوري خلال المواسم الثلاثة الفائتة وهاهو يستعد للمنافسة بالموسم الجديد.
ولذلك لم يجد سيميوني وإدارة الأتلتي بداً من الدخول بقوة في الميركاتو الحالي خاصة بعد رحيل خوانفران وفيليبي لويس ودييغو غودين وبيع غريزمان ولوكاس هيرنانديز الذي أصبح أغلى لاعب في البوندسليغا ورودي إلى مان سيتي ومنساه إلى تركيا، وحصد النادي قرابة 300 مليون يورو ما أتاح لسيميوني صرف مبلغ ناهز 240 مليوناً منها مقابل التعاقد مع جواو فيليكس من بنفيكا وكيران تريبييه من توتنهام وأعاد موراتا نهائياً بعد موسم الإعارة من تشيلسي وجاء بماركوس ليورينتي من ريال مدريد وهيكتور هيريرا من بورتو وكذلك مع المدافعين البرازيليين فيليبي من بورتو ورينان لودي من بارانينسيي وهيرموسو من إسبانيول.
منافسة شرسة
كل التوقعات تشير إلى أن اللقب لن يخرج عن هذا الثلاثي الذي رتب أوراقه جيداً، فالبرشا يسعى بكل ما أوتي من قوة للحفاظ على لقبه وتضييق الفجوة التاريخية مع الريال، والأخير حاول ومازال إعادة البناء من خلال مدربه (المحظوظ) زيدان ويطمح للعودة إلى منصة التتويج، على حين الأتلتي بالمدرب الأكثر خبرة بين أقرانه بالليغا يأمل بدخول نادي المتوجين من جديد، وبالتالي فنحن على موعد مع منافسة ربما ستكون الأشرس في المواسم الأخيرة ومن الصعب توقع ترتيب ثلاثي القمة للموسم القادم وقد ننتظر الأسبوع الأخير لنعرف من هو بطل موسم 2019/2020.