ثقافة وفن

د. عبد الفتاح عمورة ينقل تجارب الأمم إلى العربية … ساكسينا والإضاءة على التجربة الهندية في التدريب والتأهيل انطلاقاً من أن قضايا العالم الثالث متشابهة

| سارة سلامة

يتيح لنا الأستاذ الدكتور عبد الفتاح عمورة قراءة موغلة في بحثي «تحليل مواصفات المهارات» و«الحوكمة والإصلاحات الإدارية» من خلال نقلهما إلى اللغة العربية في كتابين صادرين عن دار الفرقد للنشر، حيث إن المقاربة المذكورة في كتاب «تحليل مواصفات المهارات» التي أعدها ساكسينا ستكون مفيدة جداً، وستجعل التدريب ذا صلة أكبر وأكثر فاعلية. وتفيد على نحو خاص المنظمات والمدربين والمستشارين، وكل شخص معني بتحديد حاجات الإدارة، بينما يتطرق كتاب «الحوكمة والإصلاحات الإدارية» إلى مسألة الحوكمة، من جميع جوانبها في بلد رائد من بلدان العالم الثالث- الهند- ما يضفي مزيداً من الأهمية عليه لنا بسبب تشابه المشكلات التي تواجهها بلداننا.

تحليل مواصفات المهارات
يقول المدير السابق للمعهد الهندي للإدارة (لاكناو) البروفيسور إيشوار دايال: «إني أقدر العرض الدقيق والمنظم للمؤلف إ. ب. ساكسينا ذي الباع الطويل في النشر والمعروف بإسهاماته في حقل عمل الإدارة والتدريب في الهند والمنطقة العربية والعالم، آمل أن تكون مقاربة تحليله للمهارات، الموضحة جيداً في هذا الكتاب مفيدة للجميع».
أما تي. آن. تشاتورفيدي فيقول: «تقدم دار الفرقد هذا الكتاب للقارئ العربي في محاولة الإضاءة على التجربة الهندية في التدريب والتأهيل، منطلقة من أن قضايا العالم الثالث متشابهة، والهند رائدة في هذا المجال».
ويبين المؤلف إ. ب. ساكسينا أن: «التدريب على الإدارة يقدم اليوم نمطاً رسمياً ومنظماً من خلال البنى المؤسساتية، الواسعة الانتشار في عموم البلاد، من خلال البنى المؤسساتية لمعاهد الإدارة، بما في ذلك الكليات الجامعية، تشمل هذه التغطية اليوم عدداً كبيراً من الكوادر والموضوعات والمجالات الوظيفية، بحيث تجذب مشاركة رسمية في البرامج. وبذلك، ليس من حاجة لكي ندافع عن موجبات التدريب على الإدارة».
تتراوح الخطوط العملياتية نحو التدريب على الإدارة من إقرار وتحديد الاحتياجات، واختيار المنهجيات إلى الطلب على التقييم، وستؤخذ بالحسبان على أنها تدخّل رسمي مخطط يستند إلى مقاربة واضحة المعالم، وفوق ذلك، أن التدريب على الإدارة ليس مدخلاً غير ذي كلفة باهظة.
يحدد هذا المخطوط تحليل مواصفات المهارات كقاعدة أساسية للتدريب على الإدارة، وذلك بقلق مؤلم ومربك من أجل الاحتياجات التنظيمية، ينظر إلى المقاربة على أنها سلسلة مبرمجة لمساعدة الأفراد على تطوير مواقفهم بشكل أكثر ثقة، وموقف وقياس المهارات التي ستكون ذات فائدة قصوى لهم وللمؤسسة التي يعملون فيها.
يتضمن تحليل شكل المهارات جدولاً لمخرجات نوعية وكمية لمساعدة المحلل على تطوير عناصر موجزة حول الأولويات وبذلك تصبح المقاربة ممارسة تشاركية حتى يفهمها ويستوعبها الكادر الوظيفي المعنيّ بأنها هدف مشترك مرغوب فيه، غني عن القول، أن المسؤولين المعنيين، وعلى المستويات كلها، الذين يجري تحليلهم، يتطلعون إلى التحليل بأنه خطوة لتحصيل المعرفة والتقدم المهني.
من المتوقع أن الطيف الواسع من معاهد التدريب على الإدارة، وكل ضمن موارده وخبراته الفعلية، سوف يجد مدى الاستفادة المرجوة للمهام التي يقوم بها عبر تقديم مخرج دائم قابل للحياة والديمومة، يتميز بالقبول وقابلية التطبيق والفاعلية.
تبرز اليوم أفكار جديدة حول مشهد التدريب على الإدارة من المتوقع، بالفعل المأمول به، أن تحليل مواصفات المهارات الموجزة عناصره في هذا المخطط سيقدم إلى مجتمع التعلم قاعدة يهتدى بها لتقييم عملية تطوير التنظيم الشخصي للكوادر، إن الهدف الأوسع هو ضمان بروز التدريب على الإدارة، بأنه عملية دائمة ومقبولة، سيساعد تحليل مواصفات الشخصية، كما هو مأمول منه، في ضمان تحقيق هذه الأهداف.
ويضم الكتاب: (متطلبات المهارة في العمل الإداري- تحليل منهجي، أدوات وعملية تحليل مواصفات المهارات، تحليل احتياجات الإدارة وفق الزمن الحقيقي، تحليل مواصفات المهارات في قسم أو إدارة، طريقة عرض النتائج والتقرير الفني، المعرفة والمهارات التي يتطلبها المديرون ذوو المناصب الرفيعة والمتوسطة، مفهوم مشروع تحليل مهارات الإدارة، تصميم برنامج مهارات الإدارة).

الحوكمة والإصلاحات الإدارية
غدت الحوكمة منذ عهد قريب كما لو أنها علاج لجميع أمراض التنمية، بل أصبحت مشروعاً يبشر بجميع برامج تقليص الفقر في كل أنحاء العالم الثالث، يقدم هذا الكتاب توصيفاً للمدلولات المتغيرة للحوكمة والحكم الرشيد.
في الأصل جرى استخدام مصطلحي «الحوكمة» و«الحكم الرشيد» كمترادفين. كانت الحكومة تعني ممارسة السلطة لإدارة شؤون الدولة، ثم أخذ المصطلح المكانة الأوسع أو التعويذة في الحديث عن التنمية. حيث يجب أن تهتم بمسائل المساواة والعدالة والاندماج وسرعان ما أدرك الباحثون أن الحوكمة تتعلق بالمشاركة الأوسع بين الدولة والمجتمع، وليس مجرد شفافية تكنوقراطية في أنموذج المحاسبة والمسؤولية إلى أن أصبح المصطلح أداة للتدخل.
ويقول المؤلف في تقديم الكتاب إنه: «يوجد عنصر مهم في الحديث المعاصر عن الحوكمة، ويتعلق بأجندة الإصلاح الإداري، لذلك فإن الحديث عن واحد منها من دون الآخر سيكون جهداً غير مكتمل مع ذلك، وبالرغم من حالات عدم توازن الأداءين الكمّي والنوعي الواضحين، لا تبحث الطبقة العليا من بنى الحكومة عن الطبيعة المحورية المشتركة بين الحوكمة والإصلاحات الإدارية، إن الفرضية المطبقة دوماً هي أن الآلية القائمة المستندة إلى «قم بالإصلاح هنا وهناك»، ستحافظ على بقاء المحرك في حالة التشغيل، والمضي قدماً على النهج، من الواضح أنه يتم تجاهل فرضيات القدرة والالتزام والكفاءة في القطاعات المطبقة.
يبقى العمل قائماً بشكل جزئي على مسألة الحوكمة، مع تجاهل الحدود المشتركة مع الإصلاحات الإدارية، إن ما يتم تجاهله في هذه الحالة هو أن الهيئة القائمة على الإدارة، التي تساعد في إجراء الأعمال اليومية للحكومة، بحاجة إلى تدقيق وتفحّص الأعمال اليومية للحكومة، وبحاجة إلى تدقيق وتفحص الأعمال التي تقوم بها- سواء من خلال عامل التنسيق أم الإنتاجية أو حتى العلاقة مع المجتمع المدني، تصبح جميع هذه العناصر مترابطة وبحاجة إلى الاهتمام بها كما هو الحال في الكلام السائد عن السياسة، ذلك أن الحكومة تعد بمنزلة الطريقة التي تمارس فيها الدولة سلطتها في إدارة الثروات الاقتصادية والاجتماعية بغية تسريع عملية التنمية.
ستبقى هذه الاهتمامات صالحة ومبررة في العقود المقبلة أيضاً، ذلك أن مهام بناء الأمة لم تكن يوماً مكتملة.
ولكونها عملية مستمرة، فإن قضية مسيرة الإصلاح الإداري المتسارعة في مجال الحوكمة، ربما ستصبح حركة، ستقترح بعض هذه الاهتمامات أن المسائل المعقدة المعنية بالعلاقة الخاصة بين مسيرة الإصلاح ومضمون الحوكمة من جهة، والإصلاحات الإدارية من جهة أخرى، هي خارج إطار الردود البسيطة. تتطلب الإصلاحات الإدارية والحوكمة، وبشكل نسبي، أن تكون الجهود المطلوبة نابعة من الداخل، وصالحة محلياً، إلى درجة تقتضي تجنب الوصفات القياسية الجاهزة.
يضم الكتاب: (جواهر لال نهرو/ ورؤيته حول الحوكمة، الحوكمة والمجتمع المدني، الإصلاحات الإدارية بحث لا نهاية له، الإصلاحات الإدارية على مستوى المنظمة، عنصر التنسيق في الحوكمة والإصلاحات الإدارية، الإصلاحات الإدارية وإنتاجية الإدارة، قياس إنتاجية الحكومة).

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن