بعد نحو خمسة عشر عاماً على قرار حكومي قضى بإلغاء زراعة دودة الحرير والصناعة المرتبطة بها وعلى إغلاق شركة الحرير الطبيعي بالدريكيش نشهد اليوم خطوات متلاحقة بدأتها الحكومة الحالية لإحياء هذه الزراعة والصناعة، فمن خلال البرنامج الحكومي الذي ركز على القطاعات الإنتاجية وخاصة المولدة للدخل في المناطق الريفية كان للحرير الطبيعي اهتمام خاص لما له من رمزية وخصوصية على مستوى سورية ولما للحرير الطبيعي من سمعة على المستوى العالمي من خلال المنتجات النسيجية التي تعتمد الحرير الطبيعي مثل الدامسكو والمقصب والأغباني وغيرها التي اشتهرت بها سورية وخاصة دمشق.
وقد بدأت أولى الخطوات عام 2016 من خلال تشكيل فريق مشترك بين وزارة الزراعة ووزارة الصناعة لإعداد مشروع وطني لإعادة أحياء تربية دودة القز وتم الانتهاء من إعداد المشروع في شباط عام 2017 وخلال زيارة رئيس مجلس الوزراء لمعمل الحرير بمدينة الدريكيش منتصف نيسان عام 2017 وجه بالبدء في تنفيذ المشروع على ثلاث مراحل تمتد من عام 2017 ولغاية 2027 المرحلة الأولى تنتهي في عام 2020 وتبدأ بالإنتاج عام 2023.
ويتضمن المشروع زراعة 2978 دونماً بـ893 ألف شجرة توت في محافظات طرطوس اللاذقية حماة ومجموع الإنتاج المقدر بعد الانتهاء من تنفيذ كامل المشروع يبلغ 260طن شرانق تنتج أكثر من 43طن خيوط حرير تكفي لعمل الشركة على مدار العام لثلاث ورديات وقد باشرت وزارة الزراعة بالعمل حيث تمت زراعة أكثر من 120الف شجرة توت في محافظات طرطوس اللاذقية حماة لغاية تاريخه.
وعلى خط مواز وفي أول زيارة لوزير الصناعة محمد معن جذبة لمعمل الحرير طرح محافظ طرطوس معاناة مربي دودة الحرير في محافظة طرطوس حيث وجه وزير الصناعة بمتابعة مربي الحرير بالتعاون مع وزارة الزراعة وتقديم كل الدعم لإعادة شركة الحرير للعمل كما وجه بدراسة احتياجات الشركة لإجراء الصيانة الضرورية لآلات الشركة المتوقفة عن العمل منذ العام 2009 إضافة لذلك وبجهود شخصية من وزير الصناعة تم تأمين نول نسيج من أحد الصناعيين في محافظة حلب ويمكن تشغيل خيوط الحرير لاحقا على هذا النول لإنتاج أقمشة حريرية حيث تم تركيب النول وتجريبه وهو جاهز للعمل.
وذكر مدير شركة الحرير الطبيعي يوسف أحمد لـ«الوطن» أن الوزير وجه بضرورة تأمين حلة لصباغة الحرير حيث تم تأمين الحلة المذكورة وتركيبها في إحدى الشركات التابعة للمؤسسة العامة للصناعات النسيجية مضيفاً: على صعيد الشركة تم الانتهاء من إجراء الصيانة السريعة لآلات الشركة وآلة الحل وآلة لف الشلة وهي جاهزة للعمل كما كانت عليه عند توقف الشركة عن العمل في العام 2008، وتابع: بحضور وزير الصناعة تم تجريب الآلات وتم التأكد من جاهزيتها خلال الزيارة الأخيرة بحضور كل من وزير الصناعة ووزير النقل.
وأضاف أحمد: هناك دعم كبير توليه الحكومة لصناعة الحرير وهناك اهتمام كبير من الوزير بشركة الحرير ودعم واضح لصناعة الحرير لتعود لسابق عهدها وقد اخذ الاهتمام الحكومي جانباً آخر من خلال تشكيل لجنة من مختلف الوزارات المعنية واتحاد الحرفيين لتقديم مقترحات عملية لتذليل أي صعوبات تعترض إعادة إحياء صناعة الحرير.
نشير أخيراً إلى ملاحظات العاملين في الشركة على الشرانق التي يتم حلها ومنها أن الشرانق ليست بالمستوى والجودة المطلوبة من حيث الحجم حيث لا تعطي أفضل الشرانق أكثر من 400م خيط على حين أن الشرنقة الجيدة يحب أن تعطي 800م وتصل إلى 1200م وبرأي العاملين في الشركة يعود السبب إلى نوعية بيوض الحرير غير الجيدة، هذا وطلبت إدارة الشركة والعاملون فيها من الوزارة ضرورة تأمين بيوض حرير بمواصفات ممتازة حيث يمكن تأمين هذه البيوض من إيران الصديقة التي تحتل المرتبة الثامنة عالميا بإنتاج الحرير.