القرار الكبير: لن تبقى حبة تراب بين أشداق الذئاب…
في أكثر من مكان في العالم، حديث عن المأزق التركي في سورية، على الرغم من كل المظاهر الدونكيشوتية عن المأزق الأميركي في سورية. ذاك الذي كان صوته يلعلع «آتون إلى دمشق»، ثم ما لبث أن تلاشى على الأرض. وذاك الذي يضطلع بدور المرتزق لحساب العباءات التي تؤدي رقصة الحرملك على أرصفة البيت الأبيض.
ماذا تبقى من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على المسرح السوري ولم يحترق؟ ربما رؤوس أصابعه. رفيقه في درب الصعود علي باباجان قال «لقد بتنا عراة في سورية». النيوعثمانية توارت بتواري أحمد داود أوغلو. النيوانكشارية، بتلك الإيديولوجيات الميتة، اخترقت اللاوعي التركي.
عبدالله غول قال «لا تدعهم يزعزعون أعمدة هذا البيت». حذّر من تداعيات التصدع الناتج عن تفاعلات التدخل «… وحيث ينبغي ألا نكون».
الآن، أردوغان، البهلوان الأميركي، والبهلوان الإسرائيلي. رجل يبحث عن مستقبله السياسي في سروال دونالد ترامب. نيكي هايلي سبق أن وصفت «جبهة النصرة» من نيويورك بالشقيقة التوءم لتنظيم «داعش». ماذا يفعل الرئيس التركي، غداة الصفقة مع نظيره الأميركي، سوى مؤازرة البرابرة، وقد شرّع أمامهم الحدود، والمعسكرات، والمنتجعات، وحتى الملاهي الليلية، ليكونوا، حينما يدق النفير، جحافل الفتح!
أي خرافة تلك ما يدعى بـ«المجتمع الدولي»؟ أمام الملأ، قال بتعديل مقررات لوزان. لكي يتوج السلطان، يفترض أن يستعيد بعض مناطق السلطنة، وقد تحولت، منذ قرن، إلى أثر بعد عين.
عبثاً يحاول أن يكون السكين في الخاصرة السورية. هكذا طرح نفسه أمام دونالد ترامب الذي يرى فيه، تناغماً مع تعليق لقناة فوكس، الراقص بجماجم الموتى. أردوغان لم يقرأ ما كان رأي الفريق الذي ينتمي إليه نائب الرئيس مايك بنس في فتح القسطنطينية.
هذا الفريق الذي يدعو إلى استعادة المدينة، يرى أن تركيا، بتشكيلها الفسيفسائي، الهش والمعقد، لا بد أن تتخلخل، لتمضي، بخطا حثيثة، نحو التحلل.
الأوروبيون الذين يتفادون إزعاج بنيامين نتنياهو، ومن ورائه المؤسسة اليهودية، يقولون، في مجالسهم الخاصة، بإقفال ملف الأزمة في سورية، لأن تفاعلات هذه الأزمة بدأت بالظهور في الدول الحليفة للغرب.
المستشرق الفرنسي جيل كيبل استفاض في الحديث عن التشققات الدراماتيكية في البنية الفلسفية لتلك الدول.
العيون العرجاء في منطقتنا لم تشاهد الآليات التركية التي هبت لمؤازرة البرابرة. أين جامعة الدول العربية، وقد أضحت «مستودعاً للأدمغة الصدئة»؟ أحمد أبو الغيط لا يفعل أي شيء سوى دغدغة أقدام بعض السفراء العرب في القاهرة. في الأروقة الخلفية حديث كاريكاتوري عن السلاحف التي تطوف، حافية، حول الهيكل.
كيف لنا ألا نستغرب ذلك النوع من الموت (وقلنا… ذلك النوع من العار). حكام، على شاكلة الألواح الخشبية الناطقة. هذا تراب سورية، ولطالما اختزن الإعصار، واختزن الزمن، واختزن كل أيام العرب، وكل أحلام العرب. إلى متى ليل الديناصورات؟
تلك الوجوه، بالأقنعة الزجاجية، جزء من ثقافة الفضيحة. ماذا يفعل رجب طيب أردوغان سوى أنه، في وضح النهار، يساند المغول الجدد. الآتين من ليل الأزمنة كما انكشارية أيام زمان الذين انقضوا، في لحظة ما، على من شرّع أمامهم الأبواب، وخزائن المال، والمراتب.
على الأرض السورية، الأرض المقدسة، الإعصار في وجه الديناصورات. ليل الديناصورات!