اقتصاد

جاءكم «الشرق»

| علي محمود هاشم

ثمة فرصة جديدة لتكرار نجاح معرض دمشق الدولي عبر دورته الحالية، إلا أن المهرجانات السياحية التي استنشقت كل ما هو متاح من التعافي الاجتماعي وحركية السياحة عبر الحدود هذا العام، لم تترك أمامه سوى الشق الاقتصادي للنفاذ منه إلى ذلك النجاح، وهو ما لن يتجسد سوى عبر حجم وطبيعة العقود والتفاهمات التي يمكن إبرامها خلاله.
بحكم العادة، يمكن استنباط التوقعات المسبقة بالنجاح العارم الذي سيحققه معرض دمشق الدولي على الصعيد الشعبي في دورته الـ61، وهذه التوقعات تشكلت على أرضية مسلمات التاريخ الطويل للمعرض، إلى جانب السعي الحثيث لتعزيزها بشغف خلال الدورتين الماضيتين، إذ تهافتت الجهود على توليف البيئة اللازمة لذلك من ترفيه وتكريس للبنى اللوجستية، وصولاً إلى شحذ الهمم بملاقاته كعنوان وطني.
بطريقة ما، خضع المعرض لاختبار إجهاد عاطفي ذاتي تلهف من خلاله المنظمون وزواره على حدّ سواء لإلقاء براهينهم بالنصر في لجّ الحرب، فاحتفوا عبر حواسهم الخمس بذلك النجاح العزيز في بعده الشعبي عام 2017، قبل أن يعيدوا الكرة العام الماضي.
مع عدم الإخلال بما للمعرض من دور اجتماعي رصين، لطالما شكل إطاراً وطنياً يصعب تصوره في أي مكان آخر، فقد لا يكون كافياً الركون إلى طعم المفاجأة الرائع مجدداً، كما لم يعد من مكان لذلك الإحساس العارم بلذّة اليقين المتجدد بالنصر، فوفق المعيار الاقتصادي، تحتاج الحكومة لأكثر من ذلك إن هي أرادت التمتع بلذة وقفة المنتصر أمام منصة بياناتها الأسبوعية عقب انتهاء فعاليات المعرض.
النجاح الاقتصادي للمعرض ليس بالأمر السهل، لكنه الحصة الوحيدة المتاحة أمام الحكومة في هذه الدورة، وإن هي أرادت ذلك، فسيتطلب منها الأمر أكثر من تلك الاجتماعات البروتوكولية التي يتم خلالها إخضاع الوفود الخارجية لعصفٍ من بيانات التعافي الاقتصادي (الفذّة) التي واظبت على سحق مسامعنا خلال السنوات الأخيرة، كشرط لازم لإتاحة الفرصة أمام صياغة نموذج مختلف عن البيانات الرجراجة كتلك التي (دوّخت) كل من حاول القبض على جملة مفيدة واحدة لحجم وطبيعة العقود المبرمة على هامش دورته السابقة.
في هذا السياق، وعطفاً على الطبيعة السياسية والاقتصادية لمعظم المشاركات الخارجية في المعرض، وإيمانها العميق بمحورية سورية في مناهضة الهيمنة الاقتصادية الغربية، ثمة فرصة استثنائية أمام الحكومة للاستفادة من (مَلَكتها) الراسخة في الخطابة لإصابة الوفود بعدوى الإحساس بتأهب الاقتصاد الوطني القصوى للتعافي ليس عبر الشعارات، وإنما من خلال الدمج بين البيئة التشريعية التي يتم توضيبها راهناً بما في ذلك المحفزات الاستثمارية التي باتت أكثر وضوحاً، والاستعداد المسؤول لتذليل جميع ما قد يعترضها جراء تقاليدنا الإدارية والتعهد بابتكار كل ما يتطلبه دفق التعافي من حلول للمشكلات الطارئة.. وبين الفضاء الجغرافي الذي ستتمدد على صفحته الإقليمية نجاحات اقتصادية وسياسية مؤكدة لكل من يسارع إلى حجز مكان له فوق منصتها السورية.
طالما استطاعت فعل ذلك، فلربما تستدرك الحكومة – تلقائياً- انتظار «التوجه شرقاً» بعدما ملّ الأخير انتظارنا هناك، فجاء إليها!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن