شؤون محلية

التسول في حلب حاجة أم مهنة؟ … مدير الشؤون الاجتماعية والعمل: الحكم على 3 متسولين بالسجن لمدة عام … الأهالي يستغلون الأطفال المتسولين لكون القانون لا يجرمهم ولا يعاقبهم

| جلنار العلي

أكد مدير الشؤون الاجتماعية والعمل في حلب صالح بركات تضاؤل نسبة التسول في حلب مقارنة بالأعوام السابقة، وذلك بعد صدور المرسوم الرئاسي الذي شدد العقوبات على المتسولين.
وكشف بركات لـ«الوطن» عن الحكم على نحو 3 متسولين بالسجن لمدة عام منذ تاريخ صدور المرسوم إلى الآن، وذلك بعد أن تم تسليمهم إلى القضاء، لافتاً إلى أنه عندما يتبين أن المتسول يجهل عقوبة التسول وخاصة إذا كان يتسول للمرة الأولى لا يتم التدقيق عليه ويتم إخلاء سبيله على الفور، وذلك بعد أن تتم دراسة وضعه الاجتماعي من خلال الذهاب إلى منزله والاطلاع على حالته المادية لبيان إذا ما كان بالفعل بحاجة إلى المال، فيتم توصيله مع أحد الجمعيات الخيرية لمتابعة حالته ومساعدته.
وأعاد بركات سبب انخفاض نسبة التسول إلى إعادة تفعيل مكتب مكافحة التسول والتشرد في عام 2017، الذي عانى في البداية الضغط الكبير أمام قلة عدد الآليات وخاصة أن التسول ازداد خلال الأزمة، مشيراً إلى أنه يصعب التعامل مع الأطفال الممتهنين للتسول ما دون السنوات العشر، الذين يقوم ذووهم بتشغيلهم، لكونه يمنع تجريمهم ومن ثم تمنع ملاحقتهم، مشيراً إلى أن هذه الظاهرة هي أكثر ظواهر الامتهان في حلب، مضيفاً: ولذلك يستغل الأهالي الضليعون بالقانون أن الأطفال لا يتم تجريمهم أو معاقبتهم.
وتابع: حتى عندما نتعامل مع الأطفال المتسولين لإعادتهم إلى ذويهم، فإننا نتعامل بحذر، وخاصة أن هؤلاء الأطفال يقفون عند إشارات المرور، ومن ثم فإن ملاحقتهم قد تعرضهم لخطر حوادث السير أثناء هروبهم من الدورية.
وأشار بركات إلى أن ظاهرة التسول كانت تنشط في شهر رمضان، إذ إنه في عام 2018 تم إلقاء القبض على 400 متسول في شهر رمضان أمام المساجد الكبيرة، متابعاً: أما في شهر رمضان من العام الحالي فإن النسبة انخفضت بشكل كبير.
وكشف بركات عن العمل على تأهيل دار مؤقتة لرعاية المتسولين في منطقة السبع بحرات في حلب سيتم الانتهاء منه خلال مدة شهر، إضافة إلى وجود مركزين لرعاية المتسولين أحدهما تابع لجمعية المتسولين والآخر تابع للجمعية السورية للتنمية الاجتماعية في منطقة الفيلات في حلب، لافتاً إلى أن الأخير عمل على تأهيل الحالات نفسياً إضافة إلى تعليمهم وتأمين الإقامة المؤقتة لهم، حسب المدة التي يحددها الخبراء ليصار إلى إعادتهم إلى ذويهم، مشيراً إلى أن أغلب الحالات التي تمت معالجتها لم تعد إلى امتهان التسول مرة أخرى وذلك بسبب اتباع أسلوب الترغيب من خلال تأمين مدرسة للمتسول وتأمين احتياجاته كافة، وأسلوب الترهيب من خلال الإنذار بأنه عندما يعود الطفل للتسول يتم منع المساعدات كافة عنه.
من جانبه كشف رئيس مكتب مكافحة التسول والتشرد في حلب عطا درويش عن تنظيم حوالي 54 ضبطاً بحق متسولين في عام 2019 تم تسليمهم إلى القضاء، ووجود حوالي 50 شخصاً ممتهناً للتسول، مشيراً إلى أنه في بداية عمل المكتب تم توعية 400 متسول بعواقب مهنة التسول قانونياً، وإعادة 70 طفلاً متشرداً إلى ذويهم منذ افتتاح المكتب.
وأكد درويش أن نسبة التسول في حلب انخفضت إلى ما يقرب من 95%، مقارنة بعامي 2016 و2017، وذلك نتيجة المعرفة بالعقوبات التي تترتب على المتسول، إضافة إلى انتشار الدوريات على مدار الساعة وتعميم رقم هاتف «الخط الساخن» على شرطة المرور وأصحاب المحال للإخبار عن أي متسول.
وأضاف: عندما نتحدث عن انخفاض نسبة المتسولين فإن المقصود هنا هي نسبة الانتشار الملحوظ فقط، معتبراً أن القضاء على التسول بشكل نهائي يعد أمراً مستحيلاً، ولا سيما في ظل الظروف الاقتصادية المعيشة، ووجود الكثير من الأشخاص الذين يتسولون بسبب الحاجة المادية، لافتاً إلى لجوء الكثير من النساء إلى التسول في الخفاء عن طريق تنقلهن بين المحال التجارية لطلب المساعدة المادية، معتبراً أن ذلك أشبه بموضوع السرقة التي لا يمكن القضاء عليها.
ولفت درويش إلى انتشار ظاهرة شم البنزين والشعلة بين الأطفال والمراهقين المتسولين، مبيناً أنه تم ضبط بعض الحالات ومن ثم التواصل مع فرع مكافحة المخدرات، مضيفاً: ولاحظنا عدم وجود تعاون كبير من فرع المخدرات من هذا الجانب لكون هؤلاء المتسولين هم أطفالاً، لذا تم العمل على إيصالهم إلى أهاليهم.
ولفت درويش إلى أن يومية الطفل المتسول قد تصل إلى 15 ألف ليرة إذا كان يقف عند إشارات المرور، بينما عندما يكون التسول في الأماكن الراقية وأمام المطاعم وهنا يكون أغلب المتسولين من النساء فإن يوميتهن تتجاوز 25 ألف ليرة.
وتابع: عندما يكون التسول بقصد الحاجة المادية الفعلية فإن هذا النشاط يكثر يوم الجمعة أمام المساجد أي يكون لمرة واحدة في الأسبوع، أما عندما يكون التسول بشكل يومي فإنه يتجاوز مرحلة الاحتياج ويصبح مهنة للكسب السريع، متفقاً مع مدير الشؤون الاجتماعية والعمل بأن شهر رمضان هو شهر التسول، لافتاً إلى أنه في شهر رمضان الحالي لم يتجاوز عدد المتسولين سبعة أشخاص تم تقديمهم إلى القضاء.
وكشف درويش عن الصعوبات التي واجهت عمل المكتب وهي أن أغلب المتسولين يعرفون آليات الدوريات من ثم يقومون بالهروب على الفور، إضافة إلى أن أغلبهم أطفال ما دون سن التمييز، تتراوح أعمارهم بين 5 و6 أعوام يتم تشغيلهم من ذويهم، مضيفاً: ليس لدينا صلاحية أن نقوم بملاحقة الأهالي، وإنما ينحصر عملنا بملاحقة الشخص المتسول أو المتشرد.
وفي السياق أكد مدير الهيئة العامة في مستشفى ابن خلدون للأمراض النفسية والعقلية في حلب بسام حايك أن دور المشفى ينحصر في استقبال المتسولين الذين يعانون أمراضاً نفسية لتقديم العلاج المناسب لهم وذلك بعد التأكد من أن هذا المتسول يعاني بالفعل أمراضاً نفسية كي لا يسبب مشكلات للمشفى والمرضى، إضافة إلى استقبال المتسولين المسنين والقاصرين الذين ليس لديهم مأوى، فيتم استقبالهم لمدة شهر على سبيل الأمانة ريثما يتم تأمين مكان آخر لهم، مضيفاً: نقوم بذلك تجاوزاً لأن المشفى لا تقع عليه مسؤولية رعاية المتسولين.
وأضاف: إن ظاهرة التسول في عام 2019 تكاد تختفي بشكل تدريجي لذا فإن عدد المتسولين الذين تم استقبالهم بصفة الأمانة لا يتجاوز أصابع اليد مقارنة بالأعوام السابقة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن