قضايا وآراء

السيسي قدم مراجعاته فمتى التنفيذ؟

| سيلفا رزوق

حسناً فعل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، باستذكار أن ما جرى في سورية كان مخططاً له، وبأن الإرهاب الذي قدم إليها من كل بلدان العالم كان الأداة لتدميرها.
الإعلان المصري وإن جاء على الهيئة التي عادة ما يستخدمها العرب لتحذير شعوبهم من تعرضهم لمخطط مماثل لما جرى في سورية، ربما لم يأت بجديد، وتذكير العالم بأن الإرهاب كان الأداة لتدمير الدول، لم يعد جديداً أيضاً، لكن ما يلفت في هذه التصريحات هو توقيتها الذي يأتي بعد تصريحات مشابهة على لسان وزير الخارجية المصري سامح شكري تحدث فيها عن وجود مشاورات بين الدول العربية حول عودة سورية إلى جامعة الدول العربية، بعد تجاوزها لما سماه «محنتها»، دون تحديد أطر زمنية لهذه المشاورات، في استعادة لخطاب عربي كان سبق خطوة الإمارات والبحرين بفتح سفارتيهما بدمشق أواخر العام الماضي، وأحبطه لاحقاً وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو بإحدى جولاته في المنطقة.
العودة للوراء قليلاً قد لا تفيد لكنها لا تضر أيضاً، والسوريون الذين مال الكثير منهم لتقديم طروحات تطالب دولتهم بالتخلي عن بعدها العربي القومي بعد الذي ذاقوه من تآمر عليهم، ومساندة عربية معلنة لأدوات إرهابية ساهمت في تدمير دولتهم، لم ينسوا بعد تلك الأيام، ويعرفون جيداً بأن انتصارهم على ما خطط ضدهم هو الذي دفع بكل هذه «المراجعات».
اليوم ومع عودة الحراك «الكلامي» العربي صوب سورية، ربما من حقنا طرح العديد من التساؤلات حول أسبابه وتوقيته، ومدى حيازته على الرضا الأميركي المطلوب، باعتبار أن التجارب السابقة تؤكد بأن أي تحرك عربي أياً كان اتجاهه، لن يكتب له الاستمرار دون نيله الضوء الأخضر الأميركي المنشأ.
دمشق التي رحبت على الدوام بأي خطوة عربية تجاهها، وقالت إن أبوابها مفتوحة لجميع من غادروها، رغم مرارة التآمر عليها، من حقها أن تسأل عن الخطوات التنفيذية لكلام الرئيس المصري الأخير، فمشاركة وفود اقتصادية من عمان والإمارات والأردن ومصر وغيرها من الدول العربية في معرض دمشق الدولي الأخير، ليست دليلاً كافياً على أن تنفيذ ما يجري الإعلان عنه والتلميح إليه يبدو قريباً.
مرآة السياسة هي الإعلام، وخطاب بعض الإعلام العربي يكشف لنا أن البدء باتخاذ خطوات عربية متقدمة صوب سورية لا يبدو قريباً، خصوصاً مع إصرار عدد منه على المضي في استجداء طروحات عفا عنها الزمان، وإن خفتت «اللهجة» لدى الكثير من الدول وخصوصاً في مصر وتونس وبعض دول الخليج، وبدأ الصوت السوري يسمع جيداً هناك، وقدمت وجهة نظره حول حقيقة ما يجري بحق بلاده.
خروج سورية من «محنتها» وتصديها للخطر القادم من الشمال، أعاد إنعاش الذاكرة العربية للحقيقة التاريخية الثابتة، بأن حاجة العرب لسورية هي أكبر من حاجتها إليهم، والكل يدرك بقرارة نفسه ما الذي كان سيعنيه نجاح مشروع «الإخوان المسلمين» في سورية، وتمكن العثمانيين الجدد من الوصول مرة أخرى إلى أسوار دمشق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن