ثقافة وفن

فيلم «دمشق حلب» في ندوة سينمائية في مكتبة الأسد … دريد لحام: أفلامنا زادت والمشكلة بعدم وجود صالات … باسل الخطيب: السينما أقرب للناس والفيلم السوري استعاد عافيته

| وائل العدس- تصوير طارق السعدوني

ضمن الفعاليات الثقافية والفنية المرافقة لمعرض الكتاب الدولي الحادي والثلاثين، عرضت إدارة مكتبة الأسد فيلم «دمشق حلب» في قاعة المحاضرات، وتلته ندوة سينمائية مفتوحة بحضور المخرج باسل الخطيب والفنان الكبير دريد لحام والفنانة كندا حنا.
الفيلم من تأليف تليد الخطيب وتمثيل دريد لحام وسلمى المصري وصباح جزائري وكندا حنا وعبد المنعم عمايري وشكران مرتجى ونظلي الرواس وبسام لطفي وربى الحلبي وبلال مارتيني وناصر وردياني وعلاء قاسم ونادين قدور ونيرمين شوقي وعاصم حواط وفاروق الجمعات ووفاء العبد الله وأحمد رافع ولؤي شانا ونور رافع ورشا رستم ومهران نعمو وطارق عبدو وأسامة عكام وحسن دوبا ومجد حنا وسلمى سليمان وسالم بولس ووائل شريفي.

أعلى إيرادات
أكد المخرج الخطيب أن الفيلم يعني له على الصعيدين الشخصي والعام، حيث حقق حلمه بالتعاون للمرة الأولى مع الفنان القدير دريد لحام.
وقال: عادة ما أقدم أعمالاً ذات طابع درامي تراجيدي قاس، لكني في «دمشق حلب» تجرأت بالاقتراب من مساحة لها علاقة بالسخرية والكوميديا، ولأول مرة تخرج الناس من عرض لي وهي تضحك، فعشت إحساساً غريباً، وما أجمل أن يستطيع الإنسان رسم البسمة على شفاه الناس.
وكشف أن الفيلم حقق أعلى إيرادات في تاريخ السينما السورية حسب الإحصائيات، مشيراً إلى أن الفيلم عرض في لبنان ودول الخليج والعراق والأردن وكندا وأستراليا والدنمارك وهولندا، محققاً حالة لم أكن أتوقعها من ناحية العرض، ونجحنا بالفعل من إيصال الفيلم للجمهورين العربي والأجنبي.
وألمح أن السينما السورية خلال عقدين أو أكثر لم تستطع تكريس حالة التواصل مع الناس، وكانت تنتج أفلاماً بعيدة عن الناس، أما اليوم فالسينما صارت أقرب للناس، والفيلم السوري استعاد عافيته، لكن الحرب دعتنا للوقوف مع أنفسنا لتقييم لما قدمناه وما سنقدمه.

مشكلة الصالات
بدوره عبر الفنان دريد لحام عن حرصه على تاريخه من أن يهتز، لذلك يعتبر الأعمال التي بعضها مازال في ضمير الناس هي مستقبله، وكشف أن من أحلامه الصغيرة التي يبحث عنها دائماً هي أن يعثر على العمل الذي يلائم أفكاره؛ لأن خياراته صعبة جداً، وذلك لأنه يعتبر أن مستقبله وراءه وليس أمامه، فمستقبله يتمثل في الأعمال التي قدمها من قبل، ويجب أن يكون حريصاً على هذه الأعمال، ولا يريد أن يقدم عملاً ينسف هذا التاريخ.
وأكد أنه يتأنى كثيراً حتى يوافق على عرض ما، معتبراً أن تجربة «دمشق حلب» كانت رائعة، وستبقى كل دقيقة من التصوير في ذاكرته وتشعره بالسعادة، وقال: إنني أحتفظ في ذاكرتي بكل اللحظات التي قضيناها كفريق عمل واحد، فنحن بدأنا كزملاء وفي منتصف تصوير الفيلم أصبحنا أصدقاء ومع نهاية التصوير كنا أسرة واحدة، وسأستحضر هذه اللحظات كلما دعاني الفرح.
وعن غيابه الطويل عن الشاشة الكبيرة قال: لم أغب كثيراً، صحيح أن الأفلام زادت لكن هناك مشكلة بعدم وجود صالات، فجمهور السينما من ذوي الدخل المحدود، لكن في دمشق لا يوجد إلا صالة واحدة وليس بمقدور الجميع دخولها.
وكشف أن فيلم «الكفرون» بقي في صالات السينما 52 أسبوعاً دفعة واحدة لأن التذكرة وقتها كانت تناسب الناس، ولذلك أتمنى على وزارة الثقافة إيجاد حل لهذه المسألة، بأن نعرض أفلاماً في المراكز الثقافية بأسعار رمزية.

المرأة السورية
أما الفنانة كندا حنا فأعربت عن سعادتها بتلمسها مشاعر الناس خلال العروض الجماهيرية للفيلم وردود أفعالهم وهذا ما يميز السينما عن باقي الفنون، مبينة أن الدور الذي أدته لأم سورية لامس ظروف المرأة السورية زمن الحرب وإحساسها بالخوف والمسؤولية التي تقع على عاتقها بغياب الزوج حيث سعت لإيصال صوت المرأة بشخصيتها في الفيلم.
وأكدت أن المخرجين لا يمتلكون الجرأة الكافية بأن يروني ممثلة سينما أيضاً وليست ممثلة دراما فقط، لكن الأستاذ باسل فتح العين عليّ بعدما وثق بي وأشركني بفيلمين من أفلامه.

عن الفيلم
الفيلم الذي ينتمي لنمط الكوميديا السوداء يروي حكاية رحلة افتراضية في حافلة لنقل الركاب، بين دمشق وحلب يجتمع فيها ثلة من الناس بمختلف التوجهات والأعمار والأهواء، بحيث تشكل صيغة ما عن المجتمع السوري، بما يحمله من تنوع وتعدد في طيف بنيته الاجتماعية.
«عيسى» المذيع السابق يسافر إلى حلب لزيارة ابنته، وفي الحافلة يتضافر جزء من مصيره مع مصائر من وجدهم هناك إضافة إلى آخرين كانوا على تماس مع هذه الرحلة، بأسلوب لا يخلو من الكوميديا ويسير الفيلم في مجراه كاشفاً إيجابيات وسلبيات تعتري بعض تصرفات هؤلاء.
ركاب الحافلة يمثلون الانتماء للشعب السوري الواحد المحب للحياة رغم كل الظروف الصعبة التي يعيشها لتنتصر في النهاية إرادة الحياة والمحبة على كل ما زرع من ألغام لنسف هذه الحياة والمحبة.
هذا الفيلم الذي يعد التعاون الأول بين المؤسسة وبين القدير دريد لحام أعاد بنا الذاكرة إلى زمن السينما الجميل، أثبت فيه صاحب شخصية «غوار الطوشة» أنه كالذهب العتيق وأنه قدوة حسنة لكل الممثلين في سورية والوطن العربي بالأداء المرهف الراقي والحساس، وما عززه اشتغال المخرج الخطيب دائماً لكونه يشتغل على أدق التفاصيل التي تشد المشاهد وتسحره.
الشريط شائق ومميز في بنائه الفني وعمق إنسانية فكرته، وفيه الكثير من التعبير البصري الذي يحمل شحنة عاطفية عالية، ويرصد حالات اجتماعية وقضايا مبدئية وأخلاقية تعبر عن حالة المواطن السوري بشكل عام، وعن طرق تعايشه مع هذه الأوضاع، مستخدماً بذلك أسلوباً كوميدياً نابعاً من رحم المعاناة وتراجيدية الحياة التي تصل في بعض المواقف إلى حد الكوميديا.
ويمثل الشريط نوعاً من الأفلام الأكثر تعبيريةً والأصعب تنفيذاً، لأنه محكوم بجدية الموقف وقوة الأداء وعقلانيته، الذي ينبع منه حس الكوميديا المعبر عن الحالة بشكل متكامل، وهو نوع من أصعب أنواع الفنون، لما يتميز به من خصوصية الحالة والموقف.
كما يحتوي على عدد من الأفكار المهمة التي تحاكي الوضع الراهن في سورية من خلال التناقضات الاجتماعية والمعيشية المختلفة، حيث كان مختلفاً عن الأعمال التي تحاكي الأزمة بشكل مباشر كما تم تسليط الضوء على هذه النواحي بأسلوب كوميدي في زمن وضع المواطنين بمواجهة تحديات مصيرية تؤثر في حياتهم اليومية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن