من دفتر الوطن

السادة الأشباح.. شكراً!

| عصام داري

أعترف بأنني أكتب كي تقرأ الأشباح، وأنا سعيد جداً بأن هناك من يقرأ في هذا الزمن الذي صارت فيه مهنة الكتابة لا لزوم لها، وأن الإعلام وظيفة رسمية لكسب الرزق، ويقولون: «محل ما ترزق الزق» وأنا التصقت في الإعلام منذ(… سنة)!
وأنا مدين للأشباح بالشكر والاحترام الشديدين، فأن يكون هناك من يقرأ تخريفاتك وهلوساتك وتطاولك على «جناب» الفساد وجهابذة المفسدين، فذلك والله نعمة ونصر لك مبين!
وللعلم فقد قررت أكثر من مرة التوقف عن انتقاد الفساد والسادة الفاسدين المحترمين لكنني أعود المرة تلو الأخرى إلى الكتابة عن المذكورين، ربما لأنني أتوقع أن تصل كلماتي لأصحاب الربط والفك والحل، أو لأنني تيقنت أن أحداً لن يرد على كتاباتي، لا من المسؤولين ولا من الفاسدين، فأعجبتني اللعبة وها أنا ألعب في الوقت الضائع.
ويا سادتي الأشباح أرجوكم ألا تنقلوا كل ما أكتب للسادة المعنيين، فأنا أتمنى أن يظلوا نائمين في العسل وهم يظنون أنها في بروج مشيدة لا تصل إليها يد القضاء، وأنهم أقرب إلى المبشرين بالجنة ولا يمكن أن يتعرضوا لضير أو ضيم أو مساءلة، فأنا حريص على ألا يزعجهم أحد سواي، وأنا لا أزعج خاطرهم وجهاً لوجه، وإنما عبر القلم والورقة وهذه الآلية لا تجرح فراشة في ظل «التطنيش» الوطني الممتاز!
وسأهمس في آذانكم أصدقائي الأشباح، أن أحدهم أوصل إلي رسالة طريفة مفادها أن المقصودين بكتاباتي يقرؤون ما أكتب ويضحكون ويقولون ساخرين: «والله ابن الحرام صادق فيما يكتب»، ثم يلقون بالصحيفة في سلة المهملات، وبعضهم يعطونها إلى «اللفايات» لاستخدامها في تنظيف وتلميع زجاج النوافذ، أما هم فيلمعون أنفسهم أمام من يجب أن يرى الأشياء والأشخاص والمجسمات البشرية لامعة.
لم «أزعل» من استخدام عبارة «ابن الحرام» عند الحديث عني وعما أكتبه، فنحن عندما نريد أن نصف الذكي أو المجتهد أو الناجح بأمر ما فنصفه بـ«ابن الحرام» كدليل على ذكائه وشطارته، لكنني «زعلت» على الصحف التي تذهب إلى سلات المهملات أو تستخدم في تنظيف الزجاج، دون أدنى خجل، فهل تعرفون الجهد والتعب وعدد الصحفيين والعمال وحجم الأموال التي بذلت لتصل هذه الصحيفة أو تلك إلى الناس، ومن ثم إلى سلة المهملات؟
ثم من هم أولاد الحرام، هل هم من يبحث عن هموم الناس ويحاول تسليط الضوء عليها كي لا تتحول إلى بركان يهدد انفجاره بمخاطر كبيرة، أم هم أولئك الأشخاص الذين يصنعون هموم الناس ويتغذون على دماء المواطنين؟.
وأسأل نفسي: هل أتوقف عن نبش الأخطاء والكشف عن الفساد والمفسدين وأكتب عن جمال الطبيعة، جمال عيون هذا المسؤول أو رقة ذاك وأناقة السيد الوزير وسرعة بديهة هذا الفاسد أو المفسد، وأتجنب وصف أحدهم لي بابن الحرام.
وأنا هنا أوجه كلامي للسادة الأشباح لأنهم وحدهم من يقرأ، ومن يجيب، أما البقية فأحيلهم إلى الشاعر كثير عزة الذي قال:
لقد أسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن