ثقافة وفن

أفضل الكتابة للمسرح لأن فيه مكاناً أكبر للبوح … لوتس مسعود لـ«الوطن»: شاء والدي أن يبعدني عن التمثيل لصعوبته وقساوته من الجانب الاجتماعي

| رامة الشويكي

انتماؤها لعائلة فنية، وقدرتها على التعبير عن الأحاسيس الإنسانية بلغة مكتوبة، جعلاها تخطو خطوات واضحة ومدروسة في عالم الكتابة، لتغدو واحدة من الكتاب الشباب الواعدين في السينما والمسرح، حاملةً مشروعها الخاص كتابةً وإخراجاً في السينما، وجاعلةً المسرح مكانها المفضل للبوح. للحديث عن موهبتها ومشاريعها القادمة كان لنا مع الكاتبة لوتس مسعود هذا الحوار:

متى لمست موهبتك في الكتابة وكيف استفدت من دراستك للإعلام في عملك ككاتبة؟
في الحادية عشرة من العمر كتبت موضوعاً في المدرسة بأسلوب أدبي بعنوان: «القرية المفقودة» كانت فكرته لوالدتي آنذاك، ولفت انتباه والدي الذي شجعني ونشره لي في الصحافة، وكان أول موضوع أكتبه في حياتي واكتشفت من خلاله ميلي لهذا المجال، وتكررت كتاباتي الأدبية بأسلوب عفوي ولم أدرك أنني سأصبح كاتبة يوماً ما، وشكلت دراستي للإعلام إضافة لإمكاناتي من حيث استخدام اللغة والمصطلحات، وطريقتي في التعبير عن أفكاري بشكل لائق، وأضافت لي الجرأة بالطرح والنقاش، والمنطق الذي يشكل عاملاً مهماً لجعل الأفكار مقنعة، وبشكل عام أؤمن بأن أي تجربة يخوضها الإنسان على أي صعيد تشكل مكسباً له.

اخترت الكتابة ولم تختاري التمثيل كوالدك الفنان «غسان مسعود» لماذا؟ وهل يمكن ذلك مستقبلاً؟
أحب التمثيل الذي كان ولا يزال رغبة كبيرة لدي، ربما لأنني تربيت في جو فني فيه ممثلون من والدي وأصدقائه إلى أصدقاء العائلة، وكانت لدي الرغبة في أن أخوض هذا المجال، لكن شاء والدي أن يبعدني عنه لصعوبته وقساوته، وهنا لا أقصد الجانب المهني، بل الاجتماعي لكون 95% من صعوبة هذه المهنة تتلخص بالجو الاجتماعي الخاص بها أكثر من الجو المهني وممارستها بشكل فعلي، لكن الخيارات تبقى مفتوحة، وهناك إمكانية أن أخوض تجربة التمثيل مستقبلاً لكن من المؤكد أنها لن تكون المهنة الوحيدة أو الأساسية في حياتي بل يمكن أن تكون ضمن مشروع كامل سينمائي أو مسرحي، لأنني أؤمن بأن الإنسان عليه أن يمنح نفسه الفرصة ليجرب كل المجالات ويختار الأنسب.

ما مدى تأثير انتمائك لعائلة فنية على ميولك للكتابة للسينما والمسرح؟
انتمائي لعائلة فنية له دور كبير بالدخول لمجال الكتابة، وكل شخص يتأثر بالجو الذي يولد ويعيش فيه، وأتمنى أن يكون هذا التأثير إيجابياً، والزمن سيحكم بذلك.

«بالعامي الفصيح» صفحة أسستها على مواقع التواصل الاجتماعي ما الغرض منها؟
أعتبر صفحة بالعامي الفصيح زاوية شخصية، وأكثر مكان يشبهني وأكتب فيه، ففي المسرح والسينما أكتب دوماً ما يشبه الشخصيات، لكن في هذه الصفحة أكتب لنفسي، ولا أفكر بما سيقوله الناس عن كتاباتي، أو كيف ستكون ردود أفعالهم، لأنني أشعر بأنني أكتب ما يشبه اليوميات الشخصية، وأعترف أن معظم المواضيع التي أكتبها تعبر عن طريقة تفكير معينة للأمور كالحب والحرب، ومسائل أخرى، لاشك أن اللغة الفصحى تعني لي الكثير ولها أهمية كبيرة، لكن العامي بالنسبة لي، لها مكانة مميزة لأنها تشبهنا نحن الشباب وعندما أطرح أفكاري باللهجة العامية أكون أكثر صدقاً وعفوية، وأكتب بالإحساس الذي يدفعني لكتابة جمل حقيقية ومباشرة.

ما الرسالة التي تحاولين تقديمها؟ وكيف تطور أسلوبك في الكتابة؟
أكثر ما يهمني أن أوصله بكتاباتي هو العامل الداخلي النفسي لدى الإنسان الذي ينتج عنه كل شيء، العالم النفسي الذي يتخبط نتيجة الأحداث الخارجية المحيطة، وكيف يكون مسبباً ونتيجةً لكثير من الأفعال، ومن خلال فيلم «المخاض» ركزت على هذا العامل من خلال شخصية الأم، وكيف أثرت فيها الحرب وزرعت بداخلها الخوف الدائم من أن يكون لديها طفل بيوم من الأيام، وأعتقد أن تجربتي في الكتابة تطورت من فيلم «الكرامة»، ثم «المخاض»، إلى «أول يوم» من حيث طريقة صياغة الأفكار، وكيفية بناء الأحداث والشخصيات، بفضل ممارسة الكتابة والقراءة والمتابعة والمشاهدة.

كيف تصفين تجربتك في مسرحية «كأنو مسرح» من إخراج والدك الفنان غسان مسعود؟ وهل تشعرين بمسؤولية أم متعة أكبر في العمل معه؟
اعتبر «كأنو مسرح» التجربة المسرحية الأولى لي كتابةً، واعتبرها الولادة الأولى والابن الأول، ولها مكانة كبيرة في قلبي، والتعامل مع والدي في العمل الفني تعامل مهني بحت، رغم أنهم يتهمونني بالوسط الفني بأنني «ابنة والدي»، لكن بالمجال المهني نتعامل مع بعضنا البعض بعيداً عن العاطفة، لا تعاطف فيما بيننا، ولا يمكنني أن أقنعه بفكرة فقط حتى يرضيني، بل في العمل نكون كاتباً ومخرجاً، وليس أباً وابنته، وتكون مصلحة العمل أولاً، وهذا الشيء يكون واضحاً من خلال النتائج التي حققها «كأنو مسرح» حيث جاءت النتيجة مرضية نتيجة التعامل المهني وليس العاطفي.

كيف تجدين التعاون مع أخيك المخرج «السدير مسعود» وما تصنيفك له كمخرج؟
تعاونت مع أخي المخرج «السدير مسعود» بفيلمي الكرامة والمخاض ولا أتوقع أن يكون هناك مخرج يستطيع أن يترجم أفكاري مثله، ورغم أن التقييم متروك للمشاهدين، إلا أنني أرى أنه من أفضل المخرجين الموجودين حالياً، وهو ما زال في بداية تجربته الإخراجية، ومتأكدة أنه مستقبلاً سيصل للأهم في مجال الإخراج، لأنه يملك رؤية إخراجية جديدة ومختلفة تشبه عمره، جيله، والانفتاح على العالم الذي نعيشه، وأرى أنه أفضل من يستطيع ترجمة أفكاري المكتوبة، وأكثر شخص أمين على التعامل معها بشكل دقيق، لأنه يحترم النص بشكل كبير، ولا يحب أن تجاوزه، وغالباً يدور بيننا نقاش كالذي يدور بين أي مخرج وكاتب حول تفاصيل، وجوانب معينة لولادة عمل يحترم عقل الجمهور، ويحترم مشروعنا وتفانينا تجاهه.
ما فكرة فيلم «أول يوم» من كتابتك وإخراجك؟ وكيف تقيمين تجربتك الإخراجية الأولى وهل ستكررينها؟
موضوع الفيلم يحكي عن أول يوم بعد انتهاء سقوط قذائف الهاون على مدينة دمشق وكان في 22 أيار 2018 وهو يوم جداً مؤثر ومن المهم التعبير عنه من خلال فيلم، وركزت فيه على العامل النفسي لدى الناس الشاهدين على قذائف الهاون والتي شكلت رعباً وقلقاً يومياً بالنسبة لهم، وكيفية شعورهم وردود أفعالهم النفسية مع أول يوم ينتهي فيه سقوطها، وهو تجربة مميزة بالنسبة لي وخطوة مهمة رغم أنه فيلم قصير لا يتجاوز عشر دقائق لكنه نقطة تحول لأنني كتبت نصاً وأخرجته بنفسي، ولا يمكنني حالياً تقييم تجربتي الإخراجية الأولى، وأترك التقييم للمشاهد، أهم شيء أنني تحديت ذاتي بهذه الخطوة وامتلكت الجرأة لأخوضها، ويمكنني القول إنني كنت مرتاحة جداً في موقع التصوير ولم أستغرب الحالة أو القلق، وعندما بدأت العملية الإخراجية مع الفنيين والممثلين شعرت أنني أصبحت مشغولة بكيفية تنفيذ هذه الفكرة بأفضل شكل ممكن، أكثر من القلق الذي سيمنعني من العمل، وأتمنى أن أقدم من خلال هذا الفيلم الفكرة التي أرغب بطرحها، وأن أوصل الإحساس الذي شعرت به في هذا اليوم من خلاله، ولدي نية كبيرة بالاستمرار بمشروع الكتابة والإخراج معاً، وهذه الثنائية هي حلمي الحقيقي الأكبر في السينما، ولكن مبدئياً لنرى نتائج فيلم «أول يوم» بعد العرض، وكيف سيتم الحكم عليه من قبل المشاهدين، لأرى هل أستحق أن أكمل في هذا المجال أم لا، وحالياً الفيلم بمرحلة المونتاج وسيعرض في شهر نيسان القادم في مهرجان سينما الشباب.

هل تفضلين الكتابة للسينما أم المسرح ولماذا؟
لكل مكان متعته، وتقنيته الخاصة به، لكن أظن أن المسرح فيه مكان أكبر للبوح، في حين في السينما مكان أكبر للفعل، وكوني كاتبة أفضل المكان الذي أعبر فيه بلغتي، أفضل الكتابة للمسرح لكونه فيه بوح أكثر من خلال فن المونولوج وأستطيع أن أعبر بلغتي أكثر عن دواخل الشخصيات، في حين في السينما الأفعال هي التي تعبر عن دواخل الشخصيات أكثر.
«اللوتس مسعود» من مواليد «دمشق» عام 1994 حاصلة على إجازة في «الصحافة التلفزيونية» من «بيروت»، كتبت فيلمي «الكرامة» و«المخاض» ومسرحية «كأنو مسرح» وتحضر حالياً لمسرحية «هوى غربي» من تأليفها وإخراج الفنان «غسان مسعود» والتي ستبدأ بروفاتها قريباً، كما تحضر لعمل درامي في التلفزيون رفضت الإفصاح عن تفاصيله حالياً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن