قضايا وآراء

لجنة دستورية بشروط سورية

| ميسون يوسف

عندما ظن الغرب بقيادة أميركيا، أن عدوانه على سورية الذي بدأ في عام 2011 اقترب من تحقيق أهدافه بإسقاط الدولة وأن بإمكانه بعد هذا الإسقاط أن يضعها تحت الوصاية الدولية شكلاً وتحت الاستعمار الأميركي حقيقة، عندما ظن ذلك تداعت القوى الدولية بناء لمبادرة أميركية واحتشد لجمع في جنيف وأخرجوا بيان 30 حزيران 2012 الذي يختصر بعبارة واحدة مضمونها «تعيين حكومة انتقالية تشرف عليها أميركا باسم ما يسمى المجتمع الدولي وتنظم هذه الحكومة الأداة، إدارة تدير سورية كما تريد أميركا».
وكان من الطبيعي أن ترفض سورية هذا القرار وتتمسك بسيادتها واستقلالها وقرار شعبها الذي لا يعلوه قرار في سورية، وعملت سورية في مواجهة هذا العدوان الدولي على أكثر من صعيد واستطاعت أن تحقق أهدافها تباعاً، بدءاً من الميدان، حيث استطاعت أن تحتوي الإعصار الإرهابي الذي شن عليها وأن تستعيد السيطرة على معظم ما دخل إليه الإرهابيون من مناطق، وتمكنت من الاحتفاظ بموقعها الدولي وبمقعدها في الأمم المتحدة، وأبدى سلكها الدبلوماسي وطنية رائعة أذهلت القريب قبل البعيد، ثم استمرت سورية بالعمل مع حلفاء صادقين في الإقليم وعلى صعيد دولي، حتى تمكنت من الوصول إلى القرار 2254 الذي ينسف في جوهره فكرة الحكم الانتقالي ويعيد القرار للدولة لسورية وللشعب السوري وممثليه في الحكم والمعارضة والمجتمع المدني ويتبنى الموقف السوري في التعاطي مع العملية السياسية.
مرة جديدة حاولت قوى العدوان أن تلتف على القرار 2254 وتعين لجنة لوضع دستور لسورية يكون أعضاؤها في أكثرية خاضعة لقوى العدوان، ومرة جديدة تصمد سورية وتتمسك بسيادتها الوطنية وقرار شعبها المستقل وتتكئ على الإنجازات العسكرية في الميدان السوري التي صنعها الجيش العربي السوري وحلفاؤه وتفرض في نهاية المطاف الولوج إلى عملية سياسية يتولى السوريون تنظيمها وقيادتها ومع تأكيد حق سورية في محاربة الإرهاب بالتوازي مع انطلاق العملية السياسية.
كانت سورية تريد أن تكون لجنة مناقشة الدستورية لجنة حوار سوري سوري وتعكس حقيقة التمثل بالقدر الممكن وأن تكون أكثرية الأعضاء من أولئك الذين يؤمنون بوحدة سورية وعروبتها وسيادتها واستقلالها، وكانت ترى في الثلثين الممثلين للحكومة السورية وللمجتمع المدني حسب الاتفاق الأولي، ترى فيهما ضماناً لذلك، وهنا تمسكت سورية بحقها في الموافقة على أي اسم يدرج تحت هذه العناوين وكان التجاذب استمر لأكثر من سنتين حتى استسلم الخصوم وأقروا بحق سورية في ذلك وتم الاتفاق على لجنة دستورية كما أعلن الأمين العام لأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش.
إن النجاح في تشكيل اللجنة الدستورية وتسليم الآخرين بموقف سورية وحقها في تشكيل هذه اللجنة يعتبر مؤشراً آخر إلى ما تنجزه سورية باقتدار تام في الميدان والسياسة ويؤكد أن العدوان عليها لن يحقق شيئاً من أهدافه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن