سورية

ألقى بيان الجمهورية أمام الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة … المعلم: سورية تقف على أعتاب النصر النهائي ويدها ممدودة للسلام

| وكالات

أكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين وليد المعلم في بيان الجمهورية العربية السورية أمام الدورة الـ74 للجمعية العامة للأمم المتحدة أمس عزم سورية على استكمال الحرب ضد الإرهاب حتى تطهير كل الأراضي السورية منه، مؤكداً أن سورية تقف اليوم على أعتاب النصر النهائي، ويدها ممدودة للسلام، مع الحفاظ على ثوابتها الوطنية.
وأوضح المعلم الذي يرأس وفد الجمهورية في البيان حسب وكالة «سانا»، أن اللقاء اليوم ياتي في لحظة تبدو فيها الصورة قاتمة حيث تتعرض الأسس التي قامت عليها منظومة العلاقات الدولية السياسية والاقتصادية والقانونية والأمنية لخطر غير مسبوق منذ تأسيس منظمتنا، لافتا إلى أن انتهاك الاتفاقيات والمعاهدات الدولية بات أمرا شائعاً واستخدام الوسائل غير المشروعة في القانون الدولي كدعم الإرهاب وفرض الحصار الاقتصادي لم يعد له من وازعٍ أو رادع، ومعتبرا أن كل ذلك يزيد من حالة الفوضى على الساحة الدولية ويجعلنا نتجه شيئاً فشيئاً نحو شريعة الغاب.

مفترق طرق
ورأى المعلم أننا نقف اليوم أمام مفترق طرق فإما أن نعمل بصدق على بناء عالمٍ أكثر أمناً واستقراراً وعدالة، عالمٍ خالٍ من الإرهاب والاحتلال والهيمنة، ويستند إلى القانون الدولي وثقافة الحوار والتفاهم المشترك، أو أن نقف مكتوفي الأيدي أمام كل ما يحدث ونترك مستقبل شعوبنا والأجيال القادمة في مهب الريح، مؤكداً أن الإرهاب مازال يمثل أحد أهم التهديدات للسلم والأمن الدوليين ويشكل خطراً محدقاً يواجه الجميع دون استثناء وذلك رغم ما حققته سورية من إنجازات بفضل تضحيات وبطولات الجيش العربي السوري ومساعدة الحلفاء والأصدقاء.
ولفت المعلم إلى معاناة الشعب السوري لأكثر من ثماني سنوات من ويلات هذا الإرهاب.. وأضاف: «ولكن في المقابل سيسجل التاريخ بأحرفٍ من ذهب بأن الشعب السوري قد سطر ملحمةً بطولية في حربه ضد الإرهاب وأنه لم يدافع عن نفسه وعن وطنه وحضارته فحسب بل ساهم أيضاً في الدفاع عن الإنسانية جمعاء»، مجدداً التأكيد على عزم سورية على استكمال الحرب ضد الإرهاب بمختلف مسمياته حتى تطهير كل الأراضي السورية منه.
لكنه أوضح أن القضاء النهائي عالمياً على هذا الكابوس يتطلب إرادة دولية حقيقية ولتحقيق هذه الغاية لا بد من تطبيق الترسانة الضخمة من القرارات في مجلس الأمن المعتمدة والمخصصة لمحاربة الإرهاب، لافتا إلى أن المشكلة تكمن في أن تلك القرارات مازالتْ جميعها حبراً على ورقٍ، وان بعض الدول تصمت صمت القبور إزاء ما تواجهه دولٌ مثل بلادي من إرهاب وحشي.
ولفت المعلم إلى أن هناك دولاً تستثمر فعلياً في الإرهاب وتستخدمه كأداة لفرض أجنداته المشبوهة على الشعوب والحكومات التي ترفض الإملاءات الخارجية وتتمسك بقرارها الوطني المستقل»، لافتاً إلى أن هذا الأمر تجلى بأوضح صوره في حالة سورية.
كما لفت المعلم إلى أن الأنكى من ذلك أن هذه الدول نفسها تنكر علينا حقنا في الدفاع عن شعبنا من هؤلاء الإرهابيين وتعتبرهم «مقاتلي حرية»، مشيراً إلى أن أوضح مثال على ما أقوله هو الوضع في منطقة إدلب والتي أصبح معروفاً للجميع بأنها باتت تشكل أكبر تجمع للإرهابيين الأجانب في العالم وذلك بشهادة تقارير اللجان المختصة في مجلس الأمن.

النظام و«النصرة»
وأكد المعلم أن الحكومة السورية تعاملت بإيجابية مع المبادرات السياسية الرامية إلى حل الوضع في إدلب ومنحتها أكثر من الوقت اللازم للتنفيذ، أملاً منا في أن يسهم ذلك في استكمال عملية القضاء على «النصرة» وبقايا داعش، وغيرهما من التنظيمات الإرهابية الأخرى في إدلب وذلك بأقل الخسائر بين صفوف المدنيين، لافتاً إلى أن النظام التركي لم ينفذ التزاماته بموجب هذه الاتفاقيات لا بل قدم كل أشكال الدعم للإرهابيين، وأضاف: «الآن يستميت النظام التركي مدعوماً من بعض الدول الغربية، في حماية إرهابيي «النصرة» وباقي التنظيمات الإرهابية المتواجدة هناك».
ولفت المعلم إلى أن أميركا وتركيا ما زالتا تواصلان وجودهما العسكري غير الشرعي في شمال سورية وقد وصل الصلف بهما إلى حد عقد مباحثات واتفاقات بشأن إنشاء ما يسمى «المنطقة الآمنة» داخل الأراضي السورية، وكأن هذه المنطقة ستقام على الأراضي الأميركية أو التركية!، مشيراً أن كل ذلك مخالف للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، مشدداً على أن أي اتفاقات حول الوضع في أي منطقة سورية دون موافقة الحكومة السورية هي اتفاقات مدانة ومرفوضة شكلاً ومضموناً كما أن أي قوات أجنبية على أراضينا، من دون طلب منا، هي قوات احتلال وعليها الانسحاب فوراً وإن لم تفعل فلنا الحق في اتخاذ كل الإجراءات المكفولة بموجب القانون الدولي إزاء ذلك.
وأشار المعلم إلى الممارسات الإرهابية والإجرامية والقمعية التي ترتكبها المليشيات الانفصالية التي تسمى «قسد» بحق أبناء الشعب السوري في محافظات الحسكة والرقة وديرالزور مدعومة من أميركا ومن قوات التحالف الدولي وذلك بهدف فرض واقع جديد يخدم المخططات الأميركية و«الإسرائيلية» بالمنطقة ويطيل أمد الحرب الإرهابية على سورية.

إنجازاتنا وتركيا
واعتبر أن السياسات التركية سواء في إدلب، أو في شمال شرق سورية، ومناوراتها السياسية تهدد بتقويض كل الإنجازات التي تحققت في إطار صيغة أستانا، وأضاف «لا يمكن لتركيا أن تعلن أنها مع وحدة سورية وسلامة أراضيها وفي الوقت ذاته هي أول منْ يعمل فعلياً على تقويض ذلك»، مشدداً على أن تركيا، إن كانت حريصة حقاً على أمن حدودها وعلى وحدة سورية كما تدعي أن تحدد خياراتها فإما أن تكون مع تفاهمات مسار أستانا، ومع تطبيق الاتفاقات الثنائية بين البلدين المتعلقة بمكافحة الإرهاب لضمان أمن الحدود وأن تسحب قواتها من الأراضي السورية أو أن تكون دولة معتدية ومحتلة وعليها تحمل تبعات ذلك».
وشدد المعلم على أنه بالتوازي مع معركتنا ضد الإرهاب كنا حريصين على دفع المسار السياسي قدماً حيث واصلنا المشاركة في اجتماعات أستانا، كما تعاطينا بكل إيجابية مع مخرجات مؤتمر الحوار الوطني السوري في سوتشي وانخرطنا في هذا الصدد بحوار جاد وبناء مع المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية لتشكيل لجنة مناقشة الدستور، لافتا إلى أن تصميم سورية على تشكيل اللجنة وذلك بمتابعة حثيثة لأدق التفاصيل من قبل الرئيس بشار الأسد هو الذي أدى إلى تحقيق هذا الإنجاز الوطني المهم للشعب السوري وأحبط كل محاولات العرقلة التي كانت تأتي من الأطراف الأخرى.
ولفت إلى الاتفاق مع المبعوث الخاص خلال زيارته الأخيرة إلى دمشق على مرجعيات وقواعد الإجراءات المتعلقة بلجنة مناقشة الدستور والتي كان تحدث عنها سابقا ومن ابرزها أن تتم كل العملية بقيادة وملكية سورية فقط وعلى أساس أن الشعب السوري هو صاحب الحق الحصري في تقرير مستقبل بلاده دون تدخل خارجي، مجدداً التأكيد على استعداد سورية للعمل النشط مع الدول الصديقة والمبعوث الخاص لإطلاق عمل هذه اللجنة.
وأوضح المعلم أنه بالتوازي مع ما سبق تبذل الدولة السورية جهوداً جبارة لتحسين الوضع الإنساني على الأرض وإعادة بناء ما دمره الإرهاب، لافتا إلى أن الحكومة السورية قطعت شوطاً لا بأس به في هذا الصدد رغم الحصار الاقتصادي غير الشرعي واللاإنساني المفروض على شعبنا من بعض الدول.
وأضاف: «في الواقع أن هذه الدول بعد أن فشلت في تحقيق أهدافها عبر الإرهاب بشكله العسكري انتقلت إلى شكل آخر لا يقل شراسة وهو الإرهاب الاقتصادي المتمثل بالحصار والإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب»، مجدداً مطالبة سورية برفع مثل هذه الإجراءات غير الشرعية المفروضة على الشعب السوري وعلى كل الشعوب المستقلة الأخرى.
كما جدد التأكيد أن الأبواب مفتوحة أمام جميع اللاجئين السوريين للعودة الطوعية والآمنة إلى بلادهم، مشيراً إلى أن العرقلة في هذا الأمر تأتي من الدول الغربية وبعض الدول المستضيفة للاجئين.
وأوضح المعلم أنه بدلاً من أن نرى سعياً نحو السلام والاستقرار في منطقتنا شهدنا فصلاً جديداً من فصول التصعيد «الإسرائيلي» دفع المنطقة إلى مستويات غير مسبوقة من التوتر، فلم تكتف «إسرائيل» باحتلالها للأراضي العربية، وبارتكابها يومياً انتهاكات للقانون الدولي ولقانون حقوق الإنسان بحق أبنائنا هناك، وبدعمها للإرهاب، بل وصل الأمر بها إلى حد شن اعتداءات متكررة على الأراضي السورية وعلى أراضي دول مجاورة تحت ذرائع واهية.
واعتبر، أن هذه الانتهاكات «الإسرائيلية» ما كانت لتستمر وتتصاعد بهذا الشكل لولا الدعم الأعمى المقدم إليها من دولٍ معينة، محملا هذه الدول المسؤولية الكاملة عن تبعات ما تقوم به «إسرائيل».
وأضاف: «يجب أن يفهم البعض بأن عصر ضم أراضي الغير بالقوة قد ولى، وواهمٌ من يعتقد أن الأزمة في سورية، يمكن أن تحيدنا قيد أنملة عن حقنا غير القابل للتصرف باستعادة الجولان كاملاً حتى حدود الرابع من حزيران لعام 1967 بكل الوسائل التي يكفلها القانون الدولي.
وجدد المعلم التأكيد على وقوف سورية وتضامنها الكامل مع إيران في وجه الإجراءات الأميركية غير المسؤولة تجاهها، وفي مقدمة ذلك، انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، محذراً من خطورة السياسات الرامية لافتعال الأزمات وإشعال النزاعات في منطقة الخليج بناءً على ذرائع واهية.

النصر النهائي
وأوضح أن سورية اليوم تدخل مرحلة جديدة، تقف فيها على أعتاب النصر النهائي في هذه الحرب، وتنشد مستقبلاً زاهراً وآمناً لشعبها بعد كل ما عاناه جراء ذلك؛ «ورغم ذلك، لا يتملكنا أي وهم بأن التحديات والمصاعب المختلفة التي نواجهها اليوم أو التي ننتظرها في المستقبل، ستقل شراسة عما واجهناه من إرهاب، إلا أننا في المقابل عازمون كل العزم على مواجهتها والتغلب عليها أيضاً».
وختم المعلم بالقول: لقد كان لدينا دائماً أفضل العلاقات مع مختلف الدول، ولم نكن يوماً في موقع المبادر لخلق حالة العداء مع أحد؛ واليوم أيادينا ممدودة للسلام، ومازلنا نؤيد الحوار والتفاهم المشترك، ولكن مع الحفاظ على ثوابتنا الوطنية التي لن نتنازل عنها أبداً.. بالطبع هناك حكومات دولٍ أساءت لسورية وأخطأت بحق شعبها، ولكننا لن نتعامل مع أحد من منطق الحقد أو الانتقام، بل انطلاقاً من مصلحة بلادنا وشعبنا، ومن رغبتنا في تحقيق السلام والاستقرار والازدهار في سورية والمنطقة؛ ولكن بالمقابل، يجب على الدول التي ناصبت سورية العداء أن تراجع حساباتها وتصحح أخطاءها».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن