من دفتر الوطن

لمبة حمرا!

| عصام داري

قررت ألا أكتب زاويتي هذه اليوم، ذلك أنني تذكرت أن عندي اجتماعاً مهماً جداً، والتوفيق في المواعيد في هذه الحالة صعب جداً، فكيف لي أن أذهب إلى الاجتماع وأكتب زاويتي دون أن يؤثر هذا على ذاك سلباً، لذا جاء قراري بتأجيل الكتابة إلى وقت آخر!
بعد لحظات تراجعت عن قرار التأجيل لأنني فكرت ملياً في آلية الاجتماعات، من اجتماعات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة لاجتماع أصغر مؤسسة استهلاكية أو لجنة بناء ما.
على كل، الاجتماع الذي كنت مدعواً لحضوره هو اجتماع مغلق بيني وبين نفسي لاتخاذ قرارات حاسمة فيما يتعلق بقضايا المنطقة العربية بصفة عامة، وأسباب ارتفاع أسعار الخضراوات والفواكه واللحوم بشكل خاص، لأن هذا الارتفاع الجنوني في الأسعار له علاقة بالأمم المتحدة التي أعتبرها شخصياً دائرة دبلوماسية تابعة لوزارة الخارجية الأميركية، وهي دائرة نشطة جداً على مستوى العالم، ولأن هناك من يريد إقناعنا أن ارتفاع سعر باقة البقدونس سببه الدولار والأمم المتحدة ودول الكومنولث!
قبل أن أوضح هذه النقطة تذكرت أنني قبل أن أعقد اجتماعي هذا نسيت أن أشعل «اللمبة الحمرا» كما يحدث في الأفلام والمسرحيات المصرية القديمة دلالة على أن الاجتماع سري، حتى لو كان بين السيد المدير وعشيقته، وهل هناك اجتماع أكثر سرية من اجتماع المدير أو المسؤول مع خليلته؟ ففي مثل هذه الاجتماعات تتخذ أخطر القرارات!
الآن وقد أشعلت «اللمبة الحمرا» صار بإمكاني نشر قراراتي المهمة على الملأ من دون خوف من المساءلة من أي جهة كانت، لأنني ولأن الجميع يعرف أن القرارات – أي قرارات– ستظل حبراً على ورق ولا قيمة لها في الواقع، وأن أغلب القرارات عادة تكون وهمية، الغرض منها امتصاص الغضب أو ردات الفعل تجاه فعل تعسفي!
القرار الأول الذي اتخذته هو عدم الأخذ بعين الاعتبار أي اجتماع مهما كان بارزاً ويبدو للعيان أنه اجتماع مهم جداً، فحتى اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة الدائرة الآن في مقر المنظمة الدولية في نيويورك ليست أكثر من منبر للخطابة يتبارى فيه الخطباء في إظهار براعتهم في الكلام، وعرض مواقف الدول من القضايا العامة على الساحة الدولية، لكن القرارات التي تتخذها الجمعية العامة غير ملزمة لأحد، بل قرارات مجلس الأمن التي يفترض أن تكون ملزمة لا تنفذ إلا على العرب ودول العالم الثالث، أما إسرائيل فهي لم تنفذ أي قرار منذ أكثر من أربعين قراراً يفترض أنها ملزمة.
لا أريد الدخول في السياسة، لكن الضرورة أجبرتني على الإشارة إلى الجمعية العامة لأثبت بأن اجتماعاتنا بلا جدوى ولا نتائج والدليل أن شيئاً لم يتغير في المؤسسات العامة على الرغم من آلاف الاجتماعات وعشرات آلاف القرارات «الصميدعية»!
وبما أنني غير ملتزم بأي قرار أو نتائج اجتماع، فإنني أعفي نفسي من الالتزام بالقرارات التي اتخذتها شخصياً، و«ما حدا أحسن من حدا» فكل القرارات والاجتماعات هي مضيعة للوقت والجهد، العمل أهم من اجتماعات لا تخرج عنها إلا قرارات لا ترى النور، ومن يعترض فعليه البيّنة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن