ثقافة وفن

«هِيَ وهُنَّ» مونودراما لبنانية تطرح مشكلة النسوة … مروة قرعوني لـ«الوطن»: أشعر أنني بنت دمشق وفي كل أعمالي كانت البوصلة سورية

| سارة سلامة- تصوير: طارق السعدوني

كانت باستقبالنا عند دنو «مسرح القباني» خيطان ملونة تتدلى من كرات الصوف، وتنتظرنا على خشبة المسرح أم تحيك بنولها كنزة صوفية بثلاثة ألوان لابنها شادي، تحيكها من دموع القهر والفقدان، تئن بصوت خجول لوعة الحرمان، وتبكي قسوة مجتمع وضعها في سجن كبير مجردة من أغلى ما تملك.
هي امرأة تعاني ذكورية المجتمع، تحاول عابثة تحصيل شيء من حقوقها، تستجدي ظلم قاضٍ غير مبالٍ، لتستكين أخيراً وراء القضبان وترسل راضخة لواقعها أحر السلام لابنها.
«هي» اليوم تحدثت عن «هنّ» قصص الكثير من النسوة المعنفات والمسلوبات الحقوق ووو، محاولة من خلال الصرخة المطالبة بحقوقهن، وعاشت حالتهن تتأثر وتبكي وتصرخ وتضحك ضحكة سوداء.
«هي وهنّ» مونودراما مسرحية تحكي قصص النسوة اللواتي هن لا مطلقات ولا معلقات، اللواتي يتأرجحن بين نظرة المجتمع وبين الرضوخ غضباً لمشيئة الشريك وممارسة عنفه المادي والمعنوي، معلقات، حرمهن القانون التعسفي من حق الأمومة وحضانة أطفالهن، يعنفن من قبل أزواجهن، إنها صرخة إنسانية جديرة بالمعايشة والمعاينة عن قرب، بطلتها امرأة تروي قصتها وقصة نساء يقاومن بهدف الحصول على أبسط حقوقهن.
حيث قدم مسرح القباني عرضاً مسرحياً بعنوان «هي وهنّ» تمثيل: مروة قرعوني، نص وسينوغرافيا وإخراج: مشهور مصطفى.

البوصلة هي سورية
وقالت الممثلة مروة قرعوني في تصريح خاص لـ«الوطن»: إن «عرض (هي وهنّ) عبارة عن مجموعة حكايات لمجموعة نساء، كل امرأة فيهن لديها قصة مختلفة عن الأخرى، وتعبر عن مجموعة نساء موجودة في المجتمع، يتعرضنّ للعنف المعنوي والعنف الجسدي والنفسي، والمرأة الأساسية التي تحكي هذه القصص هي (هي)، التي تعاني من مشكلة في الحضانة، وكما نعرف أن الرجال لديهم السلطة، منهم من قد يستخدمها أو لا، ونحن لا نقوم بشيطنة الرجال فالبعض منهم لا يفعل ذلك، وبطبيعة الحال فإن الرجل يحق له أخذ الأطفال من عمر 2 أو3 سنوات، من حضن أمهاتهم، وعند مطالبتها بهم ببساطة يستطيعون أن يضعوها في السجن، وكأنها ارتكبت جريمة».
وأضافت قرعوني: إننا «نطرح مشكلة التفكك الذي يحدث في الأسرة وأثر ذلك على الأولاد للمستقبل، وكيف يرون أمهم بهذه الطريقة من التعامل اللاإنساني، فالمجتمع لا يعامل المرأة كإنسان إنما يعاملها كمرأة من خلال قضية الشرف وأنها أقل من الرجل، دائماً هناك سلطة ذكورية تمارس عليها، ونحن لسنا ضد الرجال أبداً لأن كاتب النص رجل، بل نريد أن يكون الرجل سنداً لها، وهذا التوجه تجاهها لأنها الأضعف والأقل حقوقاً».
وأفادت قرعوني: «عملنا كثيراً على التأثيرات الخارجية للشخصية وكيف انتقلت من الضحك إلى البكاء، وأذرفت دموعاً في مرات عديدة، وهذا تطلب منا البحث الكبير في قضايا النساء وأوضاعهن، وكان يجب إعطاء هذا الانفعال والتأثير حتى أُقّدم حالتهن بصورة صحيحة إلى الجمهور، مع أنني على ثقة أن النساء يبكين أكثر ويتعبن أكثر بكثير، ويضحكن الضحكة التي تقهر أكثر مني بكثير، جربت كفنانة من خلال المسرح أن أوصل إحساسهن ومعاناتهن بطريقة مسرحية».
وبينت قرعوني: إنني «أحب الجمهور السوري ولديّ رهبة كبيرة منه، وفي مسرحيتي (تفل قهوة)، ذهبت إلى تونس ومصر ولكن أجمل العروض كانت في سورية، فهنا الناس مثقفة وتعرف، تحضر وتحكي وتحب وتشجع الفنان، والفنان هنا محترم وخاصة المسرحي، ونحن ربينا على الفنانين السوريين الكبار، وأشعر أنني بنت دمشق فعلاً، وفي كل أعمالي كانت البوصلة الأخرى هي سورية، وكأنني أملك جنسية ثانية لذلك واجبي أن أكون هنا».
وأوضحت قرعوني: «هناك لحظات تخوّف مررنا بها، بالطبع هي رهبة الناس والخشبة مسؤولية، هي لا تمازحنا، ولا نستطيع إلا أن نقدم شيئاً محترماً وجميلاً أو لا نكون على المسرح».
أما عن شعورها فقالت قرعوني: «بالرغم من أن الجمهور تفاعل وضحك إلا أنهم ضحكوا ضحكة سوداء، وكنت سعيدة أنني استطعت إيصال شخصية المرأة الجنوبية البسيطة ومعاناتها واستطاعوا أن يفهموا عليّ، وحقيقة فإننا نستطيع من خلال الفن إيصال قضية ولا نستطيع إصلاحها، نضع يدنا على الجرح ونحاول محاولات عديدة إلقاء الضوء على المشكلة وتقديمها للجمهور».

سباق مع الزمن
وبدوره بيّن المخرج وكاتب النص مشهور مصطفى: أن «الانتقال من بيئة إلى بيئة شكل لدينا بعض الخوف، ولكنني أعتقد أن هذا الموضوع مطروح من قبل كل الناس والمعاناة موجودة لدى الجميع، ولقينا تجاوباً من قبل الجمهور، فالصمت أحياناً يمكن أن يكون رداً وتجاوباً كمحاولة للفهم والإنصات والاستماع والتفاعل والتأثر، خاصة أنه يرى العرض للمرة الأولى، فالوطن العربي كله يعيش نفس المعاناة وليس هناك فرق بين بلد عربي وآخر بالنسبة لطرح هذا الموضوع، هناك دمعة وضحكة».
وعن استخدام السينوغرافيا أوضح مصطفى أنها: «كانت صعبة ودقيقة، هي متاهة في حالة دوران بحلقة مفرغة، لتتبين أخيراً بأنها سجن، وأيضاً كرة أرضية تدور وزمن يمر، هو سباق مع الزمن بالنسبة لوضع المرأة، وحلول المشاكل ترمز إلى أشياء كثيرة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن