ثقافة وفن

بين الواقع واللاواقع الخوف يملأ المكان … لماذا يقبل الشباب السوري على مشاهدة أفلام الرعب … الذكور أكثر اهتماماً بمشاهدة العنف لأنها تحقق الإثارة والشغف

| سوسن صيداوي

في زمن الحرب وعندما غاب الحب، وحلّ محله كل شرور البشرية البعيدة عن حسّ الإنسانية، في وقت لم يعد فيه ثغر الحبيب موطناً بقبلاته، ولا القلب بحنو شعوره، نافعاً ضرب دقاته، التي حلّ محلها قرع طبول الحرب. هنا ليس في الساحات سوى العنف بالفعل وبالسلوك، بالتفكير، حتى بالقول، والتنمّر هو القاعدة السائدة في التعامل المجتمعي، وأصبح الاستعلاء مع عدم الحياء بهما نطرق باب المحيّا، هذا من كفة ومن كفة أخرى الويلات من سفك الدماء والسحل والتنكيل، وغيره من الخطف والاغتصاب والتدمير لبيوت ليس بحجرها فحسب، بل أيضاً بعمادها بالأب والأم وحتى بالإخوة. ومن الأمور التي لم تفُتنا أو نسهو عنها هي متابعة شبابنا الراشد وأطفالنا المراهقين لأفلام الرعب عوضاً عن الكثير من الأفلام الاجتماعية والعاطفية وحتى المسلسلات التثقيفيّة المتنوعة، والتوق للحصول على أحدَثها، وعدم الاكتفاء بفيلم واحد، بل يمكن أن يسامروا الليل بالعديد منها. اليوم نقف عند حالات متنوعة من الشباب المتابع لهذه الأفلام ونقف مع آرائهم إضافة إلى آراء تخصصية من أصحاب الخبرة: الموسيقار طاهر مامللي، الكاتب والممثل علاء عساف، المنتج عادل أبو زهري، مع الدكتورة هناء برقاوي أستاذة علم الاجتماع. للحديث ما بين الموسيقا الخاصة والنصوص مع الإنتاج وإثارتها للعنف بأنواعه لدى الشباب في وقت أزمي علينا تجاوزه، وللمزيد نترككم مع تحقيق «الوطـن» حول أفلام الرعب.

في التصنيف
الخوف والرعب كامنان بعمق هدوء مشاعرنا، والترهيب لطالما كان عنصراً داعماً في التربية عند سرد قصص الأطفال، هذا إضافة إلى أن الإنسان يعشق ما يحرّض إثارة خياله، ومن هنا جاءت أفلام الرعب الأخيرة كتصنيف سينمائي قائم على تحفيز ردات الفعل العصبية والنفسية والسمعية وأخيراً البصرية، عبر أحداث بحبكتها قائمة على عنصر المفاجأة مع تحفيز الذعر وإصابة الرهبة في نفس المشاهدين، بتحريك المخاوف البدائية عبر متابعة الأحداث حول المرضى النفسيين، الزومبي، مصاصي الدماء، الأشباح، الكائنات الفضائية، الشياطين، الدماء المسفوكة، التعذيب، السحرة، الأموات الأحياء…. إلخ. إذاً الجميع مهدّد ولا أحد سيكون في أمان.
ولنبدأ بذكر سريع لبعض من أهم الأفلام تحت هذا التصنيف السينمائي، ففي عام 1960 صدر فيلم «سايكو» «psycho» للمخرج «ألفريد هيتشكوك» والمقتبسة أحداثه من أحد أشهر روايات الرعب النفسي والتي تحمل الاسم نفسه «سايكو» للكاتب روبرت بلوخ. وكان قد أنجز «هيتشكوك» الفيلم بميزانية ضئيلة جداً ولكنه حقق أرباحاً قياسية في دور العرض.
بعدها ومن فترة التسعينيات اخترنا لكم فيلم «الحلقة» «the ring». وفي هذه الفترة كانت الأجهزة الذكية لم تصدر بعد، والمشاهدة المنزلية تعتمد على أفلام الفيديو، وتجدر الإشارة إلى أن فيلم «الحلقة» الأميركي هو نسخة معادة عن فيلم الرعب الياباني والذي يحمل الاسم نفسه، وبأن كلا الفيلمين مقتبس عن رواية «حلقة» للكاتب «كوجي سوزوكي» وتدور القصة حول شريط فيديو مقلق وغامض في سير صوره. بعد مشاهدة الشريط، يصل المشاهد لمحادثة تليفونية من فتاة تقول له إنه سيموت بعد سبعة أيام.
ومن الأفلام أيضاً ولكنها كانت مؤثرة أكثر من غيرها من هذه الزمرة، وسنحكي عنه خلال الحديث عن الإنتاج، فيلم «البريق» «the shining» قصة ستيفن كينغ، وإخراج ستانلي كوبريك، بطولة جاك نيكلسون. حيث تدور قصة الفيلم في فندق منعزل، تحيط به الثلوج من كل اتجاه ويكون خالياً من النزلاء، ليكتشف حراس الفندق بأن الأخير مسكون، وأن أرواح الحارس السابق للفندق ما زالت تخيّم على المكان.

لكل حدوتة نص
من جانبه بيّن الممثل والكاتب علاء عساف أن النص أو السيناريو هو الأساس لنجاح أي عمل مهما كان تصنيفه، مضيفاً: بداية لابد من الإشارة إلى أمر مهم، وهو أن العنصر الأساسي في أي عمل فني هو النص، ثم يأتي دور الإخراج والعناصر المتممة سواء أكانت بالتمثيل أم الموسيقا التصويرية أو حتى أي عنصر من العناصر الفنية، إذاً كلّها تجتمع لخلق بنية درامية مشهدية ناجحة. وبالتالي عندما يكون النص مدروساً سيصل إلى الهدف حتى لو كانت الإمكانات بسيطة. وأما بالنسبة لأفلام الرعب فهي تعتمد في بنائها على عدة عناصر: ومنها النص الحامل للأحداث والبنية الدرامية المشهدية والزمن المشهدي، الأخير الذي يُعتمد عليه كثيراً في هذا التصنيف من الأعمال السينمائية، ففي بعض الأوقات تكون البنية الدرامية للمشهد محددة بوقت مضبوط بأجزاء من الثانية ليُحدث التأثير المطلوب من المشهد بإحداث الرهبة والدهشة في النفس، بمعنى آخر أن الزمن المشهدي في هذه النوعية حساس جداً وهو بتأثيره متفاوت بحسب طول المشهد أو قصره، والعناصر المتكاملة الأخرى التي ذكرتها أعلاه لها دورها وهي مدروسة سواء في الإخراج أم في الموسيقا الداعمة، ففي بعض المشاهد لولا الموسيقا الملحقة بصدمة معينة بوقت مناسب وتواتر مناسب لما أتمّ المشهد هدفه ولما استطاع الوصول إلى المتلقي بالقدر المرجو. وبما أن عساف له تجاربه في الكتابة أضاف حول بساطة النص وقدرته على الإقناع مستذكراً على سبيل المثال مسلسل (جريمة في الذاكرة) قائلاً: على الصعيد المحلي سينمائيا لا توجد أفلام رعب سورية، ولكنني أحب أن أشير إلى عمل تلفزيوني يحمل اسم (جريمة في الذاكرة) سيناريو وحوار ممدوح عدوان ومن إخراج مأمون البني عن رواية (الجريمة النائمة) للكاتبة أجاثا كريستي، فالنص مدروس بل قادر على تحقيق الدهشة أو الرهبة للمشاهد رغم الإمكانات والإنتاج البسيط أيضاً، وقد عُرض في عام1992، وبرأيي حتى يومنا هذا هو مسلسل قادر على إحداث الدهشة المطلوبة من مسلسلات الرعب.
وعن تأثير أفلام الرعب على الشباب وسعي الأخير لمتابعتها يختم عساف «نسبة مشاهدة هذه النوعية من الأفلام ليست قليلة، لكون النفس البشرية تطلب الخوف كما تطلب السعادة، فكلّها مفرزات دماغية، هذا عدا طبيعتنا المجتمعية الباحثة عن أعمال العنف، حتى أرسطو على الرغم من أنه لم يواكب عصر السينما إلا أنه اعتبر أن استمتاع الناس بقصص الرعب والأحداث العنيفة، هو حاجة نفسية للتنفيس عن مشاعرهم السلبية.

ذعرٌ موسيقي
حول خصوصية موسيقا أفلام الرعب، حدثنا الموسيقار طاهر مامللي شارحاً «بالعموم للموسيقا التصويرية تأثير كبير على الحالة الحسّية للمشاهد، فكيف الحال في أعمال الرعب أو الإثارة، حيث يمكن لضربة موسيقية تسبقها نغمة متوترة، أن تُفزع صالة العرض بأكملها، هذا إذا ما استُخدمت بمكانها الصحيح وهنا يأتي دور الإعداد الموسيقي. وعموما تعتمد موسيقا هذه الأعمال على النغمات المتضادة، بمعنى آخر لا توجد جملة لحنية انسيابية أو كاملة».
أما عن نوعية الآلات التي تشارك في الصناعة الموسيقية هنا واختيارها كي تحقق الغاية المطلوبة من إثارة الرعب والتنبيه العصبي عبر السمع، يتابع (مامللي) لافتاً إلى عدم أهمية نوع الآلات على قدر أهمية بناء الجملة الموسيقية بحد ذاتها، سواء كانت أوركسترالية أم إلكترونية أو حتى إيقاعية، فالمهم أن تكون جملة غير مريحة للمستمع لتبقيه في حالة غير مستقرة.
وحول إن كان هذا النوع من الموسيقات في أسلوبه نمطياً أو تقليدياً يضيف: «نظرياً إذا كانت موسيقا الرعب تعتمد على المدرسة التجريبية والقالب الموسيقي الحر، فهي مفتوحة على أوسع الاحتمالات من حيث تركيب الجملة اللحنية، وبالتالي لا تخضع لأي ضابط لحني، ومن هنا يجب أن تخرج موسيقا الرعب عن النمطية والتقليدية، ولكن لابدّ من الإشارة إلى وجود بعض الاستثناءات، حيث نلاحظ النمطية في بعض الأعمال، والسبب كما أسلفت لأن هذه الموسيقات بالذات، لا تخضع لأي ضابط للجملة اللحنية أو الإيقاعية، لهذا الأسلوب يكاد أن يُعمم على معظم أفلام الرعب.
وفي سؤالنا الأخير حول إمكانية تأثير هذه الموسيقا على السلوك وكيف تكون دافعاً مع الصورة، لإثارة العنف وتحفيزه عند الشباب؟
أجاب الموسيقار طاهر مامللي «إذا كنّا نتحدث هنا عن أفلام الإثارة والأعمال التي قُدمت مؤخراً بهدف تحفيز العنف والتعنيف عند الشباب، فالموسيقا هنا تُوضع لإثارة الغرائز والدفع بالمتلقي إلى الانفجار، وبالتالي الابتعاد بالموسيقا عن كونها غذاء الروح، لتصبح غذاء الجسد والغريزة. وهنا أشدد بأنه من الخطورة بمكان أن يصبح للفن دور في إيقاظ وحوش البشر والغريزة الحيوانية بدلاً من الارتقاء والتسامي والسمو. وأختم هنا بأن هناك مسؤولية كبيرة على المبدع فيما ينتجه وبمدى احترامه لفنه وبجعل عمله رسالة فيها من الخير والارتقاء بالبشرية، وكذلك المسؤولية نفسها تحملها وسائل الترويج والإنتاج، وخصوصاً إذا ما اعتمدت الربح المادي، فهي الغاية الوحيدة لإنتاج سموم كهذه قد يكون تأثيرها مباشراً على جيل بأكمله، أو قد يطال أثرها أولاد ومنازل هؤلاء المنتجين ذاتهم».

ضآلةُ إنتاج بخسارة
على حين حدثنا المنتج عادل أبو زهري عن عملية الإنتاج في صناعة هذا النوع من الأفلام، بداية على المستوى العالمي: «هذه النوعية من الأفلام هي ذات إنتاج متدنٍ مقارنة بالأفلام العالمية الضخمة والحائزة الجوائز، فهي غير مكلفة بشكل عام، بل تعتمد على الحدوتة والحدث، هذا عدا أنها لا تحصد جوائز في أي من المهرجانات العالمية ولا تعتمد في كادرها التمثيلي على أسماء عالمية من النجوم الممثلين، باستثناء فيلم «shining» فيلم (البريق) للممثل (جاك نيكلسون) الذي ساهم وجوده في شهرة الفيلم وحتى زاد أجره من تكلفة الإنتاج. متابعا بأنه على الصعيد العربي لا تتمتع هذه الصناعة بالإقناع» عربياً أفلام الرعب غير مقنعة- وحتى عالمياً- لا أحد يقتنع إلا بالأفلام الأميركية، فهوليود تصنع هذه النوعية من أجل خلق الخوف أو إن جاز التعبير (البعبع) لتخويف المجتمع وترهيبه. هذا عدا أفلام الرعب التي ظهرت منذ خمسة عشر عاماً وهي الأفلام المقززة، حيث تُغرق مشاهِدها في الدماء والتقطيع وكل ما هو مقزّز ومنفّر، وللأسف هذه النوعية من الأفلام عليها إقبال من الشباب، لكونها تبرر من الناحية النفسية متابعتها، بسبب حالة العنف التي يعانيها الإنسان بالعالم وليس في بلادنا فقط، وهنا أحب أن أشير إلى نقطة مهمة، بأن مصطفى العقاد لاحظ اهتمام الشعب الأميركي بمتابعة أفلام الرعب وانتبه بأن كلفتها قليلة وهي تحقق الأرباح عبر امتلاء صالات السينما، الأمر الذي دفعه إلى إنتاج سلسلة من هذه الأفلام مثل سلسلة أفلام (هالووين).
وأعود إلى جانبنا العربي كما أسلفت نحن غير مقنعين بصناعتها على الرغم من محاولات عدد من البلدان العربية، وفي سورية لم نشهد نوعاً كهذا من الأفلام لا كإنتاج خاص ولا من المؤسسة العامة للسينما. أما بالنسبة للمسلسلات الدرامية فلابد من الذكر بأنه تم إنتاج مسلسل (الرابوص) الذي لم يلق الغاية أو المتابعة المطلوبة.
خاتما أبو زهري حديثه حول العنف المستشري في حياتنا والذي هو ضريبة الحرب الطبيعية «العنف موجود في أي بلد من بلدان العالم، ولكن تأتي الحروب والأزمات كي تثير هذا السلوك، بسبب الفوضى وعدم القدرة على ضبط الأمور السلوكية للأفراد، وخصوصاً عند الشباب والمراهقين الذين يتابعون أفلام الرعب، ليلتقي الحلم اللاوقعي بالواقعي، ويسعون لتنفيذ ما يشاهدونه عبرها، والأمر ليس مقتصراً على الشباب، فالشابات يشاهدن أفلام رعب أكثر من الشبان، صحيح أن الأمر مفاجئ ولكن هذا التوق ليرتفع هرمون (الأدرينالين) بالجسم ومن ثم الحصول على شعور بالسعادة. وبقي لي أن أشير هنا إلى نقطة مهمة جداً، حتى ألعاب (البلاستيشن) والتي لها علاقة بالثقافة والتسلية أو بالتاريخ والمعرفة، اختفت من الأسواق وانتشرت الألعاب التي تتعلق بالقتل والرعب والدم، وللأسف الأطفال يتهافتون عليها، ففي النهاية هذا هو تكملة المشروع الهوليودي في التأثير بالمجتمعات وتدميرها».

في الرأي الاستشاري
على حين أوضحت الدكتورة هناء برقاوي الأستاذة في علم الاجتماع، الأسباب التي تدفعنا لمشاهدة «أفلام الرعب» لا يمكن الإجابة عن هذا السؤال بشمولية وتعميم لأنه حتى اليوم لا توجد دراسات محلية وعربية درست ميدانياً هذا الموضوع، ولكن يمكنني أن أضع بعض الاحتمالات التي قد تدفع البعض إلى متابعة هذا النوع من الأفلام، وهي: حب الإثارة والتشويق، وتفريغ بعض الشحنات الانفعالية، والشعور بالراحة عند نجاة البطل، مع ربط بعض المشاهدين لما يحدث في الأفلام بعلاقتهم في الواقع، كما أنّ هناك البعض ممن يجدون الواقع مرعباً أكثر من الأفلام لذلك يتابعونها لأنها برأيهم انعكاس للواقع، مما تُمكنهم من التنفيذ لبعض من المشاعر السلبية والكراهية والحقد وتُنمي الشر لبعض الأشخاص، بمعنى أنه عند المشاهدة يرغبون في حصول الأمر المرعب لمن يكرهونه، هذا من جهة ومن جهة أخرى أضيف من أسباب الرغبة في المتابعة، الفضول والرغبة في التأقلم مع مخاوف يواجهها الإنسان في الواقع، حيث تشكل أفلام الرعب لدى بعض متابعيها صمام أمان لكبح جماح الميول العنيفة والعداونية، وهو ما يشار إليه في علم النفس بـ(التنفيس الرمزي) كصمام أمان لكبح جماح الميول العنيفة والعداونية، حيث تكون مشاهدة العنف وسيلة لإحباط القيام به في الواقع».
وعن طبيعة الأشخاص الذين يتابعون أفلام الرعب أضافت: من وجهة نظري أكثر مشاهدي تلك الأفلام هم من الأشخاص العدوانيين الذين لا يستطيعون ممارسة عدوانهم فينفسون عن مشاعرهم تلك، ومن الممكن أن يكون هؤلاء الأشخاص ضعفاء ويريدون إثبات قوتهم للآخرين ولأنفسهم، وبالطبع الذكور هم أكثر من الإناث. وهنا أحب أن أوضح أمراً بغاية الدقة، أن من يتابعون أفلام الرعب ويحاولون تطبيقها على الواقع، ليسوا أشخاصاً مريضين، بل من الممكن أن يكونوا أشخاصاً أسوياء وطبيعيين وهم يودون التغيير بنمط حياتهم ويبحثون عن الإثارة والتشويق.
وعن المرحلة العمرية تضيف د. برقاوي: ممكن أن يكون للمرحلة العمرية دور في المتابعة، والمراهقون قد يكونون أكثر الشرائح التي تستهوي هذه النوعية، فحب المغامرة والإحساس بالرجولة وعدم الخوف والرغبة في خوض المغامرات، قد تدفعهم ليكونوا أكثر الشرائح المستهدفة.
وأخيراً أحب أن أضيف: إن مشاهدة هذه الأفلام تقلل من الرعب والتوتر وتسهم في التنفيس عن العواطف، كما أنها بمثابة متنفس لطرد العواطف المكبوتة والإحباط والتوتر، وقد تنعكس بشكل من الإيجابية على الفرد.

مُرعب غير واقعي
من المتابعات الشابة لأفلام الرعب حدثنا عبود البسطاطي قائلاً أنا لا أميل ولا أرغب في حضور أفلام الرعب، لكونها خيالية ولا تمت للواقع بأي صلة، وإن حصل وتابعت أحد الأفلام، أفضل بأن يكون مستمداً من قصة واقعية تحكي مثلاً عن الإجرام، وأن يكون في سرد الأحداث الكثير من التشويق، وإن صدف ووجدت فيلماً يتماشى مع ذوقي أجلس وحدي وأتابع، والمتابعة مرفوضة بوجود الأصدقاء، لأن الجلسة ستنقلب إلى جلسة كوميديا وضحك ولهو. خاتماً رأيه بالإشارة إلى أن الشابات لا يتمتعنّ برباطة الجأش كي يتابعنّ أفلام الرعب، ومن الصعب أن يتماسكن عند بلوغ ذروة الدهشة والرهبة، فالخوف من طبيعة النساء إلا ما ندُر.

إدمان ممتع
ورداً على الرأي السابق تأتي الشابة ماري حداد لتعبّر عن عشقها لأفلام الرعب فتقول: «أنا أتابع أفلام الرعب منذ صغري، حينها كنت أخاف لمدة يومين تقريباً حتى تذهب قصة الفيلم من مخيلتي، وعندما كبرت أصبحت أفلام الرعب كالإدمان بدمي وتعيش معي، وفي الحقيقة بمشاهدة هذه الأفلام أنفّس عن الغضب أو العصبية التي في داخلي، بمتابعة المَشاهد المرعبة واللقطات من قتل وكل ما يثير الفزع، ربما يعود السبب لارتفاع (الأدرينالين) لدي لهذا أجد الراحة. وبرأيي معظم الناس تلجأ لهذا النوع من الأفلام، وفي أيامنا هذه أنا أجد بأن الكثير من الشابات مثل الشبان يتوقون لحضور هذه النوعية، ولكن الفرق بأن المتابعين، منهم من يتابع وهو خائف ومتوتر، وهناك آخرون يتابعون من دون أي خوف يذكر، لا بل المواقف التي فيها ذروة عنصر المفاجأة والخوف تثير فيهم السخرية، وهذا الكلام ينطبق عليّ، فلا أشعر بتسرع بضربات قلبي ولا يتسارع نفسي مثلاً من أعراض الخوف، وفي أيام العطل أتابع عدة أفلام في السهرة الواحدة، وأنا أعترف بأنني فتاة مدمنة على أفلام الرعب(تقولها ضاحكة وبسخرية) وأشاهد نحو ثلاثة إلى أربعة أفلام في السهرة، وحتى أنتظر الجديد منها وأتابع المواقع الإلكترونية كي أقوم بتحميل الأحدث منها».
وعن الأجواء التي تهيّئها حداد لمتابعة فيلمها تقول: «لأستمتع ولا يفوتني أي تفصيل، أقوم بإطفاء المصابيح الضوئية وأغلق الأبواب والشبابيك، كي يعم الهدوء وأتمكن من الانسجام بالقصة».

متابع معتدل
في حين حدثنا الشاب كنان ناصر عن تجربته مع أفلام العنف والرعب قائلاً: «أجد نفسي شخصاً معتدلاً، فلا مانع من تحقيق شعور الإثارة والشغف عبر متابعة هكذا نوع من الأفلام، وليوم واحد في الأسبوع. عند المشاهدة مشاعري وأحاسيسي تمر بتراتبية فظيعة، وهذا بحسب قوة سيناريو وإخراج الفيلم، وتتنوع المشاعر لدي ما بين درجة الرعب إلى الضحك والحزن حتى الاكتئاب، وصحيح أن الجسم يتأثر، وكثيرون تزداد ضربات قلوبهم أو يضيق نفسهم، أما أنا فلا أتأثر كثيراً، ففي النهاية هناك وعي وحتى ولو كانت الأحداث مفزعة جداً، على المرء أن يبقى بباله بأن ما يراه هو مجرد فيلم».
وعن المشاكل النفسية وردات الفعل العنيفة التي تدفع إليها متابعي الأفلام يقول ناصر: «بداية لا يوجد فرق بين شاب وصبية في التأثر بالأفلام وخاصة إذا كانوا فوق 23عاماً، لكوني متطوعاً في الجمعيات المساهمة في تحقيق التأثير ضمن مجموعات اللاعنف، ومن بين الأقسام التي نعمل بها، قسم تعنيف المجتمع، وتعنيف الطفل والأسرة، ومن العمل معهم والدراسات تبين بأن من الأسباب الجوهرية والمؤثرة في السلوك هو متابعة أفلام الرعب، لكون الطفل يتأثر كثيراً بالرؤية البصرية، وما يتابعه من قتل ودم وإجرام سيتأثر به وينعكس عليه سلباً، وسيحاول تطبيقه على أرض الواقع بين أصدقائه أو مع إخوته في المنزل نفسه».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن