شؤون محلية

البطاقة الذكية!!

| نبيل الملاح

أتحدث في هذا المقال عن واحدة من القضايا العامة التي تهم المواطنين، وذلك من خلال تجربة شخصية.
منذ أكثر من سنة حصلت على البطاقة الذكية لتعبئة المازوت للتدفئة، وقمت بالتسجيل عبر الهاتف لتعبئة مئتي لتر حسب ما هو مقرر، على أن يتم التسجيل على مئتي لتر أخرى بعد شهرين أي في منتصف فصل الشتاء.
وبعد شهرين قمت بالتسجيل عبر الهاتف، ورغم الاتصالات المتكررة مع الشركة لم يتم تزويدي بالكمية المعلن عنها، ولم أتمكن من الاتصال مع أي مسؤول في الشركة! واضطررت للسعي بتأمين كمية من البائعين الذين يقومون بتأمين أي كمية تطلبها بسعر ثلاثمئة ليرة سورية للتر والواحد، بينما سعره الرسمي مئة وخمس وثمانون ليرة سورية.
والسؤال: كيف يحصل هؤلاء الباعة على مادة المازوت؟ وبأي سعر؟ وهل يستطيع ذوو الدخل المحدود شراء المازوت بالسعر الحر أو سعر السوق السوداء؟ بالتأكيد لا يستطيع إلا الأغنياء وأصحاب الدخول العالية المشروعة وغير المشروعة.
إن مادة المازوت لا تقل أهمية للمواطن عن المواد الغذائية الأساسية، وإن التدفئة ضرورة لكل بيت لمواجهة البرد القارص في فصل الشتاء، وعلى الأخص للأطفال والمسنين والمرضى.
أقول ذلك وأنا مدرك لمعاناة الحكومة في تأمين احتياجات الوطن والمواطن في ظل الحصار الظالم المفروض على سورية، ولكن المشكلة في سوء الإدارة الذي يرافقه انتشار الفساد بشكل واسع ومتزايد، ما يزيد معاناة المواطنين وهمومهم وعدم قدرتهم على تأمين احتياجات معيشتهم الضرورية والأساسية.
مؤخراً سمعت عن التسجيل على المازوت بمئتي لتر، وقمت بالاتصال على الرقم 9884 ورد علي المجيب الآلي الذي طلب إدخال رقم البطاقة والرقم الوطني، وبعد أن قمت بإدخالهما أجابني: إن البيانات المدخلة «خاطئة» وكررت الإدخال والجواب نفسه: «البيانات المدخلة خاطئة» ما اضطرني لطلب المساعدة من الموظفة المختصة التي تأكدت من صحة البيانات وأجابتني: إن التسجيل فقط لأسر الشهداء والمصابين.. وعندما سألتها: وباقي المواطنين؟ قالت لي: سيتم إخباركم في حينه.
إنني ومع كل المحبة والتقدير لأسر الشهداء والمصابين وضرورة تكريمهم ومساعدتهم، أرى أن يتم ذلك بطرق محددة لا تخل بالتوازن المجتمعي واحتياجات المواطنين الأساسية التي على الدولة تأمينها لجميع المواطنين من دون معاناة وعلى الأخص لذوي الدخل المحدود والفقراء.
ولا بد من فرض رقابة صارمة على توزيع مادة المازوت لتصل إلى المواطنين من دون معاناة وبسعرها الرسمي، وملاحقة هؤلاء الباعة الذين يقومون ببيعها بأسعار مضاعفة والتلاعب بالكميات والعدادات.
أختم بالقول: على الحكومة العمل على تأمين احتياجات المواطنين بشكل عادل ومنظم من دون معاناة واستثاءات وفقاً لإمكاناتها المتاحة.
ولتكن البطاقة «ذكية» اسماً وفعلاً.
باحث ووزير سابق

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن