متى لم يكن الأكراد في سورية الأهل، ومتى لم يكونوا أهل الأهل؟
متى كانت الطرقات والمواقع والقوانين مقفلة أمامهم؟ هذه هي سورية، أن تكون سورياً يعني أن تكون مضاداً للفوارق التي تنتجها الأيدي الغريبة. لطالما كانت، وتبقى، الأيدي القذرة.
متى كانت الولايات المتحدة، ومنذ أيام هنري كيسنجر وحتى أيام مايك بومبيو، ضنينة بالدم الكردي، وبالزمن الكردي (أو بأي دم آخر، بأي زمن آخر)، لكي يرتمي قادة «قوات سورية الديمقراطية»، بكل نزعاتهم النازية، وبكل عقدهم النرجسية، بين يدي الجنرال كينيث ماكينزي، وقبله بين يدي الجنرال جوزف فوتيل ؟
لا بد أن يكون تناهى الى هؤلاء القادة رهان برنار ـ هنري ليفي، بالأيديولوجيات وبالفلسفات الآسنة، على أن يغرس بنيامين نتنياهو النجمة السداسية على ضريح صلاح الدين.
من منا، من الأجيال العربية، وعلى مدى قرون، لم يترعرع على صورة صلاح الدين ويوسف العظمة، ولم يختزن في أقاصي اللاوعي صيحة صلاح الدين في حطين وصيحة يوسف العظمة في ميسلون؟
منذ عهد جورج دبليو بوش، وذاك الفريق من الذئاب (بول وولفوويتز، ريتشارد بيرل، دوغلاس فايث)، والتخطيط لاختراق المشرق العربي بدولة كردية تتبع إستراتيجياً، تل أبيب. شاهدنا مظاهر من ذلك في العراق، وكيف رفع بعض المرتزقة العلم الإسرائيلي.
الذين يمثلون التاريخ الكردي، والكبرياء الكردي، رفضوا ونددوا، وقد لاحظوا كيف يبيع الأميركيون القهرمانات، سواء من الكرد أم من العرب، مثلما تباع أكياس الشعير.
هل يعلم قادة «قسد» ماذا يفعلون الآن؟ وهل يمكن أن تصل السذاجة العمياء، التبعية العمياء، الى حد التغاضي عن السيناريوات التي تساقطت، الواحد تلو الآخر، وكانت تتوخى، مع كل أشكال الأبالسة، ومع كل أشكال البرابرة، تفكيك سورية قطعة قطعة، لكي تعاد صياغة خرائط المنطقة كما تصاغ أشرطة والت ديزني؟
أكثر من أن يكون المرتزقة في حضرة دونالد ترامب. أكثر من أن تكون الغواني في حضرة الرجل الذي تقول كبرى الصحف الأميركية إنه يفتقد الحد الأدنى من الرؤية، الحد الأدنى من القيم، في هذه الحال، كيف يمكن للقادة إياهم، للمرتزقة إياهم، أن يتركوا أتباعهم في مهب الريح، الريح الصفراء التي تهب من ثقب ما في الجحيم؟
لا حدود لتلك العشوائية، ولا حدود لذلك الغباء، بل لا حدود لتلك الخيانة، خيانة التراب، وحتى خيانة الهواء. متى لم تكن سورية، لكل أبنائها، ثوب الروح؟ هذا ما قالته لنا شخصية كردية سورية رفضت، على الرغم من كل محاولات الغوى، والإغواء، الدخول في سوق النخاسة.
القادة الذين يستخدمون أهلهم الوقود البشري حيث التقاطع بين لعبة الأمم ولعبة القبائل . لتقل لنا «قسد»، وقيادة «قسد» إذا ما كانت قرأت ما كتبه ذلك الشاعر العراقي الكردي «إنهم يعلقوننا، كما الأسمال البالية، على جدران القناصل وعلى سراويل الجواري».
لأهلنا الأكراد الذين ذهبت بهم الخديعة، وذهبت بهم الوقيعة، الى حيثما ذهبت، نقول لقد دقت ساعة الانتفاضة على من يزرعون فيكم أيديولوجيا الكراهية، وأيديولوجيا الهمجية، وضد كل من لا يرفعون راياتهم، وهي… رايات العار.
الأكراد في سورية رفعوا الصوت. لا مستقبل للجميع إلا في إطار الدولة التي تعرضت لأكثر الحروب، ولأكثر السيناريوات، فظاعة في التاريخ. لقد تمكنت من أن تدحر ثقافة المستنقعات، وثقافة الأقبية، التي تم تصنيعها في المطابخ الكبرى . في المقابر الكبرى.
على ماذا لم يساوم دونالد ترامب، وهو شايلوك الأميركي، كي لا يساوم رجب طيب أردوغان على الأكراد ؟ إذاً، لتكن صرخة صلاح الدين، وصرخة يوسف العظمة. إياها تزلزل حطّابي الأزمنة!