رياضة

قراءة في أوراق الدوري وكرتنا … هل من مبادرات لإنقاذ كرتنا قبل فوات الأوان؟

ناصر النجار :

تنشغل كرتنا في الوقت الحاضر بمنتخباتها المشاركة في البطولات الرسمية القارية، والأنظار تتجه نحو منتخبنا الأول الذي سيدخل الاستعداد الرسمي لمباراة الهم والاهتمام مع اليابان، على حين يشارك منتخبنا الشاب بقلوب متخوفة مملوءة بالتشاؤم، حسب تصريحات مدربه الشمالي، في التصفيات الآسيوية التي تستضيفها السعودية، كما يشارك المنتخب الأولمبي في بطولة غرب آسيا.
مع أمنياتنا بالتوفيق لكل منتخباتنا، إلا أننا لا بد من الدخول في عمق كرتنا، وهو الدوري ونظامه وأسلوبه، فقاعدة هذه المنتخبات كلها من الدوري، وأساس نجاح العمل في المنتخبات مربوط بنجاح الدوري، لذلك يجب أن تأخذ المسابقات الرسمية حيزاً كبيراً من الاهتمام، لينعكس هذا الاهتمام على منتخباتنا كلها.
وما دفعنا للحديث عن هذه القضية اليوم، هو ما حصل لمنتخبنا الناشئ بالتصفيات الآسيوية وقد خرج من مولدها بلا حمص، فلم يستطع تسجيل أي حضور مشرف، ولم يستطع متابعة التألق الذي حققه المنتخب السابق الذي تأهل إلى المونديال، وعلى الوتيرة نفسها يسير منتخب الشباب، والنقطة التي تدفعنا للحديث هنا أن مدربي المنتخبين وضعا اللائمة في تأخر منتخبات القواعد برسم اتحاد كرة القدم الذي أغفل دوري الفئات في برنامج نشاطاته، ما أثر في جاهزية اللاعبين الفنية والبدنية.

حل ضروري
من هذه النقطة، ومن مجمل الأحوال والظروف التي تعيشها أنديتنا، نجد أنه من الضروري البحث عن حلّ بديل يضمن نجاح المسابقات الرسمية، واستبدال الأسلوب الكلاسيكي الذي لم يعد يتوافق مع عدد الأندية المتنامي موسماً بعد آخر، ومع عدد اللاعبين ونوعيتهم، ومع الظروف المحيطة، بأسلوب جديد مبتكر قادر على النهوض بكرتنا.
لن نعيد ما بدأناه الأسبوع الماضي، لكننا نؤكد أن اتحاد الكرة تنتظره انتخابات لا ندري نتائجها، فهل من المنطق أن يفرض أسلوبه على الاتحاد الجديد إن خسر الانتخابات، وهل من المنطق أن يتجاهل أعضاء المؤتمر فيقرر ويحسم ويجزم، من دون مشاورة أو مراجعة أحد؟ وها هي طلبات تسعة أندية بتأجيل الدوري أول الشواهد على ضرورة عقد اجتماع كروي لتقرير مصير الدوري والموسم القادم، وهو أفضل من أن يبقى مصير كرتنا برأي شخص واحد!

صورة ضبابية
هذه الصورة الضبابية والمرسومة أمامنا لا تبشر بمستقبل جيد أو مستوى معقول ضمن حدود المنطق والظرف الذي نعيشه، والسبب أننا ندخل الموسم الجديد دون أدنى مقومات، وعليه هل يمكن تأجيل الدوري لمصلحة الدوري؟
هو سؤال يفرض نفسه في ظل أوضاع الأندية العشرين التي ستشارك، فهلا نظرنا إلى أوضاعها قبل أن نقرر الموعد؟
العديد من الأندية بلا إدارات أو بلا مدربين، والكثير منها بلا مال، أي بلا لاعبين، فعلى أي أساس قررنا هذا الموعد؟ وإذا كان اتحاد كرة القدم تنتظره انتخابات مطلع العام الجديد قد يبقى فيها وقد يرحل، فهل هذا الانطلاق بمنزلة الفرض على اتحاد كرة القدم الجديد، ليواصل أعماله بفكر غيره؟ وهنا نعتقد أن العودة عن الخطأ فضيلة، وتأجيل موعد بداية الدوري نجده خيراً لكرتنا، وخصوصاً أن الموعد المقرر سيشهد ولادة عسيرة لأسباب عديدة ذكرناها تخص العوامل الفنية والتقنية والمالية، ولن يكتمل بسبب انشغال منتخب الرجال والأولمبي بالتصفيات التي تستهلك خيرة لاعبينا المحليين.

التغيير مطلوب
هناك الكثير من العوامل والأمور المستجدة تفرض على قيادة كرتنا أن تفكر بتغيير أسلوب الدوري وطريقته وأتذكر أنه عندما كان الدوري في عزه كان البعض يطالب بتخفيض عدد فرق دوري الدرجة الأولى من أربعة عشر فريقاً إلى اثني عشر فريقاً، باعتبار وجود فريقين على الأغلب ليسا بمستوى البقية، وأن الإمكانيات الفنية والمالية ونوعية اللاعبين لا تحتاج لأكثر من اثني عشر فريقاً.
اليوم نحن مع تقليص عدد الفرق بما يتماشى مع ظروف الأندية وإمكانياتها الفنية أولاً والمالية ثانياً وكما نسمع في الأخبار وفي كواليسها أن هناك أزمة لاعبين، وإذا علمنا أن بعض الأندية الغنية وهي قليلة استأثرت بلاعبي النخبة، فماذا بقي لأغلب أندية الدوري؟
وبناء عليه نجد أن أغلب الأندية سعت لاسترجاع لاعبيها المعتزلين القادرين على العطاء، وهذا الأمر ليس بجديد، إنما يتم تكريسه هذا الموسم بشكل أكبر وعلى غير المعتاد، أما من هم في فئة الشباب فأمرهم لا يسر أبداً وخصوصاً مع غياب دوري هذه الفئة، ما أدى لضعف من يفترض أنهم الصف الرديف للفرق والدوري، ولن نعرج هنا على شكوى الأندية من هجرة المزيد من لاعبيها الشباب وباتت واضحة وصريحة، ونكتفي بما ذكرناه.

الحلول
من الحلول المقترحة التي تنقذ الدوري من الهبوط المريع أن يتم تخفيض عدده، بما يتناسب مع الظروف والإمكانيات، وألا يتم هذا التخفيض عشوائياً، إنما على مراحل وضمن شروط كروية تحافظ على بقاء كرتنا سليمة معافاة، وذلك ضمن المقترحات التالية:
أولاً: يهبط أي ناد ينسحب من الدوري أو لا يلتزم به لأي سبب من الأسباب، وذلك تأكيداً على قدسية القوانين والأنظمة.
ثانياً: يهبط في الموسم الأول أربعة فرق إلى الدرجة الثانية، وإلغاء الصعود لعدم وجود فرق قادرة هذا الموسم على المنافسة ومواكبة فرق الدرجة الأولى. والتشديد على تنفيذ الهبوط مهما كان اسم الفريق الهابط.
ثالثاً: يهبط في الموسم الثاني أربعة فرق إلى الدرجة الثانية، ويصعد فريقان إلى الدرجة الأولى.
رابعاً: يستمر هذا الإجراء حتى يستقر العدد على عشرة فرق في الدرجة الأولى.
خامساً: الاستقرار في الدرجة الثانية على عشرة فرق، والصعود والهبوط يتم لفريقين بين كل الدرجات. ويفتح عدد فرق الدرجة الثالثة وتوزع على مجموعات حسب مناطقها الجغرافية.
سادساً: إلغاء مبدأ التجمعات، وإقامة المباريات كما كان معمولاً به سابقاً، من خلال تمكين الفرق من اللعب على أرضها، أو اختيار ملعب بديل لمن لا يستطيع اللعب على ملعبه.
سابعاً: توفير المال اللازم لإقامة دوري جيد، وإلغاء مبدأ التعامل بالإمكانيات المتاحة والشح، لأن هذا الأمر سيلغي وجودنا الكروي مستقبلاً.

الوقاية خير من العلاج
ضرورة هذا الأمر تنبع من إحساسنا أن كرتنا بدأت تراجعها المخيف على كل المستويات، وما نتائج فرقنا القاعدية إلا دليل على هشاشة الأرض التي ترتكز عليها كرتنا، أما تفوقنا الكروي على صعيد منتخب الرجال فيعود لوجود نخبة متميزة من لاعبينا تلعب بالخارج وتستعد كما يجب الاستعداد، لكن السؤال: إلى متى سيبقى اعتمادنا على هؤلاء؟
كرتنا تحتاج إلى دم جديد وإلى رديف قوي، وهذا لن يتحقق بمثل الآليات المتبعة حالياً، وعلينا التفكير بطرح ينقذ كرتنا من وضعها، وقد يكون الطرح هذا مناسباً لكنه حتماً ليس الطرح الوحيد، لذلك نأمل من الغيورين على كرتنا أن يبادروا لإنقاذها قبل فوات الأوان، فالوقاية خير من العلاج.

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن