شؤون محلية

آخر إبداعات التموين: تجفيف منابع الغش … «التموين» تضغط.. والتجار: الأسعار لم تفلت إنما الأسواق راكدة!! … شعيب: محاسبة ونقل مراقبين مخالفين ونتشدّد في الرقابة عليهم

| علي محمود سليمان

شهدت الأسواق في سورية خلال الشهرين الأخيرين تقلبات في الأسعار بين صعود وهبوط تحت تأثير تغيرات سعر الصرف بشكل أساسي، حيث قارب سعر الصرف في السوق الموازي 690 ليرة سورية ليعاود الانخفاض لحوالي 625، ومن ثم يتراوح بين السعرين في تبدل يومي وعدم ثبات، وعليه اتجهت الأسواق للمراوحة في تفاوت الأسعار وتعددت التصريحات من الجهات المسؤولة والتجار وتبادل الاتهامات.
«الوطن» تابعت الأسواق وأسعارها خلال هذه الفترة إذ كان المستهلك هو المتضرر الأول من هذه التغيرات بالتزامن مع انخفاض القدرة الشرائية المتأثرة بقوة بتغيرات سعر الصرف، ما أدى لارتفاع عدد الشكاوى التي وردت إلى مديريات التجارة الداخلية في المحافظات نتيجة ارتفاع الأسعار، ولذلك تم التشديد على مكاتب الشكاوى من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك أن تعمل على مدار 24 ساعة، إضافة إلى دوريات موازية لمكتب الشكاوى حتى تقوم بالرد على هذه الشكاوى التي كثرت على المواد الغذائية والمطاعم.

«التموين» تضغط على التجار!
معاون وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك جمال الدين شعيب صرح لـ«الوطن» بأن الارتفاع في الأسعار كان طفيفاً خلال تلك الفترة وعادت الأسواق مجدداً للاستقرار، إذ ركزت الوزارة في حملتها على الأسواق على تكثيف ضبوط مخالفات رفع الأسعار والتلاعب بها والتدقيق على الفواتير المتداولة بين حلقات الوساطة التجارية في الأسواق على مستوى المحافظات، والمتابعة كانت يومية وفورية من الوزارة، ولذلك تمكنا من الحفاظ على الأسعار ضمن الحدود الممكنة.
وبين أن الوزارة تسعى حالياً من خلال ذراعها للتدخل الإيجابي وهي المؤسسة السورية للتجارة لإحداث منافسة في الأسواق وتقديم بديل للمستهلك، وذلك من خلال طرح كميات متنوعة من السلع والمواد عبر صالاتها والسيارات الجوالة للتخفيف من تحكم التجار بالأسعار، وبذلك يصبح لدى المستهلك إمكانية للاختيار، ولا يبقى التجار متحكمين بالأسواق.
ونوّه بأن الحملة على الأسواق مستمرة مع الضغط على التجار لتخفيض أسعارهم، وتم تقديم مقترح لهم بإمكانية طرح سلعهم ومنتجاتهم ضمن صالات المؤسسة السورية للتجارة ضمن آلية الوضع بالأمانة، حيث يتم بيعها بأسعار مخفضة وتحقيق الفائدة للطرفين من التجار والمستهلكين.
وحول آلية الرقابة أوضح شعيب أن الوزارة تشددت في مراقبة عمل المراقب التمويني بشكل دقيق وحازم، وأي شكوى ترد على أي مراقب تتم محاسبته بشكل فوري ونقله، وتم اتخاذ هذا الإجراء بعدد من المراقبين في المحافظات، كما تم توزيع المراقبين على مجموعات عمل يترأسها مدير التجارة الداخلية في المحافظة ليكون على رأس الحملة في المحافظة، من خلال تقسيم المحافظة إلى قطاعات تموينية لمراقبة أسواقها، مع إلزام المديرين ومعاونيهم بالحضور بشكل دائم في الأسواق بالإضافة إلى الدوريات التي تقوم بها الوزارة من خلال المديرين العامين فيها ضمن برنامج عمل.

تجفيف منابع الغش!
أفاد شعيب بأن الوزارة اتخذت عدة إجراءات لتطوير العمل الرقابي، ومن ضمنها تشكيل دوريات متخصصة للرقابة على العملية الإنتاجية في المعامل والورش، وخاصة غير النظامية، تحت شعار «تجفيف منابع الغش»، وكذلك لضبط المواد المخالفة للمواصفات والمنتهية الصلاحية والمواد المجهولة المصدر في الأسواق.
كما يتم العمل على رفد جهاز حماية المستهلك بعناصر جديدة من المهندسين المفرزين للوزارة وتأهيلهم وتدريبهم من خلال إخضاعهم لدورات متخصصة في هذا المجال، ومتابعة الأسواق من خلال مراقبة توافر المواد والسلع بالجودة والسعر المناسبين ومعالجة أي طارئ بهذا الخصوص بشكل لحظي وفوري، إضافة إلى متابعة العمل بالدوريات النوعية المتخصصة على جميع المواد وخاصة المواد المدعومة من الدولة (دقيق – خبز) لمنع الاتجار بها في السوق السوداء.

ركود لا فلتان!
نائب رئيس غرفة تجارة دمشق عمار البردان بيّن لـ«الوطن» أن الأسواق لم تشهد أي فلتان بالأسعار، وعلى العكس كان هناك ركود في الأسواق، نتيجةً لكثرة العرض وقلة الطلب، إذ إن الأسواق شبه فارغة من حركة الزبائن نتيجة ضعف القوة الشرائية للمواطنين.
ورأى أن تغيرات سعر الصرف من الطبيعي أن تؤثر في الأسعار، ولكنها لم ترتفع بما يعادل نسبة تغير سعر الصرف، وذلك بسبب الركود، ولذلك كان الارتفاع طفيفاً، ومن الأمثلة أن سعر مادة زيت الزيتون لم يتغير منذ أربع سنوات، أما السلع والمواد المستوردة فهي تتأثر أكثر من غيرها بتغيرات سعر الصرف، ومع ذلك لم ترتفع بنسبة ارتفاع سعر الصرف نفسها، وعندما عاد سعر الصرف للهبوط، انخفضت أسعار هذه السلع.
واعتبر البردان أن الرقابة التموينية في الأسواق من المواضيع الشائكة دائماً بين التجار والمواطنين والجهات المعنية، فمن حق المواطن أن يطالب بمراقبة الأسعار والسلع ومن واجب الجهات المعنية تلبية هذه المطالب، ولكن المشكلة أن التركيز يكون بعمل وزارة التجارة الداخلية على الأسعار فقط، وهي من أولوياتها العديد من المهام كالرقابة الغذائية وحركة انسياب السلع بالأسواق وتوافرها.. وغيرها من المهام، ولذلك فإن جعل الأسعار هو الشغل الشاغل لا حاجة له لكون القانون السائد في الأسواق منذ بداية الحركة التجارية هو قانون العرض والطلب وهو الذي يتحكم بالأسعار بشكل رئيس وليس أي إجراء آخر.
وبين أن غرفة التجارة ليس لها سلطة تنفيذية وليست سلطة تشريعية، ودورها أن تكون الوسيط بين التجار والجهات المعنية، والعكس لإيصال الشكاوى والاقتراحات والمطالب، ومراقبة الأسواق وتداول الفواتير ليست من مهامها.
ولفت البردان إلى أن آلية التسعير بالأساس تحتوي على العديد من الثغرات وتمت مناقشة هذه الآلية عدة مرات مع الجهات المعنية من دون وصول إلى صيغة اتفاق سواء للمواد المدعومة أم غير المدعومة، وذلك نتيجة عدم كفاية القطع لتمويل كامل إجازات الاستيراد، ويضاف إلى ذلك الاختلاف في أسعار الصرف بين المصرف المركزي والمتداول في السوق الموازي، إذ يوجد فارق واضح وكبير بين السعرين، ومن يتقدم بطلب لتمويل إجازة استيراده عليه الانتظار لعدة أشهر ليتم التمويل، علماً أن تكلفة التمويل وصلت إلى 23% من قيمة بوليصة الشحن، وهذا كله لا يؤخذ بالحسبان في آلية التسعير، وهو ما يحدث الفرق بين الصك التسعيري لوزارة التجارة الداخلية والسعر الحقيقي للسلعة.

لا إحصائيات حقيقية للأسواق
بيّن نائب رئيس غرفة التجارة أن التنوع في مصادر السلع وتوافرها بأنواع وأصناف مختلفة ضمن الأسواق يعتبر أمراً إيجابياً لتنوع الشرائح الاجتماعية واختلاف ميولها الاستهلاكية، وهذا دليل وجود تنافسية جيدة في الأسواق، وهذه التنافسية وحدها قادرة على ضبط الأسعار، ولكن رغم هذا التنوع في الأسواق إلا أنهـــا لم تنعكس بالشكل المطــلوب نتيجـــة ضعــف القوة الشرائية.
وأشار إلى وجود صعوبات في وضع رؤية واضحة للأسواق نتيجة انعدام وجود الدراسات والإحصائيات والأرقام التي توضح واقع الأسواق وحجم وكميات السلع فيها، وما المطلوب من إجراءات لضبطها وتسهيل انسياب السلع فيها.
ورغم كل الحديث عن ارتفاع الأسعار فإنها تبقى حتى الآن رغم كل سنوات الأزمة أقل من مثيلاتها في دول الجوار وأي مواطن يتجه إلى لبنان سيجد أن أي سلعة سعرها مضاعف عنها في سورية، ولكن هذا لا يعني أن المواطن ليس محقاً بمطالبه بخفض الأسعار لكون الدخل أقل من الإمكانيات المطلوبة.

تفعيل دور السورية للتجارة
صرح مدير مسؤول في السورية للتجارة لـ«الوطن» أن الوزارة على تفعيل نشاط وعمل فروع المؤسسة السورية للتجارة في المحافظات لتكون كما تريدها الحكومة؛ الرافعة الحقيقية وتاجر الدولة في مواجهة أشكال الحرب الاقتصادية، وتسعى لضبط حركة البيع والشراء بالأسواق، إذ يجري العمل على توثيق التعاون فيما بين فروع السورية للتجارة بالمحافظات للتعرف على المعامل والمنتجات التي يتم تصنيعها وإنتاجها في كل محافظة وحقيقة أسعارها وجودتها بهدف تغطية احتياجات كل محافظة من تلك السلع أو المنتجات بأسعار مناسبة.
ولفت إلى أن توقيع السورية للتجارة على اتفاق مع المصارف العامة السورية لمنح العاملين بالدولة قروضاً بحدود ثلاثمئة ألف ليرة سورية من دون فائدة لشراء المواد والسلع الأساسية من السورية للتجارة وقروض أخرى للسلع المعمرة إضافة إلى قرارات تتعلق بالسماح بفتح منافذ أو صالات بيع في وزارات ومؤسسات الدولة وفق شروط يتم تحديدها، هي كلها إجراءات لدعم عمل المؤسسة ولخدمة المستهلك.
وكان وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك عاطف النداف قد طالب بضرورة إعادة النظر وتفعيل التسعير المركزي والمحلي والصك السعري وإصدار نشرات أسعار الخضار والفواكه بشكل صحيح وحقيقي وإلزام أصحاب الفعاليات بآلية تسعير المواد والسلع وبنشرة الأسعار الصادرة عن الوزارة ومديرياتها والتوسع بعملية بيع اللحوم والدجاج وطرحها في صالات ومنافذ بيع السورية للتجارة.
وصرح مدير مديرية حماية المستهلك علي الخطيب لـ«الوطن» أن الحملة التي أطلقتها الوزارة تحت عنوان «معاً في مواجهة الغش والتلاعب بالأسواق» ركزت على الفواتير المتداولة من تجار الجملة، وذلك لكونهم حلقة الوساطة الأساسية ما بين المستورد والمنتج وبائعي المفرق، ولكونها المرجع الأساسي في البيانات المتعلقة بحجم توافر المواد وكمياتها ودوران سعرها مع تنقلها من حلقة تجارية إلى أخرى، وقد بدأت الوزارة بالخطوة التالية من الحملة من خلال التوجه بدوريات استقصائية غير معلنة على بائعي المفرق للتأكد من مطابقة أسعار البيع النهائي مع الفواتير الممنوحة من تجار الجملة، وذلك لضبط الأسعار ومنع الغش والتلاعب في أسواق المحافظات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن