«ريشة في الصميم» كاريكاتير من ألم الناس … نضال ديب لـ«الوطـن»: معرض يسلّط الضوء على الوجع.. وفيه جرأة في الطرح … دريد لحام: استطاع أن يعبر عما نعانيه بكل شفافية وعمق عبر الألوان والأشكال الرائعة
| سوسن صيداوي
في حضرة «الكاريكاتير» ومما كتبه الفنان نضال ديب مقدماً معرضه: «أنتم والحدث.. ريشة في الصميم»، التالي: «أضع بين أيديكم بعض أحداث عشناها، ونعيشها كل يوم، لخَّصتها بخطوط قيل لي إنها حادة وجريئة ربما، لكنها واقعية وساخرة، فبدت كمهرّج حزين يضحك من ألم»، وللمزيد حول هذه التجربة الكاريكاتورية الجديدة التي احتضنتها الهيئة العامة لدار الأسد للثقافة والفنون في دمشق، نقدم لكم الكثير من التفاصيل.
للفنان نضال ديب كاريكاتور أقيم في الهيئة العامة للثقافة والفنون.
التوثيق عبر الفن
بداية في تصريح لـ«الوطـن» عبرت سناء الشوا معاونة وزير الثقافة عن الدور الثقافي في إطلاق الإبداع ورعايته موضحة: «إنّ دور وزارة الثقافة في دعم الإبداع له أكثر من جانب وأكثر من أهمية، وعلى اعتبار الفن هو لغة الشعوب، وهو اللغة التي تتجاوز كل المسافات والأبعاد، فنحن نوصل صوتنا وهمومنا وأوجاعنا من خلاله، كما نعبّر عن أفكارنا ومشاعرنا وأحزاننا وأفراحنا من خلال اللوحة والأدب والمسرح والموسيقا والسينما، وفي هذا الوقت من تاريخ سورية يتجلى دور الفن بشكل واسع من خلال توثيق ما يمرّ به البلد من أحداث وتغيرات وتطورات».
أما عن تجربة الفنان نضال ديب فأكدت الشوا «بمشاهدة اللوحات والتمعّن بها، نجد أنها تجسّد هموم الناس سواء في المحور الاجتماعي أم في المحور السياسي، أي كل ما تتعرض له سورية من إرهاب»، خاتمة القول: إن الرسم الكاريكاتوري من بين الفنون التي تدعمها الوزارة «يتميز فن الكاريكاتير ببساطته وبسهولة إيصال الفكرة إلى المتلقي، كونه لا يحتاج إلى تعبير أو إلى لغة، ونحن اليوم نستطيع أن ننشر هذه اللوحات التي يحتضنها المعرض بأي مجلة عالمية وستصل إلى المتلقي مهما كانت هويته أو لغته».
دار الأسد فاعلة
على حين بيّن أندريه معلولي المدير العام للهيئة العامة للثقافة والفنون كيف تُعنى دار الأسد بكل أنواع الفنون وليس بنوع واحد منها، متابعاً: «نحن نحاول أن يكون كل فن له حصته ضمن خطة عمل الدار والفن التشكيلي من ضمن الفنون التي لها حضورها معنا، ونحن لدينا لجنة مختصة لدراسة المعارض وتقييم الأعمال التشكيلية»، مشدداً على أن لدار الأوبرا خصوصية كونها ليست بالمكان عادي، الأمر الذي يتطلب مستوى لائقاً من العروض سواء أكانت مسرحيّة، سينمائيّة، أم موسيقيّة، وفق ضوابط ومعايير محددة هي بتنظيمها عُرفاً عالمياً سائداً تُنَظّم به العروض المحلية وحتى في دور الأوبرا العالمية.
جرأة وحرية إبداع
وعن معرض «ريشة في الصميم» تحدث الفنان نضال ديب عن تجربته قائلاً: «من عنوان المعرض، الحدث مرتبط بالمواطن وبحياته بالعموم، سواء أكان سياسياً أم اقتصادياً أو اجتماعياً، إذاً «ريشة في الصميم» هو معرض يسلّط الضوء على الوجع، وحاولت أن أكون واضحاً في لوحاتي، وحتى لاحظ الزوار الجرأة في الطرح، وهذا أمر أنا لا أخشاه أبداً. وهنا أشدد بأنني لا أخصص مكاناً معيناً ولا أشخاصاً بذاتهم، بل أقصد فئات العالم كلّه سواء أكانوا عاملاً أم تاجراً، أو فلاحاً أو جندياً».
وعن ابتعاد ديب عن الأبيض والأسود ووجود الألوان في كل الأعمال أشار «الكاريكاتور لا يقتصر على اللون الأبيض والأسود كما هو متعارف عليه في العمل الصحفي والنشر في الجرائد، ولكن عندما يكون الرسام قادراً على منح اللوحة الموضوع والروح عبر الألوان، فهذا الأمر يكون أجمل رغم أنه متعب أكثر».
وعن عمق الموضوع والجرأة في الطرح أوضح بأن العمق أصعب لأن فيه اختصاراً لحدث كبير جداً بلوحة صغيرة، يجب أن تصل بفكرتها إلى كل فئات الناس، وخاصة أنه لا يرافق العمل أي كتابة، وفي سؤال «الوطـن» عن الجرأة ونطاق الحرية المطلوب في العمل الكاريكاتوري أجاب فناننا: «أنا معروف بجرأتي ولكن هنا أشدد بأنني أرسم بجرأة ولدي المساحة التي أرسم فيها، ولكن هناك احترام، فليس من مهمتي تسليط الضوء على أشخاص بحد ذاتهم، فمهمتي أن أسلط الضوء على المشكلة، فحريتي ضمن نطاق المشكلة، كي يتم تصحيحها. وأحب أن أضيف بأنه بعد دعم الرئيس الأسد لفن الكاريكاتور وخاصة في ظروف الأزمة، اليوم نحن نشعر بالراحة وبالتشجيع الدال على أننا نسير على الطريق الصحيح».
صدق الكاريكاتور كصدق المسرح
من جانبه عبر الفنان دريد لحام عن جمالية لوحات المعرض، كونها تسلّط الضوء على الأحداث التي يعيشها المواطن بشكل عام، ومن كل الجوانب السياسية والاجتماعية والوطنية، مضيفاً: «استطاع فناننا أن يعبّر عما نعانيه بكل شفافية وعمق، عبر الألوان والأشكال الرائعة، هذا كما أن الجرأة التي تقدمها اللوحات، أنا أعتبرها صادقة، ومن هو ضد الصدق فليكن ضد هذه الأعمال بمواضيعها العميقة والشفافة، فنحن بحاجة كثيراً للصدق وعلى الخصوص في هذا الوقت».
وعن الخصوصية التي يتمتع بها فن الكاريكاتور تابع لحام: «فن الكاريكاتور قادر على إيصال الأفكار ولمس الوجع من دون أي ستائر ومن دون أي مقاعد أو حتى تذاكر كما المسرح، فهذا الفن قادر بلوحة 20×30 رغم حجمها الصغير أن توصل الفكرة وتصيب الهدف المطلوب، وهو قادر أن يقدم لنا عرضاً مسرحياً من بدايته إلى نهايته من خلال هذه اللوحة، والفنان نضال ديب أصاب بموهبته».
وختم الفنان القدير دريد لحام حديثه معنا مشيراً إلى الغبطة للنشاط الثقافي الذي تشهده سورية اليوم «خصوصاً أن الأنشطة فاعلة ضمن الإمكانات المتاحة، ولننطلق من دار الأسد كمثال كونها الحاضنة لهذا المعرض، فهي كانت تقدم حفلاً واحداً أسبوعياً، ولكنها تقدم للجمهور العديد من الفعاليات الثقافية والفنية بشكل يومي رغم سنين الجمر التي مرت بها سورية».
من أبناء الشهداء
وأخيراً نتوقف مع شهيرة فلوح المدير العام لمدارس أبناء الشهداء، التي أكدت الدور الكبير التي تقدمه مدراس أبناء الشهداء لأولادها، كي يتجاوزا الألم والحزن منطلقين نحو الفرح والإبداع، وعن الفنان نضال ديب قالت: «نضال ابننا وقد تخرج من مدارس أبناء الشهداء بسيرة عطرة، واليوم أذهلني بالأعمال التي قدمها وبموهبته، سواء باختيار الألوان أم المواضيع، وفي هذا المعرض قفزة نوعية حققها نضال، عندما صور المعاناة والمآسي السورية بأجمل وأبلغ تصوير، وكم أنا سعيدة بأن نضال حافظ على تفاؤله، وما حققه من نجاح لم يكن إلا بعد مثابرة ومتابعة وجهد كبير بذله كي يحقق حلمه في الفن الكاريكاتوري».