المقولة المعروفة الحرب هي سياسة بصوت عالٍ…
خلال السنوات السابقة تعيش سورية هذه الحرب بكل الأصوات العالية والهامسة … لكنها في كل مرحلة نجد الأمور تشتد وتصل إلى حافة الهاوية فتأتي الدبلوماسية السورية وتصل بها إلى حافة الحل.
في الحديث عن العدوان التركي على سورية كان واضحاً أن أشكال هذا العدوان متعددة ومتغيرة وتكاد تكون جربت كل شيء فيه الحدود العليا من العداء والإجرام.
أردوغان تصرف خلال هذه السنوات كمجرم محترف، وهو كذلك لكن دعونا ننظر ما هي مآلات كل خططه وخطواته… لعل الأكثر شهرة و دلالة ما كان يقوله عن الصلاة في المسجد الأموي بدمشق… لكنه الآن لا يستطيع الصلاة في عين عيسى لكننا قد نسمح له بالسجود ذلاً في «عين» إدلب.
عادة لا أحب استخدام هذه اللغة وأنا أتحدث في السياسة لكن العدائية التركية تجاوزت كل الحدود وهي الآن تعيش فشلاً جديداً بفضل الدبلوماسية السورية قليلة الكلام كثيرة الأفعال.
في عالم شديد التعقيد وهو الآن في مرحلة تختلط فيه المصالح وتتنافر الأدوار تصبح السياسة الواقعية هي الأكثر استخداماً… لكن الدبلوماسية السورية جمعت مزيجاً خاصاً من الدبلوماسية يؤمن بالوقائع لكنه يغيرها.
التغيير المهم الذي أحدثته الدبلوماسية السورية أنها خرقت كل التوقعات بقدرة سورية على الصمود مع كل هؤلاء الأعداء… مجرد الصمود هو ضد الواقعية لكن الانتصار كما يحدث الآن هو المعجزة.
التغيير الآخر الذي ستلمس تأثيراته على مستوى العالم هو إعلان نهاية القطب الأوحد.. القطب الأوحد الذي يشكل عقلية ترامب نموذجاً مشهوداً له من الغرور والتكبر وما يرافق ذلك عادة من الحماقة.
ما يهمنا الآن إعادة من تاه من السوريين الأكراد إلى صوابية الدولة وكنفها، وخاصة أن درس الرهان على الأجنبي كان قاسياً جداً وأثبت للمرة المليون أن الرهان الوحيد المقبول هو ذلك الذي يعتمد على الطبيعة والجغرافيا والتاريخ، وأن السوريين وحدهم بجميع مكوناتهم قادرون على حماية دولتهم من كل اعتداء مهما علا شأنه.
ليس من الحكمة أن نركز كثيراً على فكرة عملية بيع بعض الأكراد في بورصة ترامب بسعر بخس لكن الأتراك وهم الجزء الثاني من صفقة ترامب لم يخرجوا رابحين أيضاً.. فتركيا الآن دولة تهتز من الداخل وتهتز من الخارج وأيام الاستعراض العثماني أصبحت معدودة.
مقولة أنشتاين إن الكون لا يلعب النرد… وهنا في دول تلاحق أدوارها لا يجوز انتظار لعبة النرد، فالفرص نصنعها ولا ننتظرها والآن فإن سورية استطاعت من خلال الصبر والحكمة أن تضع النهايات بطريقتها وأسلوبها.
وأنا أتحدث عن الدبلوماسية السورية لا يمكن إلا أن نقول إنها كانت دبلوماسية مجهزة بالصواريخ… ما كان لهذه الدبلوماسية أن تصنع ما صنعت إلا على إيقاعات انتصارات الأرض والسماء.
سيكون العالم مديناً لسورية بأنها صنعت تغييرات مهمة على الصعيد العالمي ربما لا تكون نتائجه واضحة للعيان للجميع، ومن المؤكد أن الثمن كان غالياً ومكلفاً ومؤلماً لكن هذا البلد لم يستسلم للواقع بل صنع واقعاً جديداً وعلى الآخرين التعامل معه.
أقوال:
– امشِ حافياً حتى تمنحك الحكمة أحذية.
– عندما يكون البحر هادئاً يكون كل قبطان جيداً.
– الحب حكمة الأحمق وحماقة الحكيم.
– بثلاث طرق يمكن تعلم الحكمة، بالتفكير وهو أشرفها وبالتقليد وهو أيسرها وبالخبرة وهي أشدها.