العفوية هي جزء كبير من أعمالي ومشاعري المجسّدة … أحمد الوعري لـ«الوطـن»: «الآن» معرض يلخّص لحظة عاشها المرء.. ويجسّدها بلوحة توثق يومياتنا
| سوسن صيداوي - ت: طارق السعدوني
«الآن.. أتقنتُ لُغةَ البقايا.. تعلمتُ كيف أصنعُ غيمةً وشمساً وحياة.. الآن أجلبُ من ذاكرتي كُرسياً.. أفرشُ يوماً جميلاً يُغطيني ساعةَ البرد.. الآن أصنعُ من نقصي حُلماً.. أعتليه وأرقص.. أجمعُ كُلّ ضحكاتي مظلةً تُخفف عني السقوط.. الآن أنا بقايا ما كان يوماً.. شاهداً أخيراً حيا». الكلام للفنان التشكيلي أحمد الوعري في تقديمه لمعرضه (الآن) الذي أقيم بصالة الآرت هاوس بدمشق، وفي اثنتين وعشرين لوحة تعبيرية يدعونا خلالها إلى لملمة أنفسنا، وإلى التماسك لننطلق نحو المزيد من أيام الحياة القادمة، وللمزيد من التفاصيل حول الأعمال نضيف لكم.
في كلمة الفنان
عن العنوان وكيفية اختياره أخبرنا الفنان التشكيلي أحمد الوعري، إن عناوينه تأتي بمحض المصادفة، عندما يكون الفنان في المراحل التحضيرية الأخيرة للأعمال: «أختار العنوان بشكل فطري وعفوي، وأساساً لا أحب أن أفكر به، فالعفوية هي جزء كبير من مشاعري وأعمالي التي أسعى جاهداً كي تصل للمتلقي. اسم المعرض (الآن) لأنني ألخص لحظة واحدة عاشها المرء، سواء أكانت لحظة سلبية أم إيجابية، وأجسدها بلوحة في حالة توثيقية ليومياتنا الحياتية». مؤكداً على فكرته بأن اللحظة التي يجسّدها هي تمثل الصدمة في حياتنا لكون ما مرّ بنا من لحظات قاسية وصعبة، ومنها نعبُر نحو الحقيقة من أجل المواجهة وأخذ القرار الأخير الذي يجب أن نتخذه لنرمم أنفسنا. أما على صعيد الفكرة فهنا أوضح بأن رسم الزمن أمر جدّ معقد، فكل لوحة هي توثيق للحظة واقعية، خيالية، أو تعبيرية لزمن سبقها. أما على صعيد الحالة المعرض يشبهنا من حيث الترميم المطلوب الذي يجب أن يتم بسرعة كي نمضي بالحياة».
وعن الجديد الذي يقدمه الوعري أشار إلى أنه حاضر من الناحية التقنية، ليتابع: «يهمني أن تكون اللوحة حاضرة مع الحداثة والعصرنة ضمن إطار المدرسة الواقعية والتعبيرية، بطريقة فيها من الخيال، وفي الخلفية من التمهيد لهذا العنصر الواقعي». وعن الألوان يضيف: أيضاً تقنياً غامرت برسم أمور دقيقة ولم أخش التشتت باللوحة، وعن الألوان-ففي أعمال ذهبت نحو الأزرق-أكثرت من التفاؤل فيها، الأمر الذي بهرني بداية ومن ثم بهر المتلقي».
وعن طموح الوعري واجتهاده في اختياره للفن التشكيلي بعد أن أقام في دمشق هذا المعرض الفردي الرابع يقول: «إن انتمائي إلى المدرسة الواقعية واجب أحمله على عاتقي كفنان تشكيليّ حيث أحاول تطوير هذه المدرسة لكونها مشروعي الفني الذي أعمل على تطويره بصورة تلائم العصر. ومن واجبي كرسام واقعي بأن أكون سفيراً لهذه المدرسة وبأن أزيل عنها الرتابة بدمج المدارس الجديدة من حيث المحافظة على الموروث مع دمج المعاصر، كي تكون أكثر قرباً للمتلقي، وأختم بأن حلمي أن ينظر المشاهد إلى اللوحة ويستغرق في مشاهدتها في ملاقاة مع ما أشعر به أو أفكر، فالرسم بالنهاية هو طريقة تعبير بما لا نستطيع أن نعبر عنه باللوحة».
في الجانب الفني الناقد
من جانبه شرح لنا الفنان التشكيلي أكسم طلاع ما شاهده عبر اللوحات قائلا: «نحن اليوم في حضرة هذه(الآن)التي يقدمها أحمد الوعري، مبشراً بقيمة جديدة تضاف إلى المشهد التشكيلي السوري، وتُحسب في رصيد المعارض النوعية التي تشهدها العاصمة، وإن كان الحلم معلقاً في الهواء!فنحن أمام (آن) جميلة.. إنها لغة الجمال والمجاز». مضيفاً عن مشهدية الأعمال: «في مجموعة اللوحات كل المشاهد معلقة من الأعلى، حيث نرى كرسياً ناقص القوائم، أو صبية جميلة تداعب الوقت كأرجوحة لعطرها. فالمشاهد توازي الحكاية القصيرة، حيث لا مقدمات ولا خاتمة بل المعنى مباشرة وللمُشاهد الحرية في البحث عما يرمي إليه ترددات هذا المعنى».
خاتماً الحديث: «خبرة التصوير الواقعية التي يمتلكها الوعري، مسكونة بحالة لا تخلو من عزلة وفزع الفنان والأديب معاً، في هذا العالم المسرحي الصغير تحضر الدراما كثيفة وموجزة تكفي لهذا الفنان الشاب أن يقول جملته».
بطاقة تعريفية
تجدر الإشارة إلى أن أحمد الوعري فنان تشكيلي من مواليد حمص1990، شارك في العديد من معارض اتحاد الفنانين التشكيليين، أقام معرضه الفردي الأول في حمص 2013، والثاني في اللاذقية 2014، والمعرض الأخير(الآن) هو المعرض الفردي الرابع الذي يقيمه في العاصمة دمشق.