ثقافة وفن

لا يوجد طريق للسلام.. السلام هو الطريق … نوري الرحيباني لـ«الوطـن»: ألحاني في ألمانيا ناجحة لأن فيها روح الشرق ونَفس بلدي

| سوسن صيداوي

العبور نحو ثقافات أخرى والاستقرار بمجتمعاتها مع التفاعل وتقديم الإضافات، أمر ليس بالهيّن، ولكن لن تتعقد الأمور وستتيسّر القصص لأنه مكتوب ومقدّر أن يكون. الحديث عن المايسترو نوري الرحيباني، والذي في هذه الأثناء يدخل عامه الثمانين مُحتَفلاً به ومكرماً في دمشقه الغالية على قلبه، الأخير الذي دق بضرباته وفق إيقاع موسيقي صاخب ويجمح بشغف كبير نحو حلم تحدّى ذاته قبل الأهل والمحيطين كي يحققه. نعم واستطاع أن يكون، ويتماشى، ويندمج، ويقدم المختلف من موسيقات عربية طربية وتراثية أصلية، أعاد توزيعها أوركسترالياً، لتحظى بالاستحسان المطلوب وتكون جسر عبور مع الغرب. مايسترو رحيباني رغم الأزمة السورية لم يبتعد عن وطنه، بل واصل زياراته له، حتى إنه قاد الفرقة السيمفونية الوطنية السورية في حفل أقيم في الهيئة العامة للثقافة والفنون بدمشق عام2011.
وبمناسبة قدومه وتكريمه بمناسبة عيده الثمانين سيقود الفرقة السيمفونية الوطنية السورية مقدماً مجموعة من أعماله: البنت الشلبية، طالعة من بيت أبوها، المهرجان الشعبي، عاصفة، يا طيور، يا زهرة في خيالي…. وغيرها.
«الوطـن» التقت المايسترو الرحيباني أثناء البروفات في دار الأسد، وقامت بحواره.. وللمزيد نقدم لكم.

كنت تمضي وقتك في قاعة الموسيقا، تعزف على البيانو مع فرقة الجامعة بقيادة ياسر المالح وبرفقة القدير دريد لحام الذي حينها كان يعزف على الأكورديون مع الفرقة، قبل أن يتوجّه إلى التمثيل، حدثنا عن ذكرياتك في تلك الفترة؟
في البداية درست لعام ونصف في كلية الحقوق بناء على رغبة الأهل، ولكن أتذكر تماماً أن كل من يبحث عني لا يجدني أتابع المحاضرات، بل أكون في قاعة الموسيقا أعزف على البيانو، لأنه من كل جوارحي وقلبي كنت أرغب بدراسة الموسيقا، ولكن أهلي لم يتمكنوا في تلك الأثناء من دفع مصاريف الدراسة في أوروبا، ومن حسن حظي أنني أوفدت إلى ألمانيا بناء على مسابقة موسيقية حصلت فيها على الترتيب الأول، في تلك الأثناء أتذكر تماماً أنهم أقاموا لي حفلة وداع، والأستاذ دريد لحام عزف لي على البيانو، وأيضاً من الذكريات الجميلة بأنني مثلت معهم لما جاء القدير عمر حجو من حلب وقدم أفكاره للفرقة، حيث طورها لحام بثقافته وذكائه، ومرة اعتليت المسرح كممثل معهم، وأدّيت دور رجل صيني، لأن المسرحية موضوعها صداقة الشعوب، ومن شخصياتها رجل صيني وآخر روسي، واختاروا لي شخصية الرجل الصيني كون عيوني لوزّية ولن أحتاج إلى الكثير من المكياج، في ذلك الوقت كانت الفرقة بقيادة ياسر المالح -الموهوب بكل المجالات- ناجحة جداً، كنّا نشيطين جداً حيث نقيم في كل شهر حفلة، لأن الحراك الثقافي كان في أوجه مثله مثل الدول الأوروبية بل وأفضل. كنا مثالاً للشباب لريادة الثقافة والمضي بحضارتنا، هذا عدا عن التعامل الإنساني والمحبة مع البساطة التي كانت سائدة في ذلك الوقت بيننا وبين الناس، حتى إننا عندما كنّا ننزل إلى (المقصف) الخاص بالجامعة، كان حضورنا ضاجاً بالصراخ والطاقة، فمثلاً كانت تختلف أذواق الفرقة حول كمية السكر على الشاي أو القهوة المطلوبين، ولكن يأتي النادل وهو حامل الإبريق ويسكب للكل بنفس الكمية، ليصرّوا على طلباتهم ولكن ليذهب كل الضجيج والإصرار سدى. وأيضاً من الذكريات كنا نأخذ الأوكورديون ونذهب إلى الحمّة في جنوب الجولان ونقضي فيها وقتاً رائعاً بين الغناء والعزف والمرح.

بعد هذا الوقت هل التقيت بالقدير دريد لحام؟

مع الأسف زياراتي لسورية دائماً فجائية وقصيرة المدة، وهو بالطبع مشغول بالتمثيل بشكل دائم، أتمنى أن أقابله في حفلاتي التي أقيمها بين المدة والأخرى، سيكون الأمر جميلاً.

ما رأيك بالفكرة «أنّ كل شيء مدّبر لنا».. فمثلاً في بداياتك اضطررت إلى مبادلة المقاعد بينك وبين شابة، هي ذهبت إلى مصر، في حين أنت ركبت الطائرة نحو بلاد بيتهوفن وباخ؟
في ذلك الزمن كانت الظروف صعبة، وعلى المرء أن يكون جريئاً ويضحي من أجل حلمه، الأخير الذي لم أستطع تحقيقه في سورية، لأننا كنا نفتقر للأوركسترا، في حين في الوقت الحالي الأمور مهيئة أكثر للشباب ولديهم العديد من الخيارات، فلدينا المعهد العالي للموسيقا، والعديد من الفرق الموسيقية، إذاً الأبواب مفتوحة للجميع وبإمكان الموسيقي أن يطوّر نفسه.
منذ البدايات والتجارب الأولى -رغم حداثة سنك- حمَلت المسؤولية وتعمّقت بموسيقاك لتلحن بطريقة تقارب الاحتراف.. ما تعقيبك؟
منذ صغري وأنا معجب بالموسيقا الكلاسيكية، كان هناك برنامج ساعي من الساعة الثالثة إلى الرابعة يقدمه الأستاذ صبحي المحاسب، أحببت هذا البرنامج وتابعته بشغف، حتى إنني كنت أدخر مصروفي كي أشتري أسطوانات لـ (شوبان) ولعازف البيانو الماهر(فرانز ليست). وأنا في عامي السادس عشر، حضرت فيلماً عن حياة (شوبان) الذي منحني حافزاً بأن أكون موسيقياً، ومن حينها التوّهج العميق نحو الموسيقا مازال مشتعلاً، ولازلت ملتزماً بقراري بصناعة الموسيقا، من خلال الربط ما بين الموسيقا العربية القديمة والموسيقا الغربية، وحتى في الامتحان سألوني: «لماذا تدرس الموسيقا». أجبتهم: «لأنني أرغب بتطوير الموسيقا العربية».
وبالنسبة للتجارب الموسيقية التي اشتغلت عليها وقدمتها، لم تكن مستندة على ما قبلها من تجارب في تطوير الموسيقا العربية، كما وحوربت كثيراً لأن هناك من اعتبرها تجارب تسيئ للموسيقا الشرقية، ولكنّ هذا لم يؤثر على طموحي. واليوم من سيأتي بعدي سيجد ما قدمته مرجعاً يساعده في تطوير موسيقانا على أعلى مستوى.
أحب أن أشير بأن الموسيقا تتشكل من أمرين:الموهبة والدراسة، فالموهبة وحدها لا تكفي، ومن دون دراسة سيكرر الموسيقي نفسه. هذا وأضيف بأن الدولة العثمانية عندما جاءت إلينا أغلقت المدارس، ولم يسمحوا إلا بمدارس تعليم القرآن، ولهذا بقيت موسيقانا تسير على وتيرة واحدة وتكرر نفسها، إلى أن ارتحنا من الكابوس العثماني. واليوم أقول نحن أولاد حضارة عمرها خمسة آلاف سنة، وفيها كل الإبداع والجمال ومن واجبنا أن نستمر، فلذلك أنا متأمل بالجيل الجديد الذي لن يضحي مثل تضحياتي ويلجأ للاغتراب عن الوطن.

لاحظنا خلال البروفا بأنك تركز على الموسيقيين بالالتزام بالإحساس والشعور العالي بالموسيقا إلى جانب التقنية والدقة بالأداء؟

هذا الفرق عندما نسمع نفس المقطوعة ولكن يؤديها عازفَان لآلة البيانو، فنجد واحداً منهما يعزف المقطوعة -إن صح التعبير- بجاف وبتقنية في حين الثاني يؤديها بإحساس عال، والأخير يحتاج إلى إخراج، سأوضح أكثر إن وظيفة قائد الأوركسترا أولاً أن يضبط الإيقاع بشكل دقيق، وثانياً بأن يعطي روحاً ونَفساً للمقطوعات المقدمة، وهنا أقدم مثالاً للإيضاح… السيمفونية التاسعة لبيتهوفن، حيث يقدمها (أرتورو توسكانيني) بأقل من ساعة، وغيره يقدمها بساعة وعشر دقائق، إذاً الأمر يعود لروح كل من الاثنين وما يدور بفكرهما وداخلهما من مشاعر وأحاسيس وأفكار. والأهم من ذلك بأن يوضح قائد الأوركسترا رؤيته للعازفين كي يتجاوبوا معه، وأيضاً للعيون دور في تمكين هذا التجاوب، فلغتها مهمة جداً، ويقرأ الموسيقيون ما يشعر به قائد الأوركسترا من عنف وحنان، قوة وضعف، وكل ما هو مطلوب في تأدية المقطوعات، أولاً أثناء البروفات، وبعدها خلال العرض، كي تصل للجمهور بالشكل المطلوب.

لنقف هنا عند العازفين… ما رأيكم بالشباب الموسيقي السوري؟

الخبرة والتمرين والاستمرار عناصر جداً مهمة، وهناك مقولة (الموسيقيون يمارسون هوايتهم ويتلّقون أجوراً على ذلك). هذه المقولة صحيحة وإضافة لذلك بأنها تمنحنا السعادة، لكن هذا لا ينفي أبداً الجهد والتعب المضني الذي يبذله الموسيقي في تقديم المقطوعات، فأحياناً هناك نغمة قصيرة جداً كأن نقول: (تا، تا، تا، تا) هذه النغمة ممكن أن يعيدها ويتمرن الموسيقي عليها لمدة ساعة كاملة، فالأمر شاق جداً ومضن، لذلك فإن الموسيقيين بشكل عام يتمتعون بالانضباط وبالتمرين المستمر، يتقنون فن الإصغاء إلى مستوى الصوت مع العازفين الآخرين، وعندما يجتمعون تكون وظيفة قائد الأوركسترا بأن يوحّد وينسّق بينهم من حيث علو الصوت وانخفاضه أثناء العزف، إذاً هذا الانضباط مع الإصغاء للقائد يجعل الجميع على دراية متى يُبطئون أو يستعجلون بالعزف. وبقي أن أذكر بأن إمكانية أن يُخطئ العازف واردة، ولكن لا يمكن ولا يجوز لقائد الأوركسترا بأن يُخطئ.

من خبرتكم الطويلة أريد تقييماً للعازفين السوريين؟

في عام2011جئت إلى سورية وقمت بقيادة الفرقة الوطنية السيمفونية، لقد كانت كبيرة ومتكاملة، وتضم خبراء روساً، وباعتبارنا نعزف موسيقا كلاسيكية بالدرجة الأولى، فلقد أغنى وجود عازفين ولدوا على هذا الطقس الموسيقي، ومنح الأوركسترا ما يمكنني تسميته (بالخميرة) من حيث التقديم والاستقرارية والطمأنينة، بمعنى آخر نحن حتى لو بذلنا جهدنا بالدراسة والتمارين لن نكون مثلهم، كونهم يعيشوا كما أشرت بطقس موسيقي لا يشوش أو يشوّه سمعهم أنماط موسيقية أخرى، كما يحصل معنا، فإذا كان بين العازفين السوريين ثلاثة والرابع خبير أجنبي فلن يكون هناك خطأ بالتقديم، ولكن بمفردهم فهم محتاجون إلى التمرين الجاد ولساعات طويلة. وبالعودة إلى تجربتي في عام2011، للأمانة أُحبطت خلال البروفة الأولى، ولكن بعد الثانية والثالثة، الأمور اختلفت ولمست التجاوب معهم. إذا ما أشدد عليه أن العازف السوري عازف ملتزم ولديه التصميم وهو يحتاج إلى التمرين بشكل دائم، كونه قادراً على العطاء والإبداع، كما أنني لمست بالعازفين الحاليين روح التحدي بتقديم الأفضل للجمهور، وهم تجاوبوا مع ملاحظاتي وأفكاري، الأمر الذي أسعدني جداً، لأن موضوع التجاوب مع قائد الأوركسترا في الأوركسترات العالمية شائك قليلاً، وخصوصاً عندما يعتادون العزف مع قائد معين، فعندما يأتي آخر يكون الأمر صعباً ولا يحصل الحالي منهم على التجاوب المطلوب، ولكن هذا الأمر لم أتعثر به مع الفرقة الوطنية السورية. وهنا لابد لي من أن أشكر المايسترو ميساك باغبودريان على همّته ونشاطه، كونه ملتزماً بتمرين العازفين الذين هم مستقبلنا الموسيقي الواعد.

قلت قبل قليل: «بأن الموسيقي يمارس هوايته ويتلقى أجراً على ذلك». اليوم ما الرسالة التي توجهها للجهات المختصة من أجل تأمين وحفظ حقوق الموسيقي السوري؟
على السلطات المختصة أن تكون ساعية وجادة من حيث أجور الموسيقيين، كي يتمكنوا من التفرّغ لإبداعهم، وعلى الصعيد السوري من الأهمية بمكان أن نشير بأن الحرب على سورية جعلت المعيشة فيها غالية جداً، الأمر الذي يتطلب من الموسيقي أن يعمل إلى جانب الموسيقا أعمالاً أخرى ليؤمن متطلباته. وهنا الإشارة ضرورية، ففي مدينة برلين الألمانية عازف الكمان الأول راتبه أعلى من راتب محافظ المدينة، والأخير لا يزعجه الأمر من جهتين، الأولى:انتخابه سنوي، ومن جهة ثانية نظرة المجتمع هناك مختلفة، فهم يقدّرون أهمية الموسيقا وضرورتها في الحياة والمجتمعات والثقافة.

سبق وأسهمت في كتابة الموسيقا التصويرية للعديد من الأعمال الفنية السورية، منها«يوميات مجنون» لفواز الساجر، وفيلم «أبطال يولدون مرتين» لصلاح الدهني لنقف هنا قليلاً ونتحدث عن أهمية الموسيقا التصويرية وتعزيزها في تمتين الذائقة البصرية للمشاهد.
في مجال الموسيقا التصويرية، الوحدة مطلوبة ما بين الصورة والموسيقا، فعندما نرى مشهداً مؤثراً وترافقه الموسيقا المناسبة، هنا سيزداد عمق المشهد، وخاصة أن السينما السورية تطورت بشكل، هذا إضافة إلى أهمية الدراما السورية ومكانتها، بالإضافة إلى الاستعانة بموسيقا فلكلورية في المسلسلات، وأنا استفدت كثيراً عندما عملت مع صلاح الدهني (أبطال يولدون مرتين) وكان شَرطي بدلاً من الأجر بأن نسجل العمل في ألمانيا مع أوركسترا سيمفونية ونجحت بالأمر.

في العائلة والأولاد… نقلت عشق الموسيقا لأولادك، (نورا) التي زارت معك سورية من قبل.. لماذا لم تأت لتعزف معك في عيدك الثمانين؟
كان من المفروض أن تأتي(نورا) معي وأن تعزف بهذه المناسبة، وبالفعل كانت رافقتي بعام 2011 رغم خوف والدتها، لكنني طلبت من والدتها أن تطمئن، وعزفت(نورا) وسط الموسيقيين. في الوقت الحالي لديها ارتباط بالأوبرا بألمانيا حال دون مرافقتها لي، إضافة لضرورة بقائها إلى جانب والدتها، ولكن إن شاء اللـه في العام القادم ستكون بينكم وستشارك بالعزف مع الفرقة الوطنية السورية.

خلال الأزمة السورية كيف كان وقع أخبار البلد على مسمعك وأنت في بلد الاغتراب، وكيف كنت تواجه المحيط بما يدور في بلدك؟
أنا ابن سورية وما دار بها أوجعني جداً، ومن بين المآسي أذكر هنا الآثار، فأنا أعشقها، ومدينة تدمر من بين المدن التي أزورها بشكل دائم، ومرة من المرات جئت مع مجموعة من الألمان. وصدقاً عندما شاهدت ما حصل بها من تدمير وتخريب بكيت بحرقة كبيرة، ولحّنت مقطوعة معظم صورها من تدمر. وما أحب أن أشير إليه بأن الغرب اليوم يتجه نحونا مدركاً الحقائق الدائرة في بلدنا، كما أن المستقبل سيكشف للكثيرين من تظاهروا في البداية نُصرة للربيع العربي، لأنه بنظرهم هو الطريق الصحيح إلى الديمقراطية، هؤلاء أيقنوا الخطأ ولكن وللأسف متأخراً آمل أن تزول كل الأوجاع عن سورية وأنا متفائل بالسنين القادمة، لكن العقبة صُنّاع السلاح وتُجّاره في الشرق الأوسط، الذين يُهمهم أن تبقى الحروب ناشبة، وكوني متفائلاً بالسلام سأنهي حفلة يوم الخميس بدار الأوبرا، بأنشودة (السلام)، انطلاقاً من السؤال الذي سألوني إياه في ألمانيا «ما الطريق للسلام؟»، فأجبت: «لا يوجد طريق للسلام.. السلام هو الطريق».

ولكن ماذا عن النقاشات مع محيطك من الألمان حول ما يدور بالبلد، هذا الأمر لابد أنكم تعرضتم له بمكان أو بآخر، وكيف كانت ردودك عليه كونك الابن العاشق لسورية ولم تنقطع عن زيارتها حتى خلال الأزمة؟
يجب علينا التمييز بين الرأي الحكومي الذي قررته أميركا والـ(سي آي إيه)، وبين رأي الشعب الذي يسمع فقط أخباراً موجّهة، ولكن أغلبية الشعب نظرتهم بدأت تتغير حول الإسرائيليين وما يفعلونه بالفلسطينيين، وكما أن تعاطفهم مع من سمّوا أنفسهم ثواراً سوريين تغيّر، وخاصة بعد ما شاهدوا التخريب والتدمير والتنكيل الذي حصل والذي لم يوفر لا بشراً ولا حتى أي أثر. إذاً الجهة الشعبية عندما يتناقش المرء معهم ويُطلعهم على الصور وما لديه من معلومات، يلقى تجاوباً سريعاً وقوياً، بعكس الحكومات المرتبطة بأحلاف معينة لا يمكنها أن تنحاز عما خططت له أميركا، الأخيرة التي تدّعي الديمقراطية والحرية، بمعنى أنها تسمح بالتظاهر ولكنها لا تفعل إلا ما تريد، فعن أي حرية وديمقراطية ينادون لشعوبنا؟

ولدت في الحسكة، عام 1939هل لديك ذكريات في هذه المدينة السورية، وما انطباعك عما يدور هناك؟
للأسف ليس لدّي في الحسكة ذكريات، وهذا بحكم عمل والدي كقاضٍ، ولقد غادرناها وأنا بعمر السنتين تقريباً، وبالنسبة للشق الثاني من السؤال أزعجني الاحتيال الأميركي كيف سلّح الأكراد وساعدهم ومن ثم اليوم تخلّى عنهم بعد أن حصل على مآربه، وتركهم لقمة سائغة في فم القوات التركية، وهذه الضريبة التي دفعها الشعب البسيط لأنه صدّق أميركا والـ(سي آي إيه). وهذا درس وعليهم أن يعودوا للصواب الصحيح، وإلى سورية بلدهم، ولا يجوز أن ينسلخوا عنه.

السؤال الأخير… كيف تقضي أوقاتك، وماذا ستقدم بالمستقبل من أعمال؟
أقضي أوقاتي بممارسة رياضة اليوغا والسباحة صباحاً، كما أتناول أغذية صحية، وأحب العمل والتواجد مع الشباب كي أكسب منهم الطاقة والنشاط والسعادة مع المرح، أما بالنسبة لأعمالي القادمة أحب أولاً أن أشير إلى نقطة مهمة وهي بأنّ ألحاني في ألمانيا ناجحة وهي مميزة عن غيرها لأن فيها روح الشرق ونَفس بلدي. وأما عن الجديد فسأقوم بتلحين لحن خاص بالانتصار السوري، كما سألحن لحناً خاصاً بالشهداء الذي غادرونا بالأزمة، وأذكر هنا الشهيدة لمى فلوح التي كانت تعمل بدار الأسد والتي تأثرت كثيراً لرحيلها، إذاً سأكون أسعد إنسان عندما أقدمّ حفلاً بمناسبة الانتصار السوري، وأيضاً بخصوص الأعمال أختم هنا بأنني سأهتم بالناحية الغنائية بعد أن ركزت طويلاً على الناحية الأوركسترالية، وأشير إلى أن الأصوات السورية في منطقة الجنوب مميزة جداً ورائعة والأعمال القادمة ستكون غنائية وبدراسة عن جمالها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن