قضايا وآراء

«رؤية وطنية» لإنهاء الانقسام الفلسطيني

| نعيم إبراهيم

قدمت 8 فصائل فلسطينية، في بداية النصف الثاني من شهر أيلول الماضي «رؤية وطنية» لتحقيق الوحدة وإنهاء الانقسام، استنادًا لاتفاقيات المصالحة الوطنية السابقة في القاهرة وبيروت، وتقاطعاً مع الجهود المصرية لتحقيق المصالحة.
الفصائل هي: حركة الجهاد الإسلامي، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، منظمة «الصاعقة»، الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، حزب الشعب، المبادرة الوطنية، وحزب «فدا».
وقبل محاولة سبر غور بنود «الرؤية الجديدة» لا بد من تأكيد أن الشعب الفلسطيني يريد حواراً جاداً بين قواه وفصائله، وليس حوار طرشان، بل حوار عملي وفعلي على الطاولة وعلى الأرض، يخرج بنتائج ملزمة للجميع وطنياً وليس فئوياً أو حزبياً بعيداً عن الارتباطات التي تؤثر على المشروع الوطني الفلسطيني وهو الأمر الذي أكده كثير من القوى والفصائل والقيادات والشخصيات الوطنية الفلسطينية.
الفصائل السابقة طرحت رؤيتها لتحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام وتضمنت:
أولاً: اعتبار اتفاقيات المصالحة الوطنية الموقعة من الفصائل أعوام 2005-2011-2017 في القاهرة واللجنة التحضيرية في بيروت 2017، مرجعاً لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنية.
ثانياً: عقد اجتماع لجنة تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية «الأمناء العامين» خلال شهر تشرين الأول في القاهرة بحضور الرئيس محمود عباس، وتكون مهام هذا الاجتماع الاتفاق على رؤية وبرنامج وإستراتيجية وطنية نضالية مشتركة، والاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية، والرقابة على عملها إلى حين إجراء الانتخابات، ومهمتها توحيد المؤسسات الفلسطينية وكسر الحصار عن قطاع غزة وتعزيز مقومات الصمود لشعبنا في الضفة لمواجهة الاستيطان والتهويد، وتسهيل إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية تحت إشراف لجنة الانتخابات المركزية.
ثالثاً: تُعتبر المرحلة من تشرين الأول 2019 وحتى تموز 2020 مرحلة انتقالية لتحقيق الوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام، يتخللها تهيئة المناخات الإيجابية على الأرض بما فيها وقف التصريحات الإعلامية التوتيرية من جميع الأطراف، والعودة عن كل الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الفلسطينية ومست حياة المواطنين، ووقف كل أشكال الاعتقال السياسي للمناضلين كافة.
رابعاً: الجدول الزمني للمرحلة الانتقالية: عقد اجتماع لجنة تفعيل وتطوير المنظمة «الأمناء العامين» خلال شهر تشرين الأول على أن تضع على جدول أعمالها تنفيذ الأمور التالية: 1- الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية انتقالية بما لا يتجاوز نهاية عام 2019، وآليات تسلمها مهامها والفترة الزمنية.
2- توحيد القوانين الانتخابية للمؤسسات الوطنية الفلسطينية.
3- استئناف اجتماعات اللجنة التحضيرية للبدء بالتحضير لإجراء انتخابات المجلس الوطني الفلسطيني وفق قانون التمثيل النسبي الكامل فور انتهاء اجتماع لجنة تفعيل المنظمة، والتوافق في المناطق التي يتعذر إجراء الانتخابات فيها.
4- إجراء الانتخابات الشاملة «التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني» في منتصف 2020.
كما هو واضح فإن «الرؤية الجديدة» متضمنة جدولاً زمنياً للبدء في إنجاز الاتفاق، وذلك تقاطعاً مع جهود الإخوة في مصر، الذين أكدوا أنهم سيستأنفون جهود المصالحة خلال الأسابيع المقبلة حسب مصادر فلسطينية.
المأمول فلسطينياً هو أن تُشكّل «الرؤية الوطنية» الصادرة عن الفصائل المذكورة التي يتم نقاشها في الأوساط الفلسطينية ضمن حركة فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية وحركة حماس، وغيرها، وكذلك لدى الحكومة المصرية وربما أطراف عربية وإقليمية أخرى، نقطة ارتكاز تساهم في وضع حد للانقسام.
المطلوب تحقيق «أوسع حالة التفاف شعبي وفصائلي ومؤسساتي مع هذه الرؤية، كخطوة مهمة على طريق إنجاز المصالحة وإنهاء الانقسام إلى الأبد»، فالوحدة الوطنية الفلسطينية «ضرورية من أجل إعادة ترتيب البيت الفلسطيني، وصوغ الإستراتيجية الوطنية لمواجهة الاحتلال الصهيوني، والمخططات التصفوية التي تستهدف القضية الوطنية الفلسطينية».
لن نعود إلى سنوات التشظي والانقسام السياسي المستمرين في الساحة الفلسطينية منذ العام 1965 من القرن الماضي اللذين تكرسا وتجذرا منذ عام 2007 بعد ظهور «الإسلام السياسي» في الساحة الفلسطينية ولم يفلح العديد من الوساطات والاتفاقيات في إنهائهما، بل على العكس من ذلك تماماً حيث نزفت دماء فلسطينية بأيد وسلاح فلسطينيين في عدد من أماكن وجود الفلسطينيين داخل وخارج فلسطين المحتلة، والتهم المتبادلة كانت حاضرة دائماً.
السؤال الآن: هل يمكن تبني هذه الرؤية الوطنية كبوابة ومدخل لمواجهة المؤامرات و«صفقة القرن» ومعالجة القضايا الوطنية؟
هذا يتطلب جهوداً صادقة وتحديد مواعيد ومواقيت محددة حتى لا يذهب ما يتم الاتفاق حوله إلى الأدراج كسابقاته.
وإلى أن يحين موعد تنفيذ ما سلف، هذه دعوة لتنشيط الذاكرة: الإعلان عن الدولة الفلسطينية وشكل الحكم فيها وكل ما يتصل بذلك، متروك لما بعد تحرير فلسطين كل فلسطين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن