على طاولة المرصد العمالي ورشة عمل لتنظيم قطاع التدريب وأثره في سوق العمل … القادري: الاقتصاديون لم يجزموا لنا هل لدينا نقص بسوق العمل أو بطالة؟ .. صابوني: مقتل تطوير سوق العمل هو في نظرتنا إلى القطاع العام الاقتصادي على أنه جزء من الوظيفة العامة
| محمود الصالح
أكد رئيس الاتحاد العام لنقابات العمال جمال القادري خلال افتتاح ورشة العمل التي يقيمها المرصد العمالي حول تنظيم قطاع التدريب وأثره على سوق العمل أن إطلاق عملية التنمية بالزخم الذي يمكن من الوصول إلى نتيجة في مرحلة ما بعد الحرب يحتاج أمرين أساسيين: الأول يحتاج إلى مؤسسات ديناميكية فاعلة تستطيع أن تخطط وتنفذ وتقوم بعملية التنمية في سورية ما بعد الحرب، كما يحتاج أيضاً إلى عنصر بشري وموارد بشرية قادرة ومتمكنة في كل مجالات العمل، لافتاً إلى أن هذه المسألة هي جهد حكومي نستطيع أن نقدم فيه ما يتعلق بفاعلية المؤسسات وتكاملها ونستطيع أن نقدم فيه المقترحات والأفكار وأوراق العمل.
وأشار رئيس الاتحاد إلى وجود اختلالات عدة في سوق العمل، والاقتصاديون في سورية إلى الآن لم يستطيعوا أن يجزموا هل لدينا نقص في العمالة أو لدينا بطالة، وهناك خطاب نسمعه اليوم بعد تسع سنوات حرب وبعد نزوح مئات الآلاف من الشباب تحت وقع الحرب التي واجهتها سورية وانشغال جزء كبير من جيل الشباب في مواجهة العدوان والالتحاق بخدمة العلم أو الخدمة الاحتياطية، يشابه خطاب ما قبل الأزمة عن واقع القوى العاملة في سورية، منوهاً بوجود متغيرات كثيرة طرأت على القوى العاملة أدت إلى تعميق الاختلال أو تغيير شكل الاختلال في سوق العمل، مشيراً إلى أنه قبل الأزمة كان هناك بطالة بمعدلات مرتفعة واليوم الوضع مختلف قد تكون البطالة قطاعية أو قد تكون احتكاكية وهنا يأتي دور التدريب وأهميته في إعادة تأهيل القوى العاملة وإعادة تأهيل الكوادر البشرية ورفع كفاءتها لتهيئتها للعمل في المجالات التي يحتاجها سوق العمل وهذا أكبر تحد يواجه سورية في سوق العمل.
وتوزعت ورشة العمل إلى أربع جلسات عمل: الأولى كانت بعنوان تنمية الكوادر البشرية وأثرها في التشغيل وفرص العمل والثانية كانت بعنوان التدريب الوظيفي والمهني وأثره في سوق العمل، والثالثة ناقشت التدريب الإداري والإستراتيجي وأثره في مستقبل بيئة الأعمال في سورية، والجلسة الرابعة ناقشت موضوع التأهيل والتدريب في إطار المبادرات المجتمعية والمنظمات غير الحكومية.
وشهدت ورشة العمل نقاشاً تفاعلياً بين الحضور ساهم في توسيع مروحة الفائدة المعرفية، وتم تأكيد عدم وجود ميزانيات لدى الجهات العامة والخاصة لمسألة التأهيل والتدريب لترميم النقص الكبير في عملية التدريب للكوادر، وتساءل البعض عما إذا كانت هناك خطة حكومية لإعادة الهيكلة للوزارات، وعن أسباب عدم ارتباط مخرجات التعليم العالي بسوق العمل.
معاون وزير التعليم العالي رياض طيفور أكد ضرورة الفصل بين التدريب والتعليم وإعطاء التعليم الفني والتقني ما يستحق من الاهتمام، مضيفاً: لن نصل إلى الطريق الصحيح ما لم نبدأ بوضع خططنا من سوق العمل الذي يعاني عدم التنظيم والتشوه، كاشفاً عن أنه لا يوجد لدى وزارة التعليم العالي أي معلومات أو معطيات عن سوق العمل، لأنه حتى الآن لا يوجد توصيف حقيقي لسوق العمل، كما أنه لا يوجد تنسيق حقيقي لسوق العمل، ويتم وضع خطة القبول الجامعي بناء على عدد المتقدمين وعلى حساب نسب معينة من دون الأخذ بالحسبان موضوع سوق العمل.
البعض من المشاركين طلب إشراك الطلاب في تحديد خياراتهم في التعليم والاستماع لأوجاع الطلاب في التعليم التقني، ورفع مدة الدراسة في المعاهد التقانية إلى أربع سنوات وتحويل المعاهد إلى مراكز تدريب حقيقية.
علي خضر طلب الاستفادة من الأعمال البحثية التي ينجزها الباحثون، مضيفاً: لأننا منذ عام 1960 ونحن ندعو لربط الجامعة بالمجتمع من دون أي نتيجة، للأسف خلال الفترة الماضية كان التركيز على الجانب المادي وإهمال الجانب البشري.
علي كنعان تساءل أمام الحضور عن سبب إخفاق السوري داخل بلده ونجاحه بشكل مبهر في الخارج؟ واصفا الاقتصاد السوري أنه يعاني ثلاثة كوابح الأول والثاني في القطاع العام يرتبطان بالقانون رقم 2 الذي ينظم عمل الشركات في القطاع العام وهذا القانون جامد والسبب الثالث هو التعيينات التي لا تتناسب مع آلية العمل، أما في القطاع الخاص فهناك كابح للنمو والتطور وهو «الحجي» لأن من نأتي به للعمل في هذا القطاع يجب أن يعمل كما يريد « الحجي». ورأى أن الحل بإعادة الحياة إلى الشركات المساهمة التي كانت في خمسينيات القرن الماضي 155 شركة مساهمة في سورية، أما الآن فعددها لا يتجاوز 27 شركة.
رئيس هيئة التخطيط والتعاون الدولي عماد الصابوني رد على الطروحات مؤكداً صحة موضوع قلة الاعتمادات للتدريب في الموازنات، مشيراً إلى وجود توجه لزيادتها في التدريب التقني التخصصي والبحث العلمي، وأقر بعدم تنظيم سوق العمل وعدم ربطه بالاحتياجات المقاربة، ودعا إلى ضرورة تطوير المناهج التعليمية لتستجيب لحاجة المجتمع، مضيفاً: إن مقتل تطوير سوق العمل هو في نظرتنا إلى القطاع العام الاقتصادي على أنه جزء من الوظيفة العامة، وعلى المؤسسات التي تعمل في التأهيل والتدريب القيام بدورها لأنها في الوقت الحالي لا تقوم به كما يجب.
مدير هيئة البحث العلمي مجد الجمالي طلب التفريق بين التعليم والبحث العلمي، مؤكداً عدم امتلاك أي موارد لصرفها على دراسات استشرافية جديدة، لأننا لا نستطيع أن نجاري البحث العلمي والصرف على بحوث علمية غير تطبيقية، مضيفاً: إن سبب فشلنا المستمر أننا مازلنا نعيد الأفكار نفسها بسبب الأنا السورية «المتورمة» التي أصبحت شبه فضيحة. وما نحصل عليه من الدول الأوروبية لقاء البحث العلمي يأتي ليمنح للمدربين الذين ترسلهم هذه الدول من دون أن نستفيد منه كسوريين أي شيء. مشيراً إلى أن أحد المبادئ الخاطئة هو مبدأ المكافأة، لأن الصحيح أن من يعمل يجب أن يأخذ أجراً أو تعويضاً وليس مكافأة، لأنه لا يوجد شيء اسمه كرم أخلاق في هذا الجانب.