قضايا وآراء

أميركا و«داعش»

| رزوق الغاوي

في إطار سياسة الكذب الأميركي المعهودة والرامية دوماً إلى تزييف الحقائق وتضليل الرأي العام، تتأكد يوماً بعد يوم حقيقة الكذبة الأميركية الزاعمة بأنه تم القضاء على تنظيم «داعش» الإرهابي، وأن الانسحاب الأميركي من الأراضي السورية يتم على هذا الأساس، ويبدو مفيداً التذكير بما سبق أن أعلنه رئيس القيادة المركزية الأميركية الجنرال جوزيف فوتيل، محذراً من التهديدات التي يمثلها تنظيم «داعش» بما يمتلكه من عتاد وأسلحة وقادة ومقاتلين ووسطاء وموارد مما يعزز قدراته على مواصلة القتال.
وبالتزامن مع تصريحات الجنرال الأميركي في حينها، أصدرت لجنة مراقبة داخلية في البنتاغون الأميركي تقريراً أشارت فيه إلى أن تنظيم «داعش» الإرهابي لا يزال تنظيماً مسلحاً نشطاً، ويستعيد قدراته في سورية والعراق، في وقت أكد فيه المفتش العام في البنتاغون، أنه في ظل غياب الضغط المستمر عليه، فإنه سيعاود نهوضه في الشرق السوري، في حين لفت تقرير البنتاغون إلى أن التنظيم الإرهابي يقوم بإحياء خلايا جديدة وتثبيت وجوده وتوسيع إطاره في بعض مناطق الشرق السوري والغرب العراقي.
مما تقدم يمكن القول إن ثمة عملية أميركية جادة لاستنهاض وإحياء «داعش» لتكليفه بمهمة جديدة تمهيداً لممارسة مزيد من الضغوط على سورية في إطار سيناريو أميركي جديد يتم تنفيذه من خلال وظيفة جديدة ستعهد للتنظيم الإرهابي الذي لا تزال لديه إمكانية القيام بتلك الوظيفة المستحدثة أميركياً وخاصة في ضوء الأموال الضخمة والأسلحة الحديثة التي لا تزال موجودة بحوزته، والتي سبق للتنظيم أن نقلها إبان انسحابه من الرقة إلى أماكن أخرى تحت سمع وبصر القوات الأميركية التي أفسحت المجال لهم ليذهبوا إلى مناطق متفرقة، قدمت للتنظيم المساعدات اللوجستية والتسهيلات الكفيلة بإعادة انتشاره في منطقة الشرق السوري وتموضعه بانتظار الأمر الأميركي.
في ضوء الواقع الراهن ولاسيما بعد تقدم الجيش العربي السوري في بعض مناطق الجزيرة السورية، تبدو الإضاءة ضرورية على قيام تنظيم «داعش» بتنفيذ بعض العمليات الإرهابية في مناطق متفرقة من محافظتي الحسكة والرقة، بعد تمكنه من تجنيد عناصر جديدة في صفوفه، تُضاف إلى وجود نحو عشرة آلاف إرهابي معظمهم من الأجانب.
لاشك في أن خروج دفعة جديدة من مسلحي «داعش» المحاصرين في الجيب الأخير للتنظيم متجهة في عشرات الشاحنات باتجاه حقل العمر النفطي، يثير الكثير من الهواجس والاستفسارات والتساؤلات حول ما تردد عن صفقات وتفاهمات مشبوهة توصل إليها «داعش» مع التحالف الدولي و«قسد» تشي بأن ثمة مخططاً تنوي واشنطن تنفيذه في الشرق السوري بالاتفاق مع سلطنة أردوغان العثمانية لقضم مساحة كبيرة من الأرض السورية في إطار الأطماع التركية الموروثة من العهود العثمانية، ما يستدعي اتخاذ جانب الحيطة والحذر ومواجهة هذا التنظيم الإرهابي وخاصة المقيمين منهم في مخيم الهول في محافظة الحسكة، وطردهم إلى خارج الحدود والحيلولة دون نجاح جميع السيناريوهات المشبوهة التي توضع في دهاليز الاستخبارات الغربية والصهيونية والخليجية ضد سورية خاصة وضد المنطقة برمتها بوجه عام.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن