ثقافة وفن

سباق مع الزمن

| د. إسكندر لوقــا

في اعتقاد البعض منا أن حكاية الأرنب والسلحفاة المعروفة والتي قرأنا تفاصيلها في المدرسة ونحن صغار، حكاية تتصل بالماضي ولم تعد تعني شيئاً في الزمن الحالي، وذلك من منطلق ما تم تحقيقه من إنجازات خلال العقود الماضية سواء على المستوى الداخلي أم على المستوى الخارجي، ومن ثم لا حاجة للسباق مع الزمن وإتعاب النفس وقد خُط على جبين المرء ما له وما عليه، ولم يعد هناك مسوغ للسرعة!
مع هذا لا يملك أحدنا غير أن يتساءل، ماذا عن تداعيات الحكاية ومعناها في وقتنا الحالي؟ ويتساءل، هل فقدت الحكاية تأثيرها علينا مع مرور الزمن من حيث المبدأ؟ ويتابع محدثاً نفسه: إن من يختار دور الأرنب في حياته مفضلاً النوم بحجة ميزته في القفز وصولاً إلى نقطة النهاية المتفق عليها قبل السلحفاة البطيئة الحركة، لا بد أن يقطف ثمرة اعتماده في هذه الحالة على الحظ، على الحظ فقط، في سياق الزمن الذي يمضي تاركاً خلفه النيام فقط!
وفي عالمنا اليوم، تأخذ هذه الحكاية معناها على أرض الواقع، بين العرب أو بعض العرب النيام، وبين الغرب الذي يعي قيمة الوقت لا الجهد وحده، وصولاً إلى الهدف المنشود علماً وأدباً وفناً، وذلك على نحو القول بأنك إذا لم تتقدم سابقيك أضعت فرصة اللحاق بالركب وقد لا تتكرر. والفرص أمامنا، نحن العرب، كثيراً ما نفقد الإفادة منها قبل فواتها، لأننا ما زلنا نؤمن بأننا نرى ما هو مكتوب على جبيننا مع احترامنا لهذه المعادلة التي قد تصلح في مكان وزمن ولا تصلح في مكان وزمن، وخصوصاً في سياق السباق مع الزمن.
وكما تنطبق هذه المعادلة على الدول، كذلك تنطبق على المجتمعات كما على الأفراد لأن الزمن لم يعد ينتظر النيام حتى يحين وقت يقظتهم، ومفيد أخذ العبرة من الأرنب الذي أراد أن يأخذ قسطاً من الراحة فنام ولكن خسر الرهان، على حين السلحفاة بقيت تمضي إلى نهاية السباق وهي تدرك أن سرعتها لا تعادل سرعة الأرنب ولكنها ربحت الرهان في نهاية المطاف.
نحن العرب، أو بعض العرب، ما زلنا ننسى أن التاريخ لا يسامح الذين يقصرون بحق أنفسهم وخصوصاً الذين كانوا صغاراً في مدارسهم وقرؤوا حكاية لا تزال تحتفظ بمعناها وبقيمتها التاريخية في زمن السباق مع الزمن.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن