اقتصادالأخبار البارزة

نائب يسأل: هل هناك فشل في الاقتصاد؟.. وآخر ينتقد: بعض عبارات الموازنة مكررة من 2012 … وزير المالية يجيب على أسئلة النواب: في حال زيادة الرواتب عام 2020 ستتم من الوفورات.. ولم تجر العادة أن ترصد الزيادة في الموازنة

| محمد منار حميجو

استأنف مجلس الشعب أمس النقاشات المتعلقة بالبيان المالي للحكومة حول مشروع موازنة 2020، التي بدأت أمس الأول، والتي اتسمت بلغة نقدية واضحة، حتى إن بعض النواب وصفوا بنوداً محددة في الموازنة بأنها منفصلة عن الواقع، وأثبتت الاتساع الكبير بين الأجور ومستوى المعيشة، إضافة إلى التطرق ثانية إلى موضوع زيادة الرواتب.
ووافق المجلس على إحالة مشروع الموازنة إلى لجنة الموازنة والحسابات، لبحث تفاصيلها مع كل وزارة فيما يخصها من الموازنة، على أن تبدأ اجتماعاتها اعتباراً من اليوم.

وفي تفاصيل المداخلات اعتبر النائب محمد رعد أن بعض بنود مشروع الموازنة منفصلة عن الواقع ولا تعبر عن واقعنا على الإطلاق، موضحاً أن هناك مثالين لذلك، الأول حينما يتم الطلب من الحكومة تحسين معيشة المواطنين يكون جوابها «نركز على تحريك الإنتاج وتنشيط الحركة الاقتصادية» وبالتالي فإن تنشيط الاقتصاد يجب أن ينعكس بالإيرادات على قطاع الدولة.
وأضاف رعد: الإيرادات بدأت تتصاعد بشكل طردي منذ عام 2014 بمعدل 200 مليار ليرة سورية، وفي العام الحالي ارتفعت إلى 500 مليار لكن المفاجأة الكبيرة أنه في العام القادم انخفضت إلى 400 مليار من 2936 إلى 1545 مليار ليرة، متسائلاً: هل هناك مشكلة في الاقتصاد؟ أم هناك فشل اقتصادي محدد؟ أم هل استبدلنا مؤشرات التعافي التي ترددها الحكومة بمؤشرات الانتكاس؟
وأشار رعد إلى أن المثال الثاني الذي يدل على انفصال بعض بنود المشروع عن الواقع أنه في عام 2016 تمت مناقشة أول موازنة في بداية الدور التشريعي الثاني للمجلس، وكان المبلغ الموضوع لدعم الدقيق التمويني 398 مليار ليرة، وتم الاعتراض آنذاك عن هذا الرقم بأنه وهمي، إلا أن الحكومة أصرّت على أنه حقيقي رغم أن هناك العديد من المناطق في ذلك التاريخ كانت خارجة عن السيطرة، ولم يكن يتم تزويدها بالدقيق.
وأوضح أنه من الملاحظ أن الجيش العربي السوري كلما استرجع مناطق خفّت قيمة دعم الدقيق التمويني، ففي العام الماضي انخفض الدعم إلى 375 مليار ليرة، وفي العام الحالي انخفض إلى 361 مليار ليرة، في حين في العام القادم قيمة الدعم 337 ملياراً، وهنا السؤال: إما أن رقم الدعم في عام 2016 كان وهمياً، أو تقذف هذه الأرقام من دون دراسة؟
ورد رئيس المجلس على مداخلة رعد حول الدعم بقوله: الدولة لم تتراجع عن دورها في تقديم الدعم للمواطنين ولو كانت هناك مناطق خارج السيطرة، فاستمرت بالدعم لكل أبنائها المواطنين ولم تتوقف عن دورها في أي منطقة من المناطق السورية.

استهتار في الأرقام
رأى النائب ماهر موقع أن هناك استهتاراً في التدقيق بأرقام مشروع الموازنة، معتبراً أنه مؤشر ليس سليماً، فوجود الأخطاء يشير إلى أن هناك عدم جدية من القائمين على مشروع بهذه الأهمية والجدية، وإرساله إلى مجلس الشعب، متسائلاً: من هي الجهة المسؤولة عن التدقيق في المشروع، وخصوصاً أن وجود هذه الأخطاء ليس للمرة الأولى، بل كانت أيضاً في العام الماضي؟
وفي مداخلة له تحت القبة، اعتبر موقع أن مشروع القانون أشار إلى اتساع الفجوة بين الأجور والأسعار، من دون أن يذكر الإجراءات التي يجب أن يتم اتخاذها لردمها، مشيراً إلى أنه حينما كانت هناك مطالبات خلال جلسات المجلس للحكومة من أجل زيادة الرواتب أثناء حضور الحكومة كان جوابها أنها تسعى بجهود حثيثة إلى تسريع عملية الإنتاج وتثبيت الأسعار، والحفاظ على استقرار سعر الصرف، متسائلاً: في ظل عدم استقرار أسعار الصرف ما هي الإجراءات المنصوص عليها في المشروع لردم الفجوة؟
وأكد زميله بطرس مرجانة أن الكلام الإنشائي لا يتوافق مع الأرقام الموجودة بل هناك تناقض في ذلك، وتساءل: هل الموازنة مدروسة بشكل يتطابق مع خطة الدولة للقيام بمهامها العام القادم؟
وأشار النائب علي الصطوف إلى القفزة المرعبة في عجز الموازنة، وسأل عن الخطط الموجودة لدى الحكومة لمعالجته لأنه دليل على حالة غير صحية.
وأضاف الصطوف: من غير المعقول أن نجد أن هناك بعض الفقرات الإنشائية مكررة على الأقل من عام 2012، وعلى أرض الواقع حقيقة لم تنفذ، متسائلاً: ماذا قدمت الحكومة لدعم الزراعة ومنها زراعة الشوندر؟
وأشار إلى أن الحكومة تحدثت عن ضبط الأسواق، معتبراً أنها تحولت إلى أسواق حرة، وبالتالي لا يوجد رقابة من الحكومة عليها، وهذا هو الواقع، برأيه، وأضاف: ماذا اتخذت الحكومة من إجراءات لإيصال الدعم إلى مستحقيه؟
واعتبر الصطوف أن هناك تعطيلاً لمشروع الإصلاح الإداري رغم إطلاقه منذ سنتين، مضيفاً: أتهم الحكومة بذلك، ويجب تفعيله وإيصاله إلى الأهداف الذي وجد للوصول إليها.
وتساءل النائب نضال الشريطي عن جدية الحكومة بتحسين الوضع المعيشي للمواطن في ظل عدم لحظ أي زيادة في الرواتب والأجور، وتخفيض دعم المشتقات النفطية، مطالباً بتوضيح رؤية الحكومة في هذا الخصوص.
وشدد زميله ملول الحسين على أهمية زيادة الرواتب والأجور، مشيراً إلى أن الزيادة في العجز تعني زيادة في التضخم، وارتفاع معدلات البطالة، إضافة إلى تخفيض الحكومة الدعم على الدقيق التمويني، وتأثيره سلباً على الظروف المعيشية للمواطن، متمنياً تقديم الحكومة الدعم لذوي الدخل المحدود ضمن موازنتها.
وأشار النائب رفعت حسين إلى غلاء الأسعار وعدم وجود رقابة عليها مطالباً الحكومة بمتابعة الموضوع ومعالجته والاهتمام بشريحة العجزة وكبار السن الذين لا يتقاضون رواتب وإمكانية تأمين دخل لهم.

وزير المالية يردّ
وزير المالية مأمون حمدان ردّ على مداخلات النواب، وخاصة حول العجز في مشروع الموازنة، موضحاً أن هذا العجز ليس حقيقياً، بل تقديري، وهناك أساليب معينة لتقديره، مشيراً إلى أن العجز الحقيقي لا يمكن تقديره لأن معرفته تتم عبر قطع الحساب.
وأشار حمدان إلى أن قطع حساب موازنة العام 2014 حالياً في مجلس الشعب، ويتم حالياً إعداد قطع حساب موازنة 2015، موضحاً أن سدّ العجز سيتم وفق العديد من الإجراءات، أولها ترشيد الإنفاق، باعتبار أن الحكومة سوف تلزم نفسها بترشيد الإنفاق العام غير المنتج، والتركيز على ما يحقق دفع للعملية الإنتاجية.
وبين أنه من الإجراءات أيضاً زيادة التحصيلات الضريبية، من خلال مكافحة التهرب الضريبي، وتحقيق العدالة الضريبية، لأنه عندما يكون هناك عدالة، فسوف يلتزم المواطنون بسداد الضريبة وخاصة عندما تكون معقولة، ويتحملها الجميع، لا أن تتحملها فئة من دون أخرى.
ورأى حمدان أن النظام الضريبي كان يلائم ظروفاً معينة، وحالياً اختلفت الظروف، وتطور العلم في هذا المجال، كاشفاً عن أن مشروع القانون الخاص بالبيوع العقارية تمت الموافقة عليه من مجلس الوزراء، لكن تم التوجه لأن يتم تهيئة البنية التحتية المعلوماتية لذلك قبل إصدار القانون ليطبق مباشرة.
وكشف أنه تم بناء البنية الإلكترونية لهذا النظام فلم يعد هناك أشخاص يحددون الضريبة، ولا تحدد إلا من قبل مختصين، من دون أن يدخلوا إلى العقار، وبالتالي تم القضاء على الفساد في هذا المجال.
وأعلن حمدان أن ضريبة البيوع العقارية سوف تنخفض إلى 1 بالمئة بالنسبة للسكن و1.5 بالمئة بالنسبة للتجاري، وهذا سيؤدي إلى زيادة الحصيلة الضريبة وتحقيق العدالة في ذلك، كاشفاً عن أن العقارات أصبحت موجودة على النظام الجديد في الوزارة.
وفيما يتعلق بضريبة الدخل أكد حمدان أن الخبراء رأوا أنه يجب أن يكون هناك ضريبة على المبيعات، من الممكن أن تكون أقل من نصف بالمئة، وهي مسودة، لم ترق إلى مشروع القانون بعد، لافتاً إلى أن التفكير بالمواطنين هو في الدرجة الأولى.

وفيما يتعلق بموضوع زيادة الرواتب، أوضح حمدان أنه لم يسبق أن جرت العادة برصد اعتمادات في مشروع الموازنة العامة للدولة لتوقعات محتملة لزيادة الرواتب والأجور للعاملين في الدولة.
وأشار إلى أنه في حال تمت زيادة الرواتب والأجور للعاملين في الدولة في عام 2020 فإن هذه الزيادة تغطى من سائر وفورات أقسام وفروع الموازنة، وأن جميع الزيادات السابقة كانت تتم بالآلية نفسها، كما أن زيادة أسعار البنزين لا يمكن الاعتماد عليها ليصار إلى زيادة الرواتب، وإنما الاعتماد على تحقيق النمو الاقتصادي من خلال تفعيل عجلة الإنتاج الزراعي والصناعي.. وغيرها.

وفيما يتعلق بفرص العمل المنفذة خلال العام الحالي، بين حمدان أنه لا يوجد لدى الوزارة أي بيانات حول ذلك، على اعتبار أن كل وزارة معنية بإجراءات التعيين والتوظيف لديها في ضوء الملاكات والشواغر المتوفرة، ويقتصر دور وزارة المالية على رصد الاعتمادات المالية اللازمة لتلك الجهات لإملاء الشواغر، الأمر الذي يتطلب قيام تلك الجهات بتقديم بيانات إلى مجلس الشعب حول ما قامت به من توظيف وتشغيل خلال عام 2019.
وأرجع حمدان أسباب انخفاض الاعتمادات الجارية الإجمالي إلى انخفاض عجز شركة محروقات من 430 مليار ليرة، في العام الحالي إلى عجز مقدر بـ11 مليار ليرة، وهذا ما يفسر أيضاً انخفاض مبلغ الدعم الاجتماعي للمحروقات.
وأضاف: أما انخفاض الإيرادات الجارية في العام القادم، فيعود إلى عدم إدراج فروقات أسعار المشتقات النفطية والمقدرة بمبلغ 1054 مليار ليرة ضمن الإيرادات الجارية، وبقيت هذه الفروقات لدى شركة محروقات، خلافاً لما كان يتم في السنوات الماضية، وهو إجراء أكثر اقتصادية وعلمية، يتم اتخاذه بعد إجراء الدراسات اللازمة لذلك، وتقييم نتائج تطبيق البطاقة الذكية، ومن جهة أخرى تم تخفيض العبء على المصرف المركزي، وفي الوقت نفسه تأمين السيولة اللازمة لشركة محروقات مما يعطيها المرونة الأفضل في تأمين احتياجاتها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن