قضايا وآراء

التحالف الرباعي يحبط الأهداف الأميركية

باسمة حامد :

من الواضح أن الإجراءات الروسية الأخيرة في المنطقة كان لها الدور الأكبر في التحولات الدولية الجارية حيال الملف السوري، ويبدو أن الجميع بعد بروز أزمة اللاجئين وعلى وقع «الكفّ» الروسي المباغت بدأ يستفيق من سكرة «الربيع العربي»، ويتكيف مع مرحلة «بقاء الأسد» كأمر واقع لا مفرّ منه!!
وفي إطار هذا المشهد، لا بد من النظر إلى التحالف الرباعي الأمني بين موسكو وطهران ودمشق وبغداد انطلاقاً مما قاله الوزير المعلم قبل أيام:«موسكو ستقلب الطاولة على كل من تآمر على سورية»، فأهمية هذا التحالف تكمن في كونه:
1- يسقط تحالف واشنطن بالضربة القاضية ويعرّي أهدافه وذرائعه الواهية للتدخل في شؤون الدول الأخرى بعد مرور عام كامل على بدء الضربات الجوية الفاشلة التي لم تسهم بالقضاء على «داعش» بقدر مساهمتها بتمدده وانتشاره، وسيكشف وجود تعاون وثيق بينه وبين التنظيمات الإرهابية المتعددة لاستثمارها سياسياً.
2- سيساهم بإعادة الأمن والاستقرار إلى الشرق الأوسط مع مراعاة مصالح كل الدول بما فيها روسيا والصين القلقتين من احتمال ارتداد الإرهاب إليهما في حال عودة آلاف الإرهابيين الروس والشيشان والصينيين إلى بلادهم الأصلية.
3- سيعزل الأنظمة الرجعية مع تفاقم مشاكلها على خلفية إخفاق العدوان السعودي على اليمن والتداعيات المحتملة لكارثة مشعر منى، وخصوصاً أنها في كلتا الحالتين «واقعة» مع إيران التي تصرّ بدورها على مسألتين رئيسيتين: إقرار حقوق الحوثيين في اليمن، والقبول بإدارة إسلامية لمناسك الحج.
4- سيمنع المحاولات الأميركية المتكررة لتقسيم سورية والعراق، وباعتباره يتمتع بمميزات فعّالة مهمة يفتقدها تحالف واشنطن كالتبادل المعلوماتي والرؤية الموحدة ودقة تحديد الأهداف والإمكانات الاستخبارية الهائلة والاعتماد على قدرات القوات المسلحة السورية والعراقية.. فإن ذلك من شأنه أن يقلب الموازين لمصلحة أكثر الدول المعنية بالحرب على الإرهاب أي (سورية والعراق)، وخاصة أن الجهود المشتركة في هذا المجال تستند إلى الأحكام والمواثيق الدولية، وتتبلور وفق آليات تنسيق أمني يحترم السيادة الوطنية لكل دولة ولا يتعدى عليها كما يفعل الغرب حالياً في الأجواء السورية، ما يعني أن الإدارة الأميركية وحلفاءها بعد تفعيل هذا التحالف باتت ملزمة إما بالانسحاب من ساحة المعركة وإما التعاون الشرعي مع التحالف الجديد تفادياً لوقوع حوادث تصادم (الأمر يتطلب موافقة الحكومة السورية حتماً)، وهذه النقطة أشار إليها أكثر من مسؤول أميركي وغربي من بينهم المتحدث باسم البيت الأبيض /جوش إرنست/ والأمين العام لحلف شمال الأطلسي /ينس ستولتنبرغ/.
والأهم من كل ما سبق، أن تشكيل التحالف الرباعي سيضعف الكيان الصهيوني وأدواته مما يسمى «معارضة معتدلة»، وسيقوّي موقف محور المقاومة كطرف أساسي يحارب الإرهاب، وسيجعل التسوية السياسية في سورية أقرب من أي وقت مضى.
ومن أجل ذلك، تجري التحضيرات لعقد جنيف3 على قدم وساق بإشراف الأمم المتحدة وضمن تفاهم روسي أميركي وغربي، فسورية باتت محطّ أنظار العالم حالياً، ومؤشرات هذا التوجه أكثر مما تعد وتحصى، فوزير الخارجية الألماني لم «يتبرّع» للقيام «بوساطة بين الموالين والمعارضين» السوريين (كرم أخلاق)، والغربيون وأمينهم العام /بان كي مون/ لم يتراجعوا عن مطلب «تنحي» الرئيس إلا لأنهم (بصموا بالعشرة) على ضرورة تنفيذ المبادرة الروسية باعتبار الرئيس الأسد: «القائد الأعلى لقوة برية هي الأكثر فعالية وتواجه الإرهاب على الأرض» وفق تعبير الوزير لافروف!!

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن