ثقافة وفن

المعرض الأول لفناني مجلة «أسامة» رسالة حياة … د.ثائر زين الدين: الرسوم الجميلة الطريق الأجمل إلى الأطفال … قحطان بيرقدار: أتمنى أن يكون المعرض تقليداً سنوياً

| جمان بركات

لطالما كانت مجلة أسامة رفيقة أيام الطفولة، كبرنا معها وكبرت معنا، فقد ساهمت بتقديم أجمل النصوص سواء من قصة قصيرة أو قصيدة وغيرها مع رسومات جميلة زادت من تألق هذه المجلة العريقة، وتقديراً لجهود الفنانين الذين بدؤوا بالعمل ونهضوا بالمجلة مثل: الفنان ممتاز البحرة ونذير نبعة ولجينة الأصيل والفنانون الذين أكملوا المسيرة، أقامت الهيئة العامة السورية للكتاب في مكتبة الأسد الوطنية المعرض الأول لفناني مجلة أسامة.

«في سورية كان الفن البدائي يدل على فهم وإدراك عاليين لحاجة البشرية إلى الصورة، فكانت الرسوم الفسيفسائية الخالدة وصور المعابد والمرافق العامة لكل مدينة وحيّ وبيت تدل على هذا الوعي الموغل في العراقة الممتد زمناً نحو أول نشوء للمجاميع البشرية وصنع الحضارة.
مجلة أسامة، منذ نشأتها عام ١٩٦٩ حتى هذه اللحظة، وعبر إداراتها المتتالية خلال خمسين عاماً، تدرك هذه الحقيقة وتعمل على تعزيز اللغة البصرية وتطويرها لأجل ثقافة لونية عالية في أذهان أطفالنا إلى جانب عملها على تعزيز الجوانب الثقافية الأخرى للطفل العربي.وماهذا المعرض إلا محاولة لإكمال المسيرة على هذا الدرب الشائق بما فيه من هواجس وآمال وتطلعات نحو تطوير ثقافة أطفالنا وإنشاء صناعة فنية حقيقية للوحات كتب الأطفال ومجلاتهم، فتحية للرعيل الأول المؤسس لفن اللوحة الطفلية في سورية، والأخذ بيد المواهب الشابة الواعدة إلى إكمال اللوحة التي بدأها ذلك الرعيل.

في الذاكرة
في تصريحه قال المدير العام للهيئة العامة للكتاب د.ثائر زين الدين: في ذاكرة كل شخص مجلة «أسامة»، ومازلت أذكر ونحن من جيل ساير المجلة منذ نشأتها أننا كنا نسعى مباشرة لاقتنائها، وكانت تهدى لنا من منظمة طلائع البعث واتحاد شبيبة الثورة، وهذه المجلة لها موقع طيب وممتاز عند الجميع، وكانت تخرج من نطاقها الحدودي إلى الوطن العربي وبالتالي هي في ذاكرة الكثير من الأطفال العرب.
وفي ظل وسائل التكنولوجيا يُحسب للدولة السورية وجود مجلة «أسامة»التي بقيت تصدرها منذ منتصف الستينيات حتى الآن، وهذه مسألة ليست سهلة ولم تتوقف على الإطلاق وهذا الكادر من الفنانين ينهضون بالمجلة كما ينبغي، ونحن نقيم معرضاً لكي يرى الناس أن الطريق الأجمل لإيصال أي شيء للطفل قصيدة أو حكاية أو قصة من خلال الرسوم الجميلة التي تعبر عنها. هؤلاء الفنانون في الحقيقة نهضوا بالمجلة رغم المكافآت التي تعتبر رمزية جداً ويمكن وصفها بالمتواضعة ومازلنا مقصرين بحق الفنان الذي يرسم للأطفال.

خطط مستقبلية
بدوره قال رئيس تحرير مجلة «أسامة» قحطان بيرقدار: هذا المعرض مهم جداً ولاسيما أن المشاركين فيه هم من الفنانين الشباب الذين وقفوا إلى جانب المجلة في السنوات الصعبة الماضية وقدموا رسومهم للأطفال، ومن جهة أخرى نتمنى أن يصبح هذا المعرض تقليداً سنوياً، ويضم المعرض مجموعة من أعمال الفنانين الأوائل والمؤسسين في المجلة، وهناك حالة تلاقح بين لوحات المعرض، ومدى تأثر الجيل الجديد بالرواد الأوائل، وبصمة كل من الجيلين.
قيمة أي عمل مستهدف فيه الطفل هو عمل مهم جداً، ومن ثم علينا الاهتمام بأي بادرة تكون نواتها التوجه إليه، فمثلاً اليوم يوجد معرض للمجلة وأيضاً هناك خطط قادمة بأعمال أخرى مثل ورشات فنية سواء بالرسم أم الكتابة.

«أبو حمدو»
يشارك الفنان رامز حاج حسين بأربع لوحات في المعرض وعن مشاركته قال: هذه اللوحات هي ترسيخ لشخصية «أبو حمدو» التي بدأت فيها حلمي مع مجلة «أسامة» عام 1997، عندما دخلت ورأيت العمالقة جالسين في غرفة السيدة دلال حاتم ومنهم ممتاز البحرة ولجينة الأصيل والرعيل الأول لقد كانوا عرابين في خطواتي الأولى، ولوحة «أبو حمدو» كانت أول سكتش رسمته، واليوم بفضل التقانات تحولت إلى لوحة حديثة، واللوحة الثانية هي غلاف مجموعتي الأولى مع وزارة الثقافة- الهيئة العامة السورية للكتاب بعنوان «صديقتي الدعسوقة»، وأنا أحاول دائماً في لوحاتي أن أحكي حكاية يشاهدها الطفل بغض النظر عن النص، ولوحة «عندما يطل القمر» التي ترمز إلى أقمارنا الصغار، فالطفل السوري هو نبع الحكايات والأفكار، ونحن نقوم بعملية وصل بين الطفل السوري المبدع بأفكاره ونعيد ثقل تجاربنا وفننا لتقديم لوحات مميزة له.
رسالة حياة

وعن المعرض قال: هي مبادرة من فريق مجلة «أسامة» لنقول شكراً للرعيل الأول الذي أسس هذه المؤسسة الفنية، وشكراً للرعيل الحالي الذي أعتبره مؤسساً في هذه الظروف الحالية لفن طفلي نابض بالحياة في ظل هذا الدمار والموت، ونحن كفنانين قادرون على ترجيع ذائقة الطفل السوري لتنبض بالحياة، وهذا المعرض بمنزلة رسالة حياة منّا لأطفالنا، ومن أطفالنا للعالم، ومن سورية التي تشع حضارة على امتداد 7000 سنة، ولا يمكن كسر هذه الحلقة الحضارية تحت أي ظرف أو تهديد بالدمار والظلام، وفي وجوه الفنانين بشائر وضحك طفولي بريء، ففي داخل كل إنسان طفل، وفنان رسوم الأطفال أقدر من الجميع على إبراز هذا الطفل في الوقت الذي يريده، لذلك هذا المعرض هو محاولة إبراز هذا الطفل وتقديم وجبة متكاملة له، وقد حاولنا قدر الإمكان أن تكون بصمتها محلية سورية لنثبت للجميع أن السوريين قادرون على كل شيء في هذه الظروف الصعبة.
وفي ظل التكنولوجيا تبقى التقانات مثلها مثل الريشة المعدنية والألوان وأقلام الخشب، وقلم الديجيتال هو أداة في يد الفنان، وهذه التقانات لها سلبيات من استسهال وغيرها، إلا أن الفنان الحذر والذكي قادر على تحويلها وتطويرها لتكون أدوات مساعدة له من توفير وقته وتصدير العمل باتجاه المطبعة، وفي النهاية فرز الألوان يعتمد على أدوات إلكترونية ومن ثم الحاسوب قادر عبر التقانات الحديثة على خلق لوحة بنبض جديد.
ولكي يقتني الطفل قصة أو لوحة يجب أن تعبر عن واقعه ونبضه، فالطفل يحب التفاصيل والأهم أن يشاهد الهوية البصرية في قصته بمعنى أن الإغراق بالمحلية يوصلنا إلى امتلاك كل خيال الطفل أو الأهل ليشتروا المجلة لأولادهم.
عالم اللوحة

وبدورها قالت الفنانة ضحى الخطيب المتخصصة بكتب الأطفال ومجلاتهم: شاركت في المعرض بأربع لوحات واحدة منها كانت الغلاف الأخير لمجلة «أسامة» الطفل عازف الكلارينيت، وهي في الحقيقة ابني «آدم»، وفي الواقع، يميل كل فنان إلى موضوعات محددة مؤثرة في الطفل وهو أمر ضروري، أما أنا فإنني أميل إلى عالم اللوحة.

الطفل الناقد
تعمل الفنانة رنا قويدر في مجلة «أسامة» منذ عشر سنوات، وعن مشاركتها في المعرض الأول لفناني المجلة قالت: شاركت بأربع لوحات في المعرض تحكي عن طفلة بشعر أزرق حالمة تحب الحياة، وتعتبر الشمس والقمر من أصدقائها، وأنا أدخل في لوحاتي الطباعة، ومشاركتي كانت بالألوان المائية والباستيل وأعمل على الكمبيوتر إلا أن الألوان اليدوية تبقى أقرب للفنان، والمميز لدى الرسم للأطفال أن ترتقي اللوحة لمستوى الطفل، فنظرته هي الناقد الأهم للوحة.

تواصل
وترسم الفنانة ناديا داوود منذ أربع سنوات في مجلة «أسامة» العريقة وقالت عن مشاركتها: المعرض حالة جميلة جداً، والمشاركة فيه جعلتني أتعرف إلى الفنانين وأعمالهم بشكل مباشر، فقد عمل المعرض على تواصل جميل، ولوحاتي تحكي عن الساعة التي تعمل وحب الاكتشاف لدى الأطفال لإصلاحها، وأنا إجمالاً أحب رسم الموضوعات المرحة والإنسانية بألوان تجذب الطفل.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن