ثقافة وفن

سقوط أسطورة الربيع العربي … حكاية اختراق النظام العالمي للدول الوطنية

| سارة سلامة

هل كان «الربيع العربي» الذي اجتاح الشرق الأوسط مؤخراً حركة أصولية من أجل الديمقراطية، أو مجرد مجموعة أخرى من «ثورات الألوان» التي ترعاها الولايات المتحدة، والتي تهدف، في الأساس، إلى إسقاط حكام دول الشرق الأوسط غير الملتزمين بسياساتها وأهدافها؟

ولذلك، فقد دأبت معظم وكالات ومحطات وشبكات وسائل الإعلام العالمية الرئيسية، وبعض المحطات الإعلامية والقنوات العربية، على أن تصورها كموجة من الانتفاضات العفوية في سبيل «الحرية» و«الكرامة» وذلك من قبل الشباب المتحمس، وغير الصبور، ضد الدكتاتوريين القدامى، بيد أن سقوط الخديعة الكبرى، والتي تدعى «الربيع العربي» يحطم هذه الأسطورة، وتلك الأكاذيب الملفقة التي نسجتها دوائر الحكومات الأميركية لإخضاع من لا يقدم فروض الولاء والتبعية لواشنطن.
حيث صدر عن دار الرضا للنشر كتاب بعنوان سقوط «أسطورة الربيع العربي»، «من الثورة إلى الدمار»، للكاتب كريستوفر لـ برينان، ترجمة وتحقيق أدهم وهيب مطر.

تخبط بالنظام العالمي
ويقول الناشر في مقدمته «يمر العالم اليوم ومنذ انطلاقة ما سمي بالربيع العربي الذي تحول جحيماً بمتحولات في مفهوم وثقافة النظام العالمي يجعل صراع الأقطاب العالميين والقوة المهيمنة على النظام العالمي هي قوى مخترقة للسيادة الوطنية وتركز على الهيمنة الاقتصادية، هناك من ظن بالبداية أن هذه الحركات الشعوبية الموجهة بتقنيات التواصل والمركزة على الشحن العاطفي وعلى إحداث حالة انقسام داخلي وانهيار بمؤسسات الدولة من أجل إضعافها وإرضاخها للمتغيرات تعبر عن حالة صراع وتخبط بالنظام العالمي ومراكز القوة بناء على الأزمة المالية عام 2008 ومحاولة القوى الصاعدة التخلص من هيمنة الدولار والمؤسسات الداعمة للقوة المهيمنة العالمية مما يهيئ العالم لعالم متعدد الأقطاب، لا شك بأن أحداث الربيع العربي المزعوم تشي بتحولات اقتصادية وحالة تدمير رساميل وبنى مدن ومجتمعات وإهلاكها بتكلفة الحروب والتسليح واستهلاك ثرواتها وإحداث حركة انكماش اقتصادي تصب في مصلحة بائعي الأسلحة والبنوك العالمية والمافيات ومصلحة المؤسسات الدولية والقوة الأميركية لتدفع دول العالم الثالث حصتها بالمتغيرات العامية».
الإمبراطورية المتعددة الأبعاد

هل سيكون النظام العالمي القادم هو الإمبراطورية الأميركية العالمية؟ حيث يمكن أن يمثل النظام العالمي القادم المرحلة الأخيرة في عملية انتقال تاريخية، ويضع حداً للحقبة الثورية لهذا القرن.
إن مهمة الشعب الأميركي الرئيسية، هي دفن الدول القومية، وقيادة شعوبها المحظورة، وذلك ضمن اتحادات أكبر، وإفراطها في التغلب على قوتها، فالمخربون المحتملون للنظام الجديد، والذي لا يملك شيئاً يقدمه للبشرية ولكنها إيديولوجية عدوانية وغاشمة ومفروضة.
وهكذا، فإنه من المرجح أن يؤدي إنجاز هذه المهمة إلى استنفاد طاقات أميركا، ومن ثم، فإن مركز الثقل التاريخي سيتحول إلى شعب آخر، ولكن هذا لن يكون ذا أهمية تذكر، بالنسبة لافتتاح آفاق جديدة، بدأنا نلمحها الآن بصوت ضعيف، وسوف نستهل مرحلة جديدة في تاريخ البشرية.
وبالتالي، فمن خلال الخمسين سنة القادمة، أو نحو ذلك، فإن المستقبل سينتمي إلى أميركا، فالإمبراطورية الأميركية والبشرية، لن تكونا متعارضتين، بل مجرد اسمين للنظام العالمي الجديد في ظل من السلام والسعادة المزعومة.
(الأزمات الاقتصادية والمالية) وهكذا، فإنه وإلى جانب الانحدار الجيوسياسي للولايات المتحدة، يرتبط رد الفعل الإمبريالي بأزمة اقتصادية مستمرة. وبالتالي، فقد كان لا بد من زلزلة منطقة الشرق الأوسط- الآمنة نوعاً ما- من خلال الانتفاضات المزعومة، وفي سياق التفكك الاقتصادي العالمي.
كما وقد لاحظت المؤسسة الروسية الفكرية لإستراتيجية الثقافة بأنه:
«بالكاد كان هناك وقت في الماضي، ما عدا عشية الحرب العالمية الأولى والثانية، عندما كانت الأزمات الاقتصادية والبيئية الاجتماعية العالمية مترابطة، ومتشابكة للغاية، مع المشاكل النفسية للبشرية».
كما ويفترض العالم «كويغلي» حول التفكير الإمبريالي، بأن تصبح الحروب، وزعزعة الاستقرار، حلولاً مستساغة للطبقة الحاكمة، وذلك عندما لا تستطيع المؤسسات القائمة إيجاد حلول للأزمات المجتمعية المتفاقمة.

ثورة الألوان الجديدة
ثورة الألوان الجديدة خرافة «الربيع العربي»، كثيرون لا يحبون الوضع الراهن، لا أن يكون عرضة للتعبئة ضد أولئك الذين يرون أنهم يحافظون عليه بأنفسهم، كما أن شباب العالم الثالث متقلبون بشكل خاص، في حين يمثل الانتشار الديموغرافي المتسارع في الشريحة العمرية الخامسة والعشرين، وكذلك اليافعون الذين يعانون جميعاً من الحماس المفرط، ومن نفاد الصبر.
ولذلك، فمن المحتمل أن يظهر رأس الحربة الثوري، من بين تلك المجموعات، ومن بين الملايين من الطلاب التي تتركز في مؤسسات التعليم العالي، والمستويات المشكوك فيها فكرياً في البلدان النامية، والذين تم وضعهم في مجموعات كبيرة ومتصلة، بواسطة الإنترنت، وهم في وضع يمكنهم من إعادة اللعب، وعلى نطاق واسع للغاية، مثلما حدث قبل سنوات في مدينة «مكسيكو سيتي» وساحة «تيانانمن».
فقد كان «الثوار» في الانتظار، والذين يمثلون ما يعادل «ثوار البروليتاريا»، المتشددة في القرنين التاسع عشر وبدايات القرن العشرين.
كما أنها واجهت جيشاً منهمكاً ومجهداً بأكثر من طاقته، وذلك بعد حرب أفغانستان، وحرب العراق الثانية.
وفي هذه الأثناء كان العالم يعاني من آلام الكساد الاقتصادي. كما أنه وفي هذا الوقت أيضاً، كان العالم العربي يتعرض إلى تغير دراماتيكي.
وسوف تأتي الأحداث التي تلت ذلك في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في صدارة جدول الأعمال السياسي الدولي، كما أنه وابتداء من شهر كانون الأول من عام 2010، وبعد سنوات من الحكم الاستبدادي من قبل الملكيات والدكتاتوريات، فقد بدأت صحوة عالمية في العالم العربي، حيث بدأت المظاهرات الجماهيرية، وعلى مستوى شعبي، ومن قبل الشباب المثالي، والذين طالبوا بالكرامة والديمقراطية، وبإسقاط الحكومات في المنطقة.
كما انتشرت الاحتجاجات الديمقراطية المعدية، وهكذا، فإنه ومع بداية منتصف شهر كانون الثاني، سقط الرئيس التونسي «زين العابدين بن علي» والذي فرّ سراً إلى المملكة العربية السعودية، ومن ثم تبعه الرئيس المصري «حسني مبارك».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن