ثقافة وفن

ارتبط في العديد من الثقافات بثمار القرع … «الهالوين».. عيد للاحتفال بالخريف يتنكر فيه المحتفلون بأزياء الساحرات والأشباح

| وائل العدس

احتفل العالم ليلة 31 تشرين الأول الماضي بعيد الهالوين، وهو احتفال سنوي يقام في مختلف بلدان العالم، فما الذي يميز الهالوين عن غيره من الأعياد التقليدية الأخرى؟.
ورغم أنه يحتفل بذكرى الموتى، وهو ما قد يبدو كئيباً، ولكنه في الواقع يمكن أن يكون مليئاً بالمرح، وهو في الواقع عيد للاحتفال بالخريف، يتنكر فيه المحتفلون بأزياء الساحرات، والأشباح.
لقد ساد الاعتقاد باعتبار الهالوين عيداً أميركياً خالصاً، ولكنه في الواقع أقدم بكثير من الولايات المتحدة الأميركية ذاتها، ويعتقد أن للهالوين أصولاً في المهرجانات والأعياد الشعبية والوثنية القديمة التي كانت تقام في هذا الوقت من السنة في البلاد الناطقة باللغات السلتية مثل اسكتلندا وايرلندا.

يعتبر احتفالاً عالمياً تغلق الدوائر الرسمية في الدول الغربية وغيرها أبوابها للاحتفال به، وتشمل الأنشطة المرافقة لعيد الهالوين الخدع، وارتداء الملابس الغريبة والأقنعة، وتروى القصص عن جولات الأشباح في الليل، وتعرض التليفزيونات ودور السينما بعض أفلام الرعب.
وتزيّن البيوت بالإضاءة، وتوقد الشموع، ويتم استخدام بعض الخضراوات مثل القرع على شكل مصباح منير، كما يلبس الناس أزياء تنكرية غريبة، ويزورون الكنائس، والأماكن النائية، وزيارة بعضهم، كما يذهبون إلى قبور الأموات ليوقدوا عليها الشموع، وفي هذا اليوم يتناقل الناس الروايات المرعبة والمخيفة التي تتحدث عن الوحوش والأرواح التي تسكن البيوت المهجورة، وينسجون القصص والخيالات لاعتقادهم أن في هذا اليوم تنتقل الأرواح الشريرة من عالمها البرزخ إلى الأرض، وحتى يلتبس الأمر على تلك الأرواح ويتم إخافتها لا بد من نشر الرعب والخوف في قلوبها، أو محاكاتها في صورتها وسلوكها المخيف من خلال ارتداء الألبسة السوداء أو الموشحة بالسواد، وارتداء الأقنعة التي تحمل شكل رأس الهيكل العظمي.
وهوليوود أنتجت عشرات الأفلام عن الهالوين، منها أفلام رعب وكوميديا سوداء إضافة لأفلام كرتون للأطفال. كما تنشط مصانع الألعاب والحلويات والمحال التجارية حيث تحقق مناسبة الهالوين نشاطاً تجارياً وزيادة في الإنتاج.
وتعني كلمة هالوين ليلة مقدسة أو مساءً مقدساً، وهي في الأساس اختصار لعبارة مساء جميع القديسين، وقد تنظر إليها باعتبارها عشية جميع القديسين، وهو يصادف الوقت من السنة في التقويم المسيحي الذي يكون مخصصاً لإحياء ذكرى الموتى بمن فيهم القديسون.
وتوجد الكثير من الكلمات والعبارات المرتبطة بالهالوين وهي تختلف عن بعضها اعتماداً على البلد الذي توجد فيه في العالم.

من أين جاءت الفكرة؟
هناك اعتقاد شائع بأن الاحتفالات تعود إلى تقاليد كلتية أو سلتية قديمة، والكلت أو السلت مجموعة الشعوب التي تنتمي إلى الفرع الغربي في مجموعة الشعوب الهندو-أوروبية، ومن امتداداتهم اللغوية والأثرية والتراثية الشعب الايرلندي والاسكتلندي، حسب بعض النظريات التاريخية.
وكانت تلك الاحتفالات مرتبطة بمواسم الحصاد وجني المحاصيل، والعلاقة بين المواسم الزراعية والطقوس المرتبطة بالمجهول والقوى الخارقة شائعة في التاريخ.
وكانت تلك الاحتفالات سابقاً تتضمن التنبؤ بالمستقبل فيما يتعلق بالموت والزواج وأمور شبيهة.
وفي تفسير آخر، فإن الموضوع له علاقة بعيد كلتي يسمى «سامهاين»، يرتبط ببداية البرد والظلام حيث يقصر النهار ويطول الليل. فوفقاً للمعتقد الكلتي، يقع إله الشمس في أسر الموت والظلام يوم 31 تشرين الأول. وفي هذه الليلة تتجول أرواح الأموات في ملكوتها، وتحاول العودة إلى عالم الأحياء.
ففي هذه الليلة كان الكهنة الدارويديون (كهنة أتقياء في بلاد الغال القديمة وبريطانيا وايرلندا)، يقيمون عيداً كبيراً وكانوا يؤمنون أن إله الموت العظيم، ويسمى سامهاين يدعو في هذه الليلة كل الأرواح الشريرة التي ماتت خلال السنة والتي كان عقابها بأن تستأنف الحياة في أجساد حيوانات، وبالطبع كانت هذه الفكرة كافية لإخافة الناس لذا كانوا يوقدون مشعلة ضخمة ويلتزمون بمراقبة شديدة لهذه الأرواح الشريرة.
ومن هنا في الواقع بدأت الفكرة بأن الساحرات والأرواح تكون هنا وهناك في الهالوين.
ثمرة القرع

ارتبط الهالوين في العديد من الثقافات بثمار القرع، ولعل أهم رموزه ما يسمى بـ«مصباح القرع».
تقول أسطورة إن شخصاً كلتياً يدعى جاك كان كسولاً لا يحب العمل، يسكر ويقطع الطريق، وكل هذا بسبب وسوسة الشيطان، لكنه كان ذكياً.
وحين أراد جاك التوبة استدرج الشيطان وأقنعه بأن يصعد إلى قمة شجرة، وحين صعد الشيطان إلى قمة الشجرة حفر جاك صليباً في جذع الشجرة، ففزع الشيطان وبقي عالقاً على قمة الشجرة.
وحين مات جاك لم يسمح له بالدخول إلى الجنة بسبب أعماله، ولم يجد له مكاناً في جهنم، بل حكم عليه بالتشرد الأبدي، وحتى لا يهيم في الظلام أعطي قبساً من نار جهنم.
في الاحتفالات اللاحقة بالهالوين التي تستوحي قصة جاك، استبدل القبس بجزرة، ثم استبدله الأميركيون بثمرة القرع، وهكذا نشأ مصباح القرع.
وأصبح القرع رمزاً ملازماً للاحتفالات بعيد الهالوين في أميركا الشمالية في وقت لاحق.

التقاليد المتبعة حول العالم
إيرلندا: دعونا نبدأ من حيث بدأ كل شيء، فالكثير من العادات التي تجري هنا هي نفسها التي يتم الاحتفال بها في المملكة المتحدة والولايات المتحدة والدول الأخرى الناطقة بالإنكليزية. فسوف تجد النيران مضاءة في جميع أنحاء البلاد، وخاصة في المناطق الريفية، وهذه النيران هي حرائق كبيرة يتم إشعالها في الهواء الطلق وتستخدم على نحو تقليدي في الاحتفالات.
كذلك يقوم الأطفال والكبار بارتداء ملابس، وغالباً ما تكون هذه الملابس مخيفة كشخصيات أو أشباح أو سحرة أو هياكل عظمية، ويذهبون للخداع أو لتناول الطعام. ويعني هذا أنهم ينتقلون من منزل إلى منزل في جميع أنحاء المنطقة ويطرقون الأبواب ويطلبون من الناس أطعمة معينة، وعادة ما تكون وجبات خفيفة وشوكولا وحلوى. وعندما يفتح الناس أبوابهم يصيح الأطفال «خدعة أو طعام!»، وإذا لم يتم إعطاؤهم طعاماً يمكنهم خداع الشخص من خلال تنفيذ مزحة صغيرة عليه.
وغالبا ما يتناول الناس بعض الأطعمة الخاصة في الهالوين، ففي أيرلندا يعتبر البرانبراك نوعا مشهورا من كعك الهالوين، وهو يحتوي على طعام ملفوف بالشاش يكون مخبوزاً داخلها، ويقال إن البرانبراك يمكنها أن تحكي مستقبل الشخص الذي يتناولها. فإذا تم العثور بداخلها على خاتم، فهذا يعني أن الشخص سيتزوج قريباً، وإذا وجد الشخص قطعة من القش يعني أنه في سبيله لأن يصادف عاماً سعيد الحظ.
النمسا: هنا يحب الناس إطعام الموتى، فمن عاداتهم أن يتركوا الخبز والماء ومصباح مضاء على الطاولة قبل أن يذهبوا إلى الفراش في عيد الهالوين. وهم يقدمون هذه الأشياء لأرواح الموتى التي قد تعود إلى الأرض في تلك الليلة.
بلجيكا: يقوم الناس بإضاءة الشموع في الهالوين إحياء لذكرى الأصدقاء والأقارب المتوفين. كما أنهم يتشاءمون كثيراً من القطط السوداء في هذا اليوم، ويعتقدون أنه من سوء الحظ أن يدخل أحدها إلى بيتك أو أن يعبر أحدها من أمامك.
الصين: يترك الصينيون الطعام والماء بجانب صور الأصدقاء والأقارب الذين رحلوا عن الدنيا، وتتم صناعة قوارب القانون من الورق في المعابد البوذية، وتحرق خلال الليل، على حين تضاء الفوانيس في جميع أنحاء البلاد. ويقال إنهم يمارسون تقاليد النار هذه لمساعدة البريتاس، أي أرواح الموتى، لكي تعرف طريقها إلى المنزل.
ألمانيا: يحتفل الألمان بالهالوين عيداً لجميع القديسين، ويستمر الاحتفال مدة أسبوع كامل يمتد من 31 تشرين الأول إلى 8 تشرين الثاني، وكذلك فإنهم يمضون الوقت في الكنيسة لتكريم القديسين الذين ماتوا، علاوة على أنهم يقومون بزيارة قبور أحبائهم. ويوجد أيضاً في ألمانيا تقليد أكثر غرابة حيث يقوم الناس بإخفاء سكاكينهم في عيد الهالوين لحماية الأرواح التي تعود إلى الأرض خلال هذا الوقت.
المكسيك: لا يوجد بلد يحتفل بالهالوين أفضل من المكسيك، وفي الواقع يحتفل المكسيكيون بعيد الموتى لديهم على مدى عدة أيام تستمر من 31 تشرين الأول إلى 2 تشرين الثاني. إنه حقاً احتفال بعيد كل الأرواح، حيث يستطيع الناس أن يتذكروا أحباءهم الراحلين ويحتفلون بحياتهم. وكذلك يحتفل المكسيكيون بأعياد الأسرة ويصنعون الحلوى والهدايا على شكل الجماجم، ويقومون بمسيرات يرتدي الناس فيها زي الغول والهياكل العظمية، كما يوجد لديهم الكثير من موسيقا مرياتشي، إضافة إلى الغناء والرقص.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن