ثقافة وفن

رحيل محمد قارصلي تاركاً إرثاً غنياً في المسرح والسينما … عماد جلول: ترسخت صورته في ذهني معلماً معطاءً بلا حدود

| وائل العدس

توفي المؤلف والمخرج المسرحي والسينمائي محمد قارصلي صباح أمس الأول عن عمر ناهز التاسعة والستين عاماً إثر معاناة مع مرض عضال، تاركاً وراءه إرثاً غنياً في المسرح والسينما السوريين.
ونعتت مديرية المسارح والموسيقا في وزارة الثقافة الدكتور قارصلي واصفة إياه بصاحب البصمة الإبداعية في الكثير من الأعمال المسرحية والسينمائية داخل سورية وخارجها.
ولد الراحل في دمشق عام 1950 لأسرة فنية، فوالدته الفنانة التشكيلية إقبال ناجي قارصلي إحدى رائدات الفن التشكيلي في سورية والوطن العربي وشقيقة الفنان الراحل وليد قارصلي أحد الأسماء الكبيرة في عالم الفن التشكيلي السوري المعاصر.

هو مخرج سينمائي وتلفزيوني ومسرحي، وكاتب سيناريو ومؤلف مسرحي، وأستاذ في الإخراج وإعداد وتدريب الممثل ومحاضر في مركز التدريب الإذاعي والتلفزيوني، وفي النوادي السينمائية في عدد من دول العالم، وقدم العديد من الدراسات والمقالات والترجمات والنشرات التخصصية والاستشارات الدرامية، حاصل على درجتي الماجستير والدكتوراه من أكاديمية السينما بموسكو.
لدى إنهاء الراحل خدمة العلم سافر إلى موسكو ليحصل هناك على شهادتي الماجستير والدكتوراه من المعهد العالي للفنون السينمائية.
قدم عبر مسيرة حياته أكثر من مئة فيلم تتراوح بين المتوسطة والطويلة إضافة إلى 13 عرضاً مسرحياً آخرها قدم على خشبة القباني في نيسان الماضي وحمل عنوان «خيبانة».
عمل قارصلي كمدرس في 9 معاهد مسرحية وسينمائية وفي رصيده عشرات الجوائز العالمية في المسرح والسينما، منها جائزة أفضل فيلم في آسيا لفيلمه القصير «غداً» وأربع جوائز لعرضه المسرحي «فجر وغروب فتاة تدعى ياسمين» في مهرجان توياما باليابان.
كما كتب عدداً من المسلسلات منها «أيام الغضب» وصدر له كتابان وهما نصان مسرحيان «نافذة روح» و«ربَّ ضارة ضارة».
تنقل في عدد من الدول مثل لبنان والمغرب ومصر، وأسس قسماً في كلية الفنون المرئية في ليبيا، ومعظم أفلامه كانت بتمويل خاص أو من منظمات دولية مثل الصليب الأحمر والتجمّع النسائي العالمي واليونيسيف ولكن هذه المنظمات قطعت تمويلها في السنوات الأخيرة في إطار الضغوط الاقتصادية على سورية، فلجأ إلى المسرح لكونه غير مكلف.
حصل على عضوية نقابة الفنانين عام 1993، أي بعد ما يزيد على عشرة أعوام من مزاولته مهنة الإخراج.
وفي الأعوام الأخيرة، أمضى قارصلي حياته في تدريس السينما والتمثيل للطلاب اليافعين داخل سورية، وواظب عمله الفني من دون انقطاع، بعيداً من الأضواء.

البيئة الفنية
أسهم الراحل من خلال أعماله في تطوير الفن التمثيلي السوري ويقول في أحد لقاءاته: «ولدت وتربيتُ في بيت دافئ مملوء باللوحات والجمال والثقافة، فوالدتي رائدة الفن التشكيلي «إقبال ناجي قارصلي»، وهي من أوائل الفنانات التشكيليات في سورية، وهذه البيئة الفنية أثرت فيّ، فتوجهت نحو الفن والثقافة».
وعن علاقته بالمسرح، قال: «العلاقة قديمة، وترسخت بعد دراستي الدكتوراه؛ لأن اختصاصي كان إعداد وتدريب الممثل، وهذا يتم بالطريقة المسرحية لأنه لا شيء اسمه إعداد ممثل سينمائي».
المتواضع المحب

وتحدث مدير مديرية المسارح والموسيقا عماد جلول عن الفنان الراحل فقال لـ«الوطن»: تعرفت على محمد قارصلي منذ كنت طالباً في المعهد العالي للفنون المسرحية – قسم النقد والأدب المسرحي، وكان مثالاً للأستاذ المتواضع المحب، ومن ثم أشرف على مشروع تخرجي في المعهد، حيث ترسخت صورته في ذهني معلماً معطاءً بلا حدود، وبعد تخرجي عدنا والتقينا بالعمل في مديرية المسارح والموسيقا من خلال عمله في العديد من لجان القراءة والمشاهدة، واجتمعنا معاً في عدة مهرجانات محلية أيضاً.
وأضاف: كان يقدم النصح للفرق المسرحية من دون استثناء بكل حب ومودة، وقدم لمديرية المسارح والموسيقا العديد من الورش الفنية الخاصة بإعداد الممثل المسرحي، وكان نتاجها عروضاً مسرحية من عمل طلابه.
وختم حديثه بالقول: آخر ما أنتجت له مديرية المسارح والموسيقا عرض «خيبانة»، ونحن الآن بصدد إنتاج عمل «حصاة الصبر» للأطفال وذلك ضمن الاحتفال بفعاليات يوم وزارة الثقافة، ولقد علمت مؤخراً من الفنانة ندى حمصي التي كان يجب ذكر تجاربه المسرحية معها أن لديه عملاً مسرحياً جديداً أطمح لاقتنائه لمصلحة المديرية، رحم اللـه فقيد المسرح والسينما الفنان محمد قارصلي.

قريب من الطلبة
أما الممثلة النجمة ميسون أبو أسعد فقالت لـ«الوطن»: رحم اللـه الدكتور محمد قارصلي، كان محبوباً من المدرسين والطلاب، ورغم أنه لم يدرسني إلا أنه كان قريباً من كل الطلبة، وكان يكفي الجلوس معه في مقهى المعهد لتتعلم منه الكثير ويصبح صديقك، الرحمة لروحه الجميلة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن