اقتصاد

ضيفنا الدائم أصبح مفخخاً!

| علي محمود هاشم

بعيداً عما ينتظر المودعين السوريين أفراداً، وعن المنصات التمويلية التي وفرتها لاقتصادنا الوطني، أضحى تحوطنا من تطاير شرر الأزمة المصرفية اللبنانية استحقاقا لا يحتمل الانتظار.
ما لم تحصل معجزة، ومع تدحرجه مؤخرا نحو رفض التحويلات الداخلية، ثمة ما يدفع للاعتقاد أن القطاع المصرفي اللبناني يتشقلب على حافة أزمة مركّبة، أخطر ما فيها إعلان الحلول المالية استسلامها بعدما تداعت قدرتها على رأب (الثقب المتعاظم في السفينة)، ولم يعد أمامه من ثغرة لتأخير الكارثة، سوى تلك التي تتخذ أنماطا سياسية.
الحلول السياسية – بدورها- قد تشكل حجر الزاوية لكارثة أخرى، فما لم تولد معجزة تمويلية خارجية، وهذا مستبعد نظراً للشكوك المرجحة إزاء مصادر الأزمة وتطلعاتها، فثمة ما يدعو للاعتقاد أن الحلول السياسية الداخلية منقطعة تماماً هي الأخرى تبعا للتلاحم العميق بين الطبقة السياسية اللبنانية وبين الاقتصاد الريعي من ناحية، ونيتها المعلنة عدم قبول انتقاص حاد في مصالحها، من ناحية أخرى.
على المقلب السوري، ثمة مترتبات متوقعة تتطلب حلولاً معقدة لتجاوز التحديات التي تتمدد جذورها من الاقتصاد اللبناني إلى أراضينا، على التوازي مع حلول إدارية لتشابكها المؤسسي مع القطاع المصرفي الوطني.. بعض التحديات الأخرى تتركز داخل الأراضي السورية حصرا، وفي مقدمها «التهريب»، ضيفنا الدائم على منصة الشعارات الحكومية.
تراجع القدرة اللبنانية على الاستيراد جراء (ضبط) التسهيلات المصرفية، يشي بتحول الاستيراد نحو قنوات أخرى قد تكون سورية إحداها.. ولأن التهريب يسلك الطرق ذاتها التي يسير عليها الاستيراد، فثمة ما يدعو للاعتقاد بتربصه على المسرب المعاكس، التمويلات النظامية الخاصة بتوريد السلع الأساسية.
حالياً، يشتري مصرفنا المركزي نحو 70بالمئة من التضخم في أسعار السلع الأساسية الممولة مركزياً، ما يعزز جاذبية تهريبها خارجاً، ومع انكشاف قدرتنا المحدودة على تمويل استيراد الأساسيات إبان الإحجام المعلن عن رفض التدخل في سوق القطع ضمانا للقدرة على الاستمرار بذلك، تتجلى مخاطر تهريب السلع الأساسية وكأنها شراء التضخم في بلدين اثنين، وهو ما لا طاقة لنا به مهما بدت كلفته صغيرة، خاصة أن (مبخّرنا المركزي) ينوء بمهمة التصدي لروائح التهريب داخلاً، فكيف له أن يتصدى له بالاتجاهين؟
«مكافحة التهريب»، المتصدر الدائم في مضافة شعاراتنا الحكومية للعام الثالث على التوالي، لربما سيتخذ لنفسه حزاماً ناسفاً مع التبدلات الأخيرة في الجوار، يتهدد به قدرتنا المحدودة أصلاً في تفكيك الحد الأدنى من الأفخاخ الاجتماعية.
في إحدى ذرا الشغف الشعاراتي مطلع العام الجاري، أعلنت الحكومة «خريطة طريق» لإعلان سورية خالية من المهربات قبل أن تضيع – طوعاً- في الزواريب الجانبية.. لكل ذلك، تبدو العودة -أقله إلى «الطريق» المنتهي عند الحدود- خياراً (إجبارياً).

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن