الجنوح نحو «جنون المنطق والتجربة الدائرية 2» … فداء منصور لـ«الوطن»: أعمل على استخدام الخط الدائري أو الدائرة
| سارة سلامة - تصوير: طارق السعدوني
تجربة الفنان الشاب فداء منصور في عالم التشكيل بدت متلونة ومميزة ودائرية تحمل تفاصيل كثيرة عن المدينة والمرأة وأشياء تخبر عن تراثنا وعاداتنا وربما طقوسنا هي حالة يشعر بها ويعمل على تجسيدها من خلال اللوحة، مع تعدد لوحاته التي فاقت الـعشرين لوحة كانت على كثرتها تجتمع بصلة رحم واحدة وهي الدائرة التي شكلت القاسم المشترك بين جميع الأعمال، في محاولة لتشكيل نوع خاص يتميز به على الرغم من أن الكثيرين قبله ربما استخدموها إلا أنه يذهب إلى أبعد من ذلك من خلال تأسيس مدرسة خاصة به. وبرعاية اتحاد الفنانين التشكيليين شهد الرواق العربي- قاعة لؤي كيالي افتتاح معرض الفنان التشكيلي فداء منصور.
الدائرة تلهمني
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» أكد الفنان التشكيلي فداء منصور أنني: «أطلقت هذه التجربة الدائرية في بداية العام من خلال صالة (أدونيا)، وهي تجربة أستخدم فيها الدائرة والخط الدائري بتشكيل اللوحات، حيث لا يهرب التشكيل مني، وقدمت آنذاك 25 لوحة، وفي معرض اليوم هناك 20 عملاً، معظمها متر بمتر، عالجت فيها حالات إنسانية خاصة وحالات أنثوية وطبيعة وحصاداً وشيئاً له علاقة بطقوس شهر رمضان، كما قمت من خلال ثلاث منها باستخدام الخط الحروفي، وقدمت من خلال الدائرة حروفية جديدة، فيها شيء طريف وغريب. واتبعت هذا الأسلوب لكي أتميز وأنشئ مدرسة خاصة بي، وخاصة أن الدائرة تلهمني بما ترمزه للنضوج والخبرة والغموض والصعوبة، وبالتأكيد هي ليست حكراً على أحد لكنني حاولت أن أتعمق بها من خلال أسلوبي الخاص».
وأضاف منصور: إن الدائرة ترمز إلى الهدوء والسلام وكما الأشكال الأخرى فهي تلامس العين، وحاولت تجسيد بعض الأعمال من خلال حالة معينة أشعر بها وأعمل جاهداً أن تكون الأعمال منسجمة مع بعضها».
وبالنسبة لوجود المرأة بقوة في أعماله بين منصور أن: «المرأة كائن الدوائر الجميلة، وهي من أجمل الأشياء التي يمكن أن نرسمها، فهي نصف الحياة والملهمة والأم والرحم والعشيقة لا يمكن إهمالها، كما رسمت الشاعر نزار قباني بجو دمشقي ومن خلفه المآذن والكنائس».
وبالنسبة لاستخدام الألوان القوية أوضح منصور أن: «الأحمر يجعلني أعيش بحالة من الحب، مثل قول السيدة فيروز في إحدى أغانيها (أنا عندي حنين ما بعرف لمين)، هكذا أيضاً رسمت المطر بجو من الحب الأحمر، هي حالة من العزلة والمحبة للخالق، إلا أنه بالشكل العام فإن أعمالي لا تحمل لوناً طاغياً أو مؤثراً».
وعن رسالته من خلال المعرض قال منصور: «أتمنى من خلال المعرض أن تصبح تجربتي أكثر نضوجاً من التجربة الأولى التي تعرضت للانتقاد وربما وقعت فيها بخطأ التكرار، وذلك من صعوبة التجربة والتعامل مع الدائرة، واليوم آمل أن أكون قد قدمت معرضاً أكثر نضوجاً، هي تجربة أتمنى أن تؤسس لمدرسة فنية أو طرح جديد خاص بي في عالم التشكيل من استخدام الخط الدائري أو الدائرة».
وفي كلمة أخيرة بين منصور أن: «النجاح يتعرض دائماً لانتقادات، وأنا من الأشخاص الذين يحبون النقد وأعتبره حافزاً لي، وبالمثابرة يحقق الفنان ذاته».
فنان منتج
ويقول الفنان التشكيلي سهيل بدور عن المعرض: إن «فداء هو فنان منتج جيد ينتج بكثافة وكم وهو فنان نشيط، مع أنني أرى أن هذا الكم يؤثر في النوع ولكن لا شك أن فداء تميز بصرف النظر عن تسميته الدائرية، إلا أن المنتج الفني والكثير من أعماله تحمل حساً لونياً عالياً، وتكنيكاً وتكويناً ووحدة تجمع بعض الأعمال ببعضها، وأتمنى أن يبقى بهذا الخط قدر المستطاع، ونلاحظ أيضاً أن الكثير من الأعمال جديرة بالمشاهدة، ولكن ينقصه أن يبذل جهداً أكبر على العمل لنكون أمام عمل متكامل ومكتمل يستحق التقدير».
رؤية خاصة به
ومن جهته يقول الفنان هشام كفارنة: إن «هناك سلسلة من المعارض تقام برعاية الاتحاد لتشكل نوافذ وإطلالات مختلفة على تجارب الفنانين، ولكل فنان هويته الخاصة وألوانه وتشكيلاته، وفداء ينتقي وضعيات قد تكون مألوفة ويقوم بمعالجتها عبر رؤية خاصة به، وهنا تكاد تكون كل التكوينات والتشكيلات تنتمي إلى الدائرة من الوجوه والكرسي والمنجل والسرير، وربما الدائرة هنا هي دائرة الكون الذي يحيط بنا ونحن بمركزها أو على محيطها، هي رؤية يقوم فداء بمعالجتها من دون الغرق في رمزيته أو تعبيره، وحتى المرأة يقدمها بصورة تكاد تشي بحالة ما أثناء وضعها مساحيق وحملها المرآة وتتجمل، في النهاية تجربته مهمة وتستحق المتابعة».
يبحث عن ذات
بينما رأى الفنان أكسم طلاع: «إن فداء رسام متنوع ونلاحظ من خلال معرضه هذا أو الذي قبله أنه شخص يبحث عن ذاته وهنا جوهر الفنان أنه لا بد من أن يملك هوية، وهوية الفنان وطريقة التعبير هي الحامل حيث يبدو بحيرة باحثاً عن مسوغات الدائرة، ولكن العمل هو الذي يقنعنا أما الأدب فهو شأن آخر ويقدم وظيفة مختلفة، ويجب أن تكون علاقة الفنان مع المتلقي علاقة فيها من الندية، وعندما أطرح شيئاً جديداً يجب أن أكون متفوقاً على السائد حتى نتجاوز في هذا المعرض معارض أخرى، ومعرضه السابق حمل نوعاً من التجاوز. وبالمعنى التشكيلي العام فداء فنان شاب وهو تجربة تستحق الانتباه والاهتمام مع مراعاة أن الفنان يجب أن يلتقي مع رؤيته».