شؤون محلية

آلاف القطع الأثرية في موقع النبي هوري بعفرين معرضة للنهب … مدير التنقيب لـ«الوطن»: قطع مسروقة في السوق السوداء ولا تجاوب لإعادتها من المنظمات الدولية لأسباب سياسية

| راما محمد

كشف مدير التنقيب والدراسات الأثرية همام سعد عن ظهور إحدى القطع الأثرية السورية في بلجيكا مصدرها موقع ماري، وعلى أساسه جرى مخاطبة الإنتربول والجمارك البلجيكية وإرسال وثائق تثبت امتلاك سورية لقطع مشابهة، إلا أن هذه القطعة كالكثير من القطع الأثرية ليس لديها سجل في المتاحف السورية وبالتالي من الصعب استعادتها.
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» أوضح سعد أن الآثار المسروقة والمهربة إما أن يكون مصدرها المتاحف وبالتالي تملك سجلاً ويمكن استعادتها من خلال الاتفاقيات الدولية ذات الشأن، وإما أن تكون قطعاً مستخرجة من المواقع الأثرية أي إنها لا تملك سجلاً، وهنا تكمن الإشكالية خاصة في ظل غياب أي معلومات عن عدد القطع التي جرى استخراجها أو هويتها، مضيفاً: ظهر العديد من القطع المسروقة في السوق السوداء مؤخراً لبيعها، وجرى التواصل مع إنتربول دمشق وإنتربول وزارة الداخلية والجمارك السورية لمخاطبة الإنتربول الدولي لإيقاف عمليات البيع، ومحاولة استعادة القطع وفق المعايير الدولية، مضيفاً: إلا أنه لم يكن هناك أي تجاوب من الجهات المعنية الخارجية أو المنظمات الدولية لأسباب دون شك سياسية.
وأكد سعد أنه وحتى الآن لم تظهر أي من القطع الأثرية المسروقة من المتاحف في السوق السوداء، وهذا مشابه لما حدث في العراق إذ بدأ نهب المتاحف في العام 2003 إلا أن القطع المسروقة ظهرت بعد العام 2016، مضيفاً: دون شك ستظهر هذه القطع، إلا أنهم يؤجلون ذلك حتى مضي عشر سنوات لإخفاء الحقائق وبعدها عرض القطع في الأسواق.
وفي السياق، كشف مدير التنقيب عن انخفاض في عدد القطع الأثرية المصادرة من قبل الجهات المختصة في المناطق المحررة، باعتبار أن الجيش دخل أغلب المناطق السورية، مضيفاً: باستثناء إدلب التي ما زالت تشهد أعمال تنقيب غير شرعية بدعم من خبراء أجانب سواء أتراك أم غير ذلك.
وأكد سعد إمكانية تعرض آلاف القطع الأثرية في موقع النبي هوري في عفرين للسرقة والنهب، خاصة بعد ظهور مجموعة من الصور على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر شخصاً وهو يقوم بأعمال تنقيب عن لوحات فسيفسائية ضمن الموقع ويحاول بيعها دون خوف أو رادع، إضافة إلى قطع نقدية وحلي ومجوهرات، مضيفاً: يلاحظ أن أعمال التنقيب لم تكن يدوية بل باستخدام الآليات الثقيلة، وهو ما يهدد بتدمير الطبقات الأثرية وبالتالي استخراج القطع الأثرية دون القرائن الخاصة بها، وخسارة هذه الطبقات تعني خسارة صفحات من التاريخ.
ولفت سعد إلى تعرض المواقع الأثرية في إدلب لدمار كبير خاصة أن المدينة تضم أكثر من 700 قرية أثرية والعديد من المواقع فيها مسجل على لائحة التراث العالمي، مشيراً إلى أن أعمال التخريب تضمنت تفجير دير سمبل ومدافن قاطورة، وسرقة متحف المدينة، فضلاً عن استخدام قلعة سمعان كمعقل للتدريب، إذ ظهرت مجموعة من النسوة المنقبات اللاتي يقمن بأعمال تدريب ضمن القلعة في مقاطع فيديو مصورة، إضافة لاستخدام البعض للأحجار الأثرية بعد تكسيرها من المباني الأثرية في أعمال البناء الحديثة!
وأشار مدير التنقيب إلى أن بعض مقاطع الفيديو التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي أظهرت أشخاصا يحفرون بشكل عشوائي ضمن موقع دورا أوروبس الأثري وهم الأشخاص ذاتهم الذين كانوا يعملون مع البعثة الفرنسية السورية في الموقع سابقاً، أي إنهم يعلمون مكان ظهور القطع الأثرية إلى جانب استخدامهم لأدوات الحفر ذاتها التي استخدمتها البعثة الفرنسية، مضيفاً: «التعاون مع الأجانب والبعثات التي كانت موجودة في السابق متوقف حالياً بسبب الأوضاع في البلاد».
وبين سعد أن مديرية الآثار والمتاحف تعمل حالياً على إعداد خطط لتقييم الأضرار في المرحلة القادمة ووضع أولويات في عمليات الترميم، وخاصة أنه لا يمكن ترميم جميع المباني الأثرية، فالبعض منها أزيل بشكل كامل باستخدام المتفجرات، مشدداً على ضرورة وجود دعم من المؤسسات الحكومية والأهلية في هذا المجال.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن