مطالبات جريئة في جمعية العلوم الاقتصادية … القاضي: مطلوب إلغاء الأسعار الإدارية والرقابة التموينية وإعادة النظر بأسعار الفائدة
| علي محمود سليمان
بينّ عضو جمعية العلوم الاقتصادية الدكتور حسين القاضي أن القطاع العام في سورية عانى عدة مشاكل متراكمة منذ سنوات وصلت به إلى الحالة الصعبة التي هو عليها الآن، ومن هذه المشاكل نقص الاستقلال، والبيروقراطية والخلل في الرقابة نتيجة عدم استقلالية الجهاز الرقابي.
وخلال محاضرته في جمعية العلوم الاقتصادية يوم أمس بعنوان «القطاع العام في سورية إلى أين؟»، رأى القاضي أن البيروقراطية التي تلازم الإدارة الحكومية تقتضي تدخل العديد من الأشخاص الذين يبدون رأيهم قبل اتخاذ القرار النهائي من المدير العام، فالإجراءات البيروقراطية الطويلة التي تستهدف أساساً خدمة الإدارة الحكومية وحمايتها من الانحراف تحمل في طياتها مخاطر عديدة، أهمها عدم اتخاذ القرار في الوقت المناسب، إذ إن القرارات الاقتصادية تستوجب السرعة، وقد يؤدي التأخير إلى فقدان أهميتها، وتسرب الفساد بين ثنايا الأوراق وعبر الغرف المغلقة التي قد تستفيد من الوقت الذي لا بد من مروره لعقد صفقات والاتفاق على الحصص، وقد يوجد سوق موازية للفساد وهو ما قد يرفع تكاليف الإنتاج، وقد يشارك المسؤولون الكبار في الغنائم، وقد تضغط عصابات الفساد لاستعجال التوقيع من دون أن يفهم المسؤول الكبير طبيعة الصفقة، فهو غير مختص في الأمور الفنية.
ولفت القاضي إلى أن تبني اقتصاد السوق الاجتماعي، يمثل ضرورة لا بد منها، لكنه يحتاج إلى مقومات متكاملة وليست ترقيعية، وهي اعتماد اقتصاد السوق في كل المجالات وكل السلع والخدمات، وهذا يقتضي إلغاء الأسعار الإدارية أو بعبارة أخرى ترك الأسعار ليحددها قانون العرض والطلب، وإلغاء الرقابة التموينية إلا في الحدود التي لا تتوفر فيها السلع والخدمات بوفرة، إذ إن الرقابة التموينية غير قادرة على إيجاد السلع المفقودة أو إجبار التجار على البيع بخسارة، وتثبيت أسعار صرف العملات الأجنبية عن طريق وضع سياسة نقدية تعيد للمواطنين ثقتهم بعملتهم الوطنية، وهذا يحتاج إلى إعادة النظر بأسعار الفائدة وتشجيع الادخار.
وشدد القاضي على ضرورة الإصلاح الضريبي عن طريق تبني نظام الضريبة على مجمل الدخل، وفرض ضريبة قيمة مضافة على بعض السلع والخدمات، وتقديم مساعدات نقدية للمواطنين التي تقل دخولهم عن الحد الأدنى للمعيشة, ورأى أن قانون التشاركية ولد ميتاً، وذلك لأن الطابع البيروقراطي بقي مهيمناً على ذلك القانون، موضحاً أن العديد من الدول استعاضت عن الشركة الحكومية، بشركة مساهمة تمتلكها الدولة، وهو ما مكنها من حل مشكلاتها المالية عن طريق الأسهم التي تمتلكها، ففي حال وجود عجز في الموازنة، تعمد الدولة إلى بيع جزء من أسهمها إلى القطاع الخاص عن طريق السوق المالي، وإذا كان لديها فوائض نقدية، عمدت إلى توظيف هذه الفوائض في شراء أسهم، وعليه بات من الضروري تحول شركات ومؤسسات القطاع العام إلى شركات مساهمة، لتكون الخطوة الأولى في طريق إصلاح القطاع العام وحل مشكلاته، للتمكن من تحرير هذا القطاع من البيروقراطية الحكومية، حيث يتولى مجلس إدارة الشركة المساهمة إدارة الشركة، على مسؤوليته من دون الخضوع إلى إجراءات البيروقراطية الحكومية، ويحاسب هذا المجلس في الاجتماع السنوي حسب النتائج التي يمكنه الوصول إليها بناء على تقرير مدقق الحسابات.
وبينّ القاضي أن تنفيذ الخصخصة بشكل جزئي في شركات القطاع العام وتدريجي؛ سوف يسهم في تشجيع الاستثمار الأجنبي المتقدم تكنولوجياً، ومن الضروري تطبيق الحوكمة، إذ إن الحوكمة الجيدة تؤدي إلى دفع عملية الخصخصة ونجاحها، حيث إنها ترتبـط بالاسـتثمار، فكلمـا زاد عــدد الشركات الناشئة، وزاد إقبال المستثمرين على طلب رخص إنشاء شركات جديدة، وزاد الطلب على الأسهم المتداولة، أدّى ذلك إلى اتجاه أسعار السوق المالي نحو الارتفاع، وازدياد تدفقات رؤوس الأموال القادمة إلى البلاد.