اسْكبْ سلاماً
حسن م. يوسف :
حضرة العم سام وأبناء عشيقته الأرملة الطروب أوروبا، بعد نحو خمسة أعوام من الحرب التي تشنونها على بلدي وقيامكم، من خلال عقوباتكم، بمساعدة اللصوص في بلدانكم وبلادي على إفقار العاملين من أبناء وطني وسرقة مدخراتهم وخبز عيالهم، لا أستطيع أن أخاطبكم بـ«السلام عليكم ورحمة اللـه وبركاته»، بل إنني أميل للقول: الحرب عليكم وغضب اللـه ونقمته، غير أني لا أفعل ذلك، لأن هذا يتناقض مع تربيتي وتراث أجدادي الأوغاريتيين الذين أوصوني قبل أكثر من أربعة آلاف عام على لسان بعل بقولهم: «اسْكب سلاماً في جوف الأرض/ أكثر مِن المحبَّة في قلب الحقول/ كي نُقِيْمَ في الأرض وئاماً/ ونَغْرِسَ في التراب محبة/ سلاماً لبني البشر».
أعترف لكم أنني كنت، من أشد المتحمسين للقيم التي تروجون لها وعلى رأسها الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان، كما كنت ولا أزال من المعجبين بالنهضة الفكرية والعلمية والفنية التي حققتموها منذ خروجنا نحن العرب من الأندلس عام 1492! غير أن ثقتي بكم اهتزت منذ أن بكيت لاستشهاد البطل السوري جول جمال إبان العدوان الثلاثي على مصر الشقيقة عام 1956، ثم تضاءلت في 5 حزيران، عندما أدركت أنكم قد تعمدتم زرع «إسرائيل» كي تكون جرحاً مفتوحاً في خاصرتنا يمنعنا من إنجاز أي تنمية حقيقية. إلا أنني لم أتوقع يوماً أن تنحدر مصداقيتكم في نظري إلى هذا الدرك الشنيع، حيث تستقر الآن!
فقد أقنعني سلوككم بأن حقوق الإنسان تبقى خارج اهتمامكم عندما لا تخدم مصالحكم، وأن الديمقراطية إذا جاءت بمن لا يوافق هواكم، يصبح من حقكم شيطنته وتجويع الشعب الذي انتخبه!
أعترف لكم أن أكثر ما يضحكني في الحالة المأساوية، التي أسهمتم في إيصالنا إليها، هو التصريحات المتناقضة التي يطلقها ملك الهستيريا لوران فابيوس الذي يتحدث كما لو أنه مزيج هزلي من بيكو وغورو! لكن أكثر ما يزعجني هو سماع المدعو جون كيري يتحدث عن القانون، لأنه يذكرني بما قاله في الحوار الذي أجراه معه الصحفي كروسبي مويس مراسل «واشنطن إيفننغ ستار» في 18 نيسان 1971. فقد سأل مويس كيري: هل قمت أنت شخصياً- كضابط بحرية شارك في حرب فيتنام بارتكاب فظاعات أو جرائم يعاقب عليها قانون هذا البلد؟
فأجاب جون كيري: لقد كان هناك كل ما يخطر على بالك من الفظاعات والجرائم، وأحب أن أعترف أنني نعم، نعم ارتكبت مثل هذه الفظاعات والجرائم مثل الآلاف من الجنود… لقد شاركت في مهمات قتل، وتدمير وإحراق قرى. وهذا كله انتهاك لقوانين الحرب واتفاقات جنيف، وكل ذلك تم بناء على أوامر مكتوبة وفقاً لسياسات حكومة الولايات المتحدة من قمة الهرم حتى القاعدة… وإنني أعتقد أن الرجال الذين رسموا هذه السياسة، الرجال الذين صمموا منطقة النار الحرة، الرجال الذين أعطونا الأوامر، الرجال الذين وقعوا على أوامر القصف الجوي، أعتقد أن هؤلاء الرجال مجرمو حرب. «لا تعليق»!
أمس سألني سوري حيران ما الفرق بين تحالف الأميركان وتحالف الروس ضد داعش؟ قلت: الروس يقولون إن حربهم على داعش قد تدوم من «3 إلى 4 أشهر» في حين أوباما قال مراراً إن الحرب «قد تدوم لسنوات»، وتفسير هذا برأيي هو أن أوباما يطمح لمد عمر «الفوضى الخلاقة» إلى أن تأتي على كل البنية التحتية للدولة السورية بحيث تصبح (إسرائيل) هي القوة الوحيدة المهيمنة في المنطقة وعليها. فما رأيكم؟