ثقافة وفن

معرض مقتنيات اتحاد الفنانين التشكيليين الأول … د. إحسان العر: المعرض ذاكرة الفن التشكيلي السوري على فترة طويلة من الزمن

| جُمان بركات- «ت: طارق السعدوني»

كنوز فنية يملكها اتحاد الفنانين التشكيليين، ويعرض بعضها للمرة الأولى في صالة الشعب للفنون الجميلة، وقد ضم المعرض لوحات لعشرات التشكيليين السوريين الذين أثّروا في الحياة التشكيلية، لم يشاهدها الجمهور من قبل أو يسمع بأسماء بعض أصحابها، وحرص الاتحاد في معرض مقتنياته الأول بعنوان: «تحية إلى الحركة التصحيحية المجيدة وقائدها» أن يطلع الجميع وبالأخص طلبة الفنون الجميلة على أعمال تعود لسنوات بعيدة لفنانين مهمين يعتبرون علامة فارقة في التشكيل السوري، ليدركوا كيف كان رواد الفن التشكيلي والمدارس التي عملوا عليها ومفردات اللوحة.

ذاكرة
يرى د. إحسان العر: إن المعرض هو من أهم نشاطات اتحاد الفنانين التشكيليين في الآونة الأخيرة، وفي تصريحه قال: هذه اللوحات أرشفة للمقتنيات الفنية الموجودة لدى الاتحاد، ونحن نملك لوحات منذ تأسيس الاتحاد عام 1970 حتى هذا اليوم، وبجهد كبير منذ عدة أشهر قام الزملاء في المكتب التنفيذي بالبحث عن هذه اللوحات وأرشفتها إلكترونياً ومادياً في الوقت نفسه، واستطعنا إحصاء عدد كبير من اللوحات لأهم الفنانين السوريين، وهذا المعرض مهم جداً لأنه يحمل ذاكرة الفن التشكيلي السوري على فترة طويلة من الزمن، والأعمال تذكرنا بالفنانين، وهذا محرض للأجيال الموجودة حالياً لرؤية ذاكرة الفن التشكيلي السوري وعطاءات الفنانين وكيفية تعاملهم مع الطبيعة وعن انتمائهم الوطني لهذا البلد، كيف يتم تجسيده في هذه اللوحات، وهذا المعرض درس لجميع الفنانين السوريين، وأتمنى زيارة المعرض من كل من يهتم بالفنون الجميلة من نقاد وفنانين وطلاب.

تظاهرة جمالية
وبدوره قال عضو مؤسس في جمعية الباحثين والنقاد التشكيليين السوريين الفنان التشكيلي د. سائد سلوم: في الحقيقة المعرض قيّم وجميل بالمفهوم الجمالي الذي نقصده باختصاصنا ودراستنا الأكاديمية والعلمية والحداثوية، وهذا المعرض يشكل تظاهرة جمالية مهمة جداً، فقد أعادت لنا الذاكرة الجميلة إلى أيام كنا نعيش مع بعض الفنانين الذين انتقلوا إلى رحمة اللـه وبقيت أعمالهم حية بيننا، بالإضافة إلى أعمال فنية على مستوى عال جداً، وطلاب الفنون الجميلة يدرسون أعمال هؤلاء الفنانين من خلال الصورة، وهذا المعرض يتيح رؤية حقيقية لهذه اللوحات بشكل مباشر على أرض الواقع إضافة إلى لمة الفنانين التشكيليين ووجودهم في هذه الاحتفالات الجميلة التي خسرناها منذ زمان.

قاعدة أساسية
على جدار صالة الشعب عُرضت لوحة الفنان عبد الكريم فرج الذي قال عن لوحته:
هذا المعرض بادرة عظيمة وطيبة وحقيقة تبني فكراً حداثوياً لأنه ينطلق من قاعدة الماضي، ومن ليس له ماض ليس له حاضر ولا مستقبل، ثم اكتشفنا من خلال هذه اللوحات أو تذكرنا لها أن هناك قاعدة حقيقية لإبداع متميز جداً وأهم شيء أنه له علاقة بالأرض والنسمة السورية بمعنى نسمة حب الأرض.
وأضاف: أنا مسرور جداً بهذه التظاهرة، وخاصة أن لوحتي عمرها 46 سنة معروضة، وشعوري أنني بنيت ثقافتي التنموية والإبداعية على قاعدة صحيحة، وعندما نظرت إلى لوحتي أحسست بأنها تنطق اليوم وأنا مقصّر بحقها وواجب عليّ أن أمنحها بهذه المسافة سبقاً جديداً وعصفاً ذهنياً وشعلة جديدة، ولكن هذه اللوحة هي النبض الحقيقي لكل إنتاج، واللوحة كانت بداياتي عام 1973، وفي ذلك الوقت كنت أعمل على «الليتوغراف» أي الرسم والطباعة الحجرية، وبالتالي أشعر بسعادة وكأنني عدت إلى شبابي وأنا ابن 76 عاماً.

إرث ثقافي
وعن أهمية عرض مقتنيات الاتحاد قال الفنان التشكيلي محمود جوابرة: معرض مقتنيات رقم واحد يقيمه اتحاد الفنانين التشكيليين، وهذه الأعمال جزء بسيط من نحو 800 عمل تمت أرشفتها كلها، فقد فتحنا المستودع بعد مرور 22 سنة على إغلاقه -منذ سنة 1998- وأخرجنا هذه اللوحات وعملنا على إعادة الحياة إليها وإعادة تأهيلها، هذه الأعمال تمتلك قيمة حقيقية تمثل الفن التشكيلي السوري المعاصر الذي بدأ مع هؤلاء الفنانين، معظم هذه الأعمال لفنانين رحلوا ولكنهم تركوا إرثاً ثقافياً مهماً جداً، ونسلط الضوء عليه حالياً، وأتمنى على كل وسائل الإعلام أن تضيء عليه وتقول إن الفن التشكيلي السوري كان ولم يزل حتى الآن متقدماً في فنون المنطقة العربية كلها.
وأضاف: أنا كفنان تشكيلي -من خلال رؤيتي- أرى أن الفنان الحقيقي يقترن بالحياة والبيئة ولا يخرج عن بيئته، ويحاول جاهداً توثيق إرثه الحضاري والثقافي، إما من خلال حالات إنسانية يمر فيها الفنان وإما من خلال التأكيد على التراث بما يحمل من قيم وعادات وتقاليد يُقدم ضمن رؤية بصرية فيها شيء من الحداثة، والأعمال تقريباً تمتلك من الحداثة ما هو مهم وواضح بشكل جيد.
وعن أهمية المعرض لطلاب الفنون قال: أغلبية أسماء الفنانين موجودة في كتب الفن التشكيلي، ويطلع الطلاب على أسمائهم وإنتاجاتهم بشكل موثق، وهنا من خلال المعرض يرى اللوحات معلقة وموثقة وحقيقية على الجدار، وهذه الأعمال مدفوع ثمنها من الاتحاد ويمكن عرضها للبيع في حال احتاج الاتحاد لمبلغ مادي معين.

رونق وجمال
وبدوره قال طلال بيطار: انطلاقة تجربة عرض مقتنيات الاتحاد ضرورة ليطلع الفنانون التشكيليون على بدايات الرواد الذين أصبحوا أسماء عالمية، وجاء تزامن المعرض مع مناسبة 16 تشرين الحركة التصحيحية، والحركة التشكيلية السورية غنية بالأعمال والفنانين الجديرين بالتقدير، ولكن التجارب الأولى للفنانين الرواد يبقى لها رونقها وجماليتها.

كنوز فنية
حقق المعرض غايته في استقطاب الفنانين الشباب، وعن المعرض قالت الفنانة الشابة ربا مروان قرقوط صاحبة معرض «أمواج من بوح»: من خلال هذا المعرض استطعت التعرف على أعمال الفنانين الكبار، وهي خطوة مهمة قام بها اتحاد الفنانين التشكيليين، ونحن يجب أن نتعرف على أعمال أهم الرواد في الفن التشكيلي السوري، فنحن كنا نسمع عنهم ولم نكن نشاهد أعمالهم، وهذه المقتنيات يجب عرضها من فترة لفترة لنتعرف على مؤسسي الفن التشكيلي السوري، في الحقيقة، المعرض جميل جداً من حيث التعدد والتنوع والمدارس الفنية الموجودة والتقنيات الفنية والأسماء الكبيرة، وفي الواقع أشعر وكأنني أرى كنوزاً حقيقية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن