يوم الخميس الماضي صادف عيد ميلاد فيروز، تلك الفنانة التي أمتعتنا طوال أعوام عديدة بصوتها الساحر، وعذب الكلام.
ولهذه الغاية خصصت إذاعة شام إف إم سبع ساعات متتالية وعلى مدى يومين لجمع أربع وثمانين حكاية عن فيروز، أو حكاية لأحد الأشخاص لهم حكاية ما مع فيروز، أربع وثمانون حكاية، أربعة وثمانون ربيعاً مزهراً.
وكان لي شرف المشاركة في تلك الحكايا وأظن أنني كنت صاحب الحكاية الرابعة.
قلت للإعلامية الصديقة هيام حموي التي كانت على الطرف الثاني من الهاتف: كنت أنوي كتابة حكايتي مع فيروز يوم الثلاثاء القادم في صحيفة «الوطن»، لكنك أحرقت أوراقي، فقالت: أبداً، سننتظر زاويتك يوم الثلاثاء، وها آنذا أكتب حكايتي.
لا تختلف يومياتي منذ الطفولة حتى يومنا هذا عن يوميات معظم السوريين الذين اقترن الصباح عندهم بصوت فيروز وأغانيها الرائعة الممزوجة بأشعار سعيد عقل وميشيل طراد وجبران خليل جبران وأبي نواس والأندلسيين، والمعجونة بألحان الرحابنة ومحمد عبد الوهاب وفيلمون وهبي ومحمد محسن وسواهم، كان هذا الغناء يوقظنا كل صباح ويرافقنا من البيت إلى المدرسة، فالنوافذ المفتوحة ترسل لنا أغاني فيروز عبر إذاعة دمشق وبرنامج مرحبا يا صباح، حتى قيل إنها إذاعة فيروز من دمشق.
عشقي لفيروز يعرفه المقربون مني، بمن فيهم زميل المدرسة وابن الجيران!
هذا الزميل قال لي مرة: هل أدلك على وسيلة تجعلك تحضر مسرحيات فيروز؟
استغربت ذلك لكنني أجبته بنعم.
في المساء ذهبنا أنا وهو إلى مسرح معرض دمشق الدولي وأنا لا أعرف كيف سندخل إلى المسرح وليس باستطاعتنا دفع ثمن البطاقة.
لكن فكرته (الشيطانية) تقوم على أننا، أنا وهو بالتظاهر بمساعدة الفرقة الموسيقية المرافقة، فنحمل الآلات الموسيقية إلى داخل المسرح والاختباء ونتابع المسرحية كأي مشاهد.
بعد سنوات طويلة، وفي عام 2008 تحديداً، وفي احتفالية (دمشق عاصمة الثقافة العربية) عاتبت الدكتورة حنان قصاب حسن، الأمينة العامة للاحتفالية لأنها لم ترسل لي بطاقة لحضور مسرحية (صح النوم) التي عرضت على مسرح دار الأوبرا، وهي من بطولة فيروز وأنطوان كرباج وآخرين، فاعتذرت وقالت: إن عدد البطاقات كان محدوداً والراغبون في الحضور كثر، وأنها أرسلت بطاقة واحدة لرئيس القسم الثقافي في كل الصحف واستثنيت رؤساء التحرير، فقلت لها: على كل لقد حضرت مسرحيات فيروز في حينها بأبطالها الأساسيين وليس بأبطال جدد، ثم حدثتها عن طريقة دخولي إلى تلك المسرحيات.
تأثرت الدكتورة حنان وقالت إنها ستحاول إقناع فيروز بإقامة حفلات جديدة في دمشق.
بعد فترة أبلغتني الدكتورة حنان أنها سردت (حكايتي مع فيروز) لمطربتنا الكبيرة، فأجابتها: لو كنت أعرف هذه القصة لأقمت حفلاً مجانياً للصحفيين السوريين!
وَيَا سيدتي فيروز، أنت أقمت آلاف الاحتفالات المجانية لكل السوريين، واليوم كل السوريين. يقولون لك: كل عام وأنت رمز الفن الراقي والصوت الآتي من عوامل السحر والخيال.