أي دماغ على رأس هذه المملكة؟ كيف، ومن أين، تدار هذه المملكة؟ وإلى أين تريد أن تصل بالعرب؟ إلى قدمي تيودور هرتزل أم إلى قدمي يوشع بن نون؟
اسألوا الإنكليز، واسألوا الفرنسيين، واسألوا الألمان، عن الفظاعات التي انطوت عليها صفقة القرن. تفكيك دول، وإلغاء دول، هل يتصور البلاط أن باستطاعته الاضطلاع بأي دور في ذلك الكوندومينيوم التوراتي لإدارة الشرق الأوسط؟
حتى ولو أخذ بفتوى عبد العزيز آل شيخ، الخارج للتو من العصر الحجري، حول التوءمة بين الكعبة والهيكل، كما حول المصالحة بين إسحق وإسماعيل.
أي مقارنة بين البنية القبلية، البنية العمياء، والمؤسسة اليهودية الضاربة في الطبقات العليا من الكرة الأرضية، لتكون الموازاة، ولتكون الشراكة، في إدارة المنطقة؟
ليقل لنا السعوديون أين وضعوا أيديهم، ولم يخرجوا بالأيدي الخاوية، الأيدي الملطخة؟ حدث ذلك في سورية، المليارات إما وضعت بين أيدي شذاذ الآفاق، الآتين من ثقافة الصفيح، أو بين يدي رجب طيب أردوغان الذي كان يلعب، بقدميه، بتلك الرؤوس الفارغة.
وأين السعوديون في اليمن، حيث الـ«غرنيكا» التي لا يتصورها الخيال، حتى خيال الأبالسة؟ القاذفات الهائلة تطحن عظام المحطمين، وحتى عظام الموتى، هل بقي من شيء هناك سوى الركام؟
متى يستيقظ ذلك العرش الميت، العرش المتعفن، حين يرتضي من أجل البقاء، البقاء فقط، أن يكون الحصان الخشبي، الحصان الغبي، لحاخامات القرن ولصفقة القرن؟
عادل الجبير غاضب لأن ناقلة النفط أفرغت حمولتها في سورية، سورية التي هي قلب العرب، وضمير العرب، وتاريخ العرب، الذي عجز عن قتل سورية عسكرياً، يراهن على قتلها اقتصادياً، هي الشقيقة الكبرى، كما تعلمون، ومليكها خادم الحرمين الشريفين.
الجبير، الدمية الكاريكاتورية بين يدي مايك بومبيو (الطنجرة الفارغة)، غاضب. يفترض بالسوريين أن يقضوا جوعاً ما داموا لم يقضوا بالقنابل التي قال خبراء معهد ستوكهولم إنها تفوق قنبلة هيروشيما بأضعاف الأضعاف.
هذه هي مهمة المملكة «مملكة جهنم»، تشغيل المصانع الأميركية في صناعة القاذفات، وفي صناعة الدبابات، وفي صناعة الصواريخ، التي لا مهمة لها سوى إزالة العرب من الوجود، أكثر من تريليوني دولار أنفقتها تلك الأنظمة الرثة على صفقات السلاح في أقل من ثلاثة عقود، لو تم توظيف هذا المال لبناء المنظومة العربية، هل كان ثمة من عاطل عن العمل؟ وهل كان ثمة من أميّ؟ وهل كان ثمة من يتضور جوعاً؟
لكنها مملكة جهنم أيها السوريون، عادل الجبير غاضب لأن ناقلة النفط أفرغت حمولتها في سورية، كان المنتظر أن تفرغها في إسرائيل.
ولا كلمة من البلاط عن الانتهاك العثماني للأرض السورية، على العكس، البلاط بقي يراهن على الفتات التركي حتى الرمق الأخير، تذكرون ظهور ثامر السبهان، بكل تقاطيع الثعبان، في الرقة و«فوق الخراب».
المملكة الكبرى، المصيبة الكبرى، طبيعي أن يغضب الجبير، وأولياء أمره، لأن صفقة القرن سقطت تحت أحذية السوريين، لولاهم لكانت القارة العربية سوقاً للعبيد.
ألا يعلم السعوديون ماذا فعل أردوغان بالمملكة؟ ألم يقل لهم أصدقاؤهم الأوروبيون إنه كان يسعى، وما زال يسعى، ليرفرف العلم التركي على قصر اليمامة؟ بالرغم من ذلك، لا كلمة عن الباب العالي، أي مهزلة حين تكون الدمية هي المايسترو الديبلوماسي في مملكة جهنم؟
هكذا القصة، الدخول إلى الحداثة من سروال جون ترافولتا، لنتصور عبد العزيز آل شيخ في حلبة الروك أند رول، الراقص بأسنانه بين الفتاوى التي لا تليق حتى بالقردة.
اقرؤوا الكلام الأخير لعادل الجبير حول أميركا، أي عبودية يمكن أن تكون هكذا؟ الاسترخاء بين أنياب مصاصي الدماء.