ليون زكي: «إدارة السيولة» أوقفت مستوردات السوريين عبر لبنان… ومخاوف من اتباع سياسة «الخصم القسري للدين»
| الوطن
أكد الخبير الاقتصادي ورئيس مجلس الأعمال السوري الأرميني ليون زكي أن الأزمة التي يعيشها لبنان راهناً جراء حركة الاحتجاجات الشعبية المطلبية، التي ألحقت ضرراً مباشراً وكبيراً على القطاع المصرفي، شلت حركة استيراد البضائع إلى سورية عبر لبنان، المنفذ الوحيد للمستوردات السورية جراء العقوبات المفروضة على الاقتصاد السوري، بسبب صعوبة التمويل والتحويل عبر المصارف اللبنانية.
وأبدى زكي، في حديث لـ«الوطن» خشيته من استمرار الوضع المصرفي على ما هو عليه في لبنان، في ظل القيود المفروضة من البنوك على سحب الدولار نقداً للبنانيين وغيرهم، بما فيهم السوريون، بحيث يتعذر سحب أكثر من 1000 دولار أسبوعياً في الوقت الحالي، وذلك في إطار سياسة المصرف المركزي اللبناني التي تسمى «إدارة السيولة» للحفاظ على احتياطيه من الدولار.
وقال: «من غير المعلوم ما السياسة التي سيتبعها المركزي اللبناني في هذا الأسبوع في ظل تكرار إغلاق أبواب المصارف اللبنانية بفعل الاحتجاجات، وذلك لتفادي تهافت المودعين على سحب ودائعهم، الأمر الذي قد يؤدي إلى تساقط المصارف مثل أحجار الدومينو، وعندئذ تغدو أمام خيار واحد لابديل عنه وهو الإفلاس».
وأضاف زكي: «بناء على هذه السياسة غير المعلنة رسمياً من المركزي اللبناني، بل بناء على تعليمات إدارية، توقفت المصارف عن فتح الاعتمادات أو إجراء الحوالات التجارية إلى خارج لبنان باستثناء تمويل ثلاث مواد فقط، هي الطحين والمحروقات والأدوية، ما سيؤدي إلى شح المواد الغذائية الأخرى المستوردة مثل اللحوم والزراعية كالبطاطا وغيرها، كما سينعكس هذا الوضع سلباً على العديد من القطاعات الإنتاجية وستتوقف المعامل لعدم توافر المواد الأولية، وستضطر إلى صرف العمال.
وفيما يخص المستوردين السوريين، قال الباحث ليون زكي: «السر المعلن هو أن لبنان كان وما زال نافذة سورية من أجل تحويل قيمة المستوردات، وتلك المبالغ جمدت حالياً وليس بالإمكان تحويل أي مبلغ خارج لبنان لأي سبب كان، وهذا بدوره سيوقف المستوردات السورية من كل الأصناف، وليس من السهل إيجاد البديل حالياً وبشكل فوري».
وتخوف، وفي ظل تراكمات الأزمة اللبنانية وتداخلاتها وتداعياتها وتأخر المشاورات النيابية لتشكيل حكومة جديدة، من لجوء المركزي اللبناني إلى فرض إجراء مالي اسمه «الخصم القسري للدين/ قص الشعر»، إذا ما قررت الدولة اللبنانية إعادة هيكلة دينها أو تغيير جدولة وعمليات التسديد، ووحدة قياسها دائماً النسبة المئوية «ويدور حديث في أوساط المودعين والمستثمرين في لبنان أن هذه العملية المالية، فيما لو طبقت فإنها ستلتهم ما نسبته ٤٠ بالمئة من قيمة الإيداعات، أي إن صاحب المودع بقيمة ١ مليون دولار سيحصل على 0.6 مليون دولار فقط، بدل فقدان المستثمر أو المدين كل ما يملك في حال إفلاس المصرف، واعتبر «إدارة السيولة» أفضل من «الخصم القسري للدين» لأن الأولى توفر فائدة شهرية وحفظ الوديعة كاملة ودون أي حسم، أما الأخيرة فتقتطع حسماً محدداً من الوديعة وبشكل نهائي.
وعزا ما يحدث في لبنان من الناحية الاقتصادية، إلى أن مديونيته العالية والتي تعد الثالثة عالميا «بعدما وصل دينه العام إلى 85 مليار دولار، وبما أن دخل لبنان السنوي 12 مليار دولار ويصرف 17 ملياراً، فالدين العام يزداد 5 مليارات سنوياً، بالإضافة إلى فوائد الديون المحلية والعالمية، كما تصل قيمة مستورداته الإجمالية إلى ٢٠ مليار دولار مقابل ٣مليارات دولار قيمة صادراته، أي عجز ميزانه التجاري يبلغ ١٧ مليار دولار سنوياً».
وتابع بقوله: «مجموع ودائع كل المصارف في لبنان 170 مليار دولار، علماً بأن الناتج المحلي 55 مليار دولار، ويأتي الفرق بين الرقمين من أصحاب الودائع غير اللبنانيين وخاصة السوريين والعرب الآخرين، على حين يبلغ مجموع استثمار المصارف في المصرف المركزي 110مليارات دولار، وهو المبلغ الذي دفعه المركزي لسد عجز الدولة، علماً أن رأسمال المركزي أقل من 40 مليار دولار، أي المركزي مكشوف على 70 مليار دولار، وعند الانهيار سيجري حسم هذا المبلغ من الودائع أي 70 ملياراً من 170 ملياراً وتصبح الودائع 100 مليار في أحسن الأحوال، أي تحسم من الودائع نسبة 40 بالمئة، وهو ما دفع المركزي إلى اتباع سياسة «إدارة السيولة» على الرغم من اعتبارها انتحاراً للبنان المعروف كسويسرا الشرق وكملجأ مصرفي آمن أضاع الثقة التي من الصعب إعادتها، ولا حتى بعد عقد من الزمان، بعدما دخل البلد مرحلة الإفلاس وبات تحاشي الانهيار شبه مستحيل، بدليل خفض وكالة «موديز» تصنيف لبنان من Caa1 إلى Caa2 ووضعه قيد المراقبة لفرض تخفيضات في الأشهر الثلاثة المقبلة، في وقت خفضت الوكالة التصنيف الائتماني لأكبر ثلاثة مصارف في البلاد (عوده وبلوم وبيبلوس)- من حيث الأصول- إلى مستويات أعلى للمخاطر».