72 ألف أصم ينتظرون إنصافهم بالحصول على حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة … صالح لـ«الوطن»: مبنى جمعية الصم بدمشق مهدد بالانهيار … الأصم ممنوع عليه فتح حساب مصرفي ولا إجازة سوق ولا دراسة كثير من الفروع
| محمود الصالح
قبل 60 عاماً أحدثت جمعية الصم والبكم في دمشق، نتيجة جهود البعض من الشباب الصم من أبناء حي ساروجة في دمشق، بهدف توحيد جهودهم، وتنظيم نشاطاتهم، ونقل لقاءاتهم من المقهى الذي يجتمعون فيه إلى مؤسسة ترعى شؤونهم، ولأنهم أدركوا حجم معاناتهم فقد أرادوا أن يسهلوا الطريق على الأطفال الصم، فجعلوا من البيت الذي استأجروه مقرا للجمعية روضة لاستقبال الأطفال ذوي الإعاقة السمعية. بهذا التمهيد يعرفنا رئيس جمعية الصم بدمشق حسن أحمد صالح على الجمعية، التي وصلت في الوقت الحالي إلى حالة مزرية نتيجة تخلي المجتمع المحلي ووزارة الشؤون عنها.
وأشار إلى وجود أكثر من 3800 شخص أصم بين رجل وامرأة في دمشق ينتسبون إلى هذه الجمعية على أمل أن تقدم لهم بعض ما يحتاجونه لتحقيق اندماجهم في المجتمع، ويحاول رئيس الفريق التطوعي محمد كيالي أن يترجم لنا إشارات رئيس الجمعية، لكن بالتأكيد لا يستطيع أن ينقل لنا عمق معاناته جراء تخلي الجميع عن واجباتهم تجاه هذه الفئة المجتمعية من الناس.
وأكد كيالي أنه قبل عام 2019 كانت المعاناة الأساسية لأعضاء الجمعية تتمثل في عدم وجود مترجمين يعملون على ربط أعضاء الجمعية في محيطهم الاجتماعي، حتى تم تأسيس الفريق التطوعي والمؤلف من 120 شاباً وصبية من طلاب الجامعات في دمشق، الذين تم تدريب عدد منهم على لغة الإشارة، ودخلوا إلى عمل الجمعية بشكل يومي تنظيماً لنشاطاتها، وسعياً لدمج أفرادها في المجتمع.
ولخص رئيس الجمعية معاناتهم ومطالبهم العاجلة بضرورة العمل من وزارة الشؤون أو محافظة دمشق أو أي جهة على الإسراع في ترميم المبنى المستأجر للجمعية المهدد بالانهيار نتيجة عدم إجراء أي ترميم له منذ سنوات، بسبب معارضة مالك هذا المبنى المستأجر منذ عام 1961 وكذلك عدم وجود أي مورد لتأمين نفقات هذه الجمعية التي يفترض أن تضم جميع الصم من أبناء دمشق والبالغ عددهم 7500 شخص، لكن عدم وجود موارد أدى في عام 2009 إلى نقل روضة الأطفال التي وجدت منذ تأسيس الجمعية إلى معهد في برزة، وخلال السنوات الماضية لم يكن هناك أي مورد سوى ما يتم جمعه من المساجد في رمضان الذي لا يتجاوز 3 ملايين ليرة على مدار العام يذهب 500 ألف أجرة المبنى، وهناك نفقات فواتير كهرباء وماء وغيرها، إضافة إلى نفقات شهرية للجمعية لا تتجاوز 200 ألف.
وبين أن هذا الوضع حرم أعضاء الجمعية من القيام بأي نشاط أو تقديم أي مساعدة للأعضاء المحتاجين، على عكس ما كان عليه الحال قبل الأزمة، حيث كان أهل الخير يمدون يد العون للجمعية.
وأكد صالح أن هناك معاناة تشمل أكثر من 72 ألف أصم في سورية، من خلال حرمانهم من أبسط حقوقهم الإنسانية بعدم السماح لهم بأي نوع من أنواع التملك، وهذا مخالف للقانون 34 الخاص في أصحاب الإعاقة الذي يعطي باقي المعاقين كل حقوقهم الإنسانية، مضيفا: اليوم للأسف الشديد لا يسمح للأصم بفتح حساب مصرفي ولا الحصول على إجازة سوق، ولا الدراسة العلمية، حيث يقتصر طريق الدراسة على الفرع الأدبي، وهناك تخصص مكتبات أو التربية الخاصة فقط، على عكس أصحاب الإعاقة الآخرين، علما أن الأصم لديه من القدرات ما يفوق أقرانه، فهناك المصورون ومزينو الشعر وأنا أعمل في الخط العربي وقمت بترميم قاعة الاستقبال في القصر الجمهوري وقصر العظم، ليس هذا فحسب بل إن تاريخ الجمعية والجوائز التي حصل عليها الأعضاء في الرياضة والثقافة والفنون خلال سنوات طويلة شاهد على امتلاكهم الكثير من الإمكانيات البشرية والإبداعية.
وكشف كيالي انه للمرة الأولى يتم في هذا العام الدراسي ترجمة المحاضرات في المدرج الجامعي للطلاب الصم، من أعضاء الفريق التطوعي، وهذه خطوة مهمة جديدة في عملية دمجهم في المجتمع.
وأكد كيالي أن هناك معهداً تابعاً لوزارة الشؤون في باب مصلى للمعوقين سمعياً يدرس فيه الطالب الأصم من الأول الابتدائي حتى الثالث الثانوي، مضيفاًً: لكن الحقيقة أن هؤلاء للأسف لا يعرفون معنى ما يدرسونه، لأنه لا يرتبط بالحياة ولا بالدراسة العليا في الجامعات، لذلك نجدهم عندما يدخلون الجامعة لا يوجد أي معلومة لديهم يمكن أن تربطهم بالتعليم العالي. وأغلب هؤلاء الشباب كانوا يتمنون أن يفسح لهم المجال لدراسة كل أنواع العلوم الطبية والهندسية والإنسانية، لأنهم يمتلكون الإمكانية للإبداع في كل مجالات العلوم.
ولفت صالح إلى أنه بفضل وجود الفريق التطوعي يتم في هذا العام إقامة نشاطات فنية ورياضية وترفيهية، حيث يوجد أغلب أعضاء الجمعية يومين في الأسبوع الإثنين للشباب والرجال من مختلف الأعمار والثلاثاء للنساء كذلك من مختلف الأعمار، وبدعم كريم من السيدة الأولى أسماء الأسد تم منح الجمعية عدداً من أجهزة الحاسب والإعانات الأخرى، التي استطاع أعضاء الفريق التطوعي استثمارها لمصلحة أعضاء الجمعية من خلال استخدام معظم البرامج، ويتوق أعضاء الجمعية إلى حشد الرأي العام إلى جانبهم للعمل على منحهم ما يستحقون من حقوق إنسانية وقانونية وتعليمية، إضافة إلى قيام وزارة الشؤون الاجتماعية بدورها المطلوب تجاه الجمعية، وكذلك السعي لمساندة المجتمع المحلي.