افتتاح فيلم «دم النخل» في كندي طرطوس … نجدة أنزور لـ«الوطن»: الفن يتحول إلى قيمة عليا ليس بمقدار ما يحصد من جوائز إنما عندما يتمكن من الولوج إلى الوجدان الإنساني
| سارة سلامة
شهدت سينما الكندي في مدينة طرطوس مساء أمس افتتاح العرض الخاص لفيلم «دم النخل» للمخرج نجدة أنزور، والفيلم من تأليف ديانا كمال الدين وإنتاج المؤسسة العامة للسينما بالشراكة مع مؤسسة أنزور للإنتاج الفني والتوزيع، بطولة لجين إسماعيل وجوان خضر ومصطفى سعد الدين ومحمد فلفلة وعدنان عبد الجليل ومجد نعيم وعامر علي وقصي قدسية ومحمود خليلي وليلى بقدونس وسوار داوود وحمادة سليم ونبيل فروج وإيمان عودة ومجدي مقبل وياسر سلمون وفادي عبد النور وعلي الماغوط وأوس وفائي ونور خلف ومحمد الويسي والطفل علي السلموتي.
ويشكل الفيلم وثيقة كتبها أبطال الجيش العربي السوري بدمائهم، التي يطول عنها الحديث، في مدينة أثرية لطالما حملت لواء الحضارة والشهامة تيمناً بعظمة زنوبيا واليوم نرى أحفادها يهرعون للدفاع عنها، الفيلم يسلط الضوء أيضاً على رحلة عالم الآثار السوري ابن مدينة تدمر خالد الأسعد، وكل الأعباء التي حملها للدفاع عن المدينة وتاريخها العريق لتبقى قضية قتله وصمة عار على مرتكبيها.
ويحكي الفيلم عن أبرز أوابد المدينة الأثرية التي دمرها تنظيم «داعش» الإرهابي، ويوثق سيرة حياة عالم الآثار الشهيد خالد أسعد الذي أعدمه هذا التنظيم الإرهابي وهو يدافع عن كنوز مدينة تدمر رافضاً المغادرة وتركها للسلب والنهب، فدفع روحه ثمناً لذلك.
كما يتحدث عن البطولات التي ساهمت في تحرير تدمر من الإرهاب، متناولاً الجرائم التي ارتكبها التنظيم الإرهابي بحق الأوابد الأثرية، وكاشفاً المخطط الهمجي الذي كان وراء تدمير أبرز معالم المدينة الأثرية ومن يقف وراءها.
ويستحضر الفيلم شخصية وعظمة الملكة زنوبيا مع الطفل خالد الأسعد من خلال التلاقي بين الماضي والحاضر.
تفاصيل وأحداث
ويستخدم أنزور مدينة تدمر كخلفية لقصة ثلاثة جنود ينتمي كل فرد منهم لمدينة سورية مختلفة وقد تم تكليفهم بنقل آثار مهمة من تدمر إلى دمشق. وفي تدمر يلتقون عالم الآثار السوري خالد الأسعد الذي يسلم كل منهم دفتراً صغيراً لكتابة ما يرونه ويفعلونه خلال فترة تكليفهم. وبعد أن ينتهي مصير الثلاثة بالموت تصل دفاتر الملاحظات إلى يد صبي صغير قُتل والده لأنه كان يخبئ جندياً في منزله. وخلال جميع مشاهد القتل تظهر امرأة مرتدية السواد أمام الضحايا والآثار المدمرة ليكتشف المشاهد في وقت لاحق أن هذه السيدة هي زنوبيا ملكة تدمر التي تمسك بيد الطفل الصغير نحو المستقبل. وتعيش سورية التي تضم آثاراً من الحضارات البابلية والآشورية والحيثية واليونانية والرومانية على وقع حرب متعددة الأطراف منذ 2011 ما أغرى البعض بنهب المتاحف والمواقع الأثرية أو تدميرها.
الفن قيمة عليا
وفي تصريح خاص لـ«الوطن» بين المخرج نجدة أنزور أنه: «وعَبْرَ هذا الجمهور العظيم الذي أعطى وضحّى وما زال مستمراً بالتضحية، لا بد من إيصال رسالة للذين يعتقدون أنهم مترفعون عن هذا النسيج وأنهم وحدهم يشعرون بالبرد، أما أنا فأشعر بالدفء الذي غمروني به، وأجزم أن عنوان أي نجاح عمل فني هو مقدار هذا الدفء وتفاعل الجمهور معه».
وأضاف أنزور إن: «الإحساس بالعبث يكون عندما نفصل الإبداع عن آلام الوطن وقضاياه وهمومه التي باتت عميقة، ليس الفنانون وحدهم من قاسى البرد في أحلك أيام بلدنا، بل كل أبناء الوطن تشاركوا همومه ومعاناته ونحن جميعاً نخجل ولا ننام الليل عندما نرى تضحيات جيشنا العربي السوري وأهالي الشهداء ومعاناة الشهداء الأحياء جرحى جيشنا العظيم وما يتحمّلوه من معاناة يومية».
وأكد أنزور أن: «الفن يتحول إلى قيمة عليا ليس بمقدار ما يحصد من جوائز كما يحرص البعض، إنما عندما يتمكن هذا الفن من الولوج إلى أعماق الوجدان الإنساني وخاصةً في لحظات الآلام التي يعيشها المواطن في كل بقعة من هذا الوطن العزيز. لم يعد مسموحاً لنا مقاربة الأشياء بما فيها السينما والدراما والفن بالطريقة النمطية السابقة، فنحن لسنا مترفين وعلينا تغيير تفكيرنا بشكل جذري».
وأوضح أنزور أن: «التنافس يشحذ الهمم ويرتقي بالنوع ويصقل الموهبة، أما الغيرة فهي قاتلة لكل ذلك وهي أول من تقتل صاحبها، حيث يتحول النقد إلى ثرثرة والرأي إلى اتهام والموقف إلى قذف وكل هذا معاد».
وختاماً قال أنزور: «لقد آن الأوان كي نمجد أبطالنا بأعمال سينمائية لها صفة الاستدامة والخلود، وآن الأوان كي نتغير جذرياً ونرتقي بفننا نحو الأفضل كي نستحق القادم من الأيام».